حياة وهاب أرسلان... مسيرة رسخت حضور المرأة اللبنانية في مواقع صنع القرار

لا يمكن الاطلاع على الواقع النسوي في لبنان دون التوقف عند مسيرة الناشطة في مجال حقوق المرأة حياة وهاب أرسلان التي ساهمت بترسيخ حضور المرأة في كافة ميادين الحياة ولاسيما السياسية منها

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ لا يمكن الاطلاع على الواقع النسوي في لبنان دون التوقف عند مسيرة الناشطة في مجال حقوق المرأة حياة وهاب أرسلان التي ساهمت بترسيخ حضور المرأة في كافة ميادين الحياة ولاسيما السياسية منها.

انطلقت حياة وهاب أرسلان من واقع أن تمكين المرأة هو المدخل الأساس لولوجها العمل العام، في تحقيق العديد من الإنجازات في مجال العدالة الاجتماعية، متكئة على إرث نضالي نسوي حققته نساء رائدات مطلع القرن الماضي، فبادرت أولاً إلى توظيف حضورها العام من أجل تأطير عمل النساء في مؤسسات مجتمعية، عبر نشاطات أخرجت المرأة من عزلتها، ومهدت أمامها الطريق لتكون حاضرة ومؤثرة في مجتمعها، وتالياً في رحاب العمل النسوي السياسي.

 

جمعية لبنان العطاء الخيرية

تقول حياة وهاب أرسلان لوكالتنا "انتمائي أوسع من البيت السياسي الذي نشأت فيه، فما يهمني هو قضية العدالة الاجتماعية، فعندما كنت أجد الناس لا يستطيعون شراء حاجياتهم، أو تأمين أدوية لأطفالهم، ومصاريف المدارس، فإن هذا الأمر كان يستفزني جداً، لذا أنشأنا "جمعية لبنان العطاء الخيرية" التي ساهمت منذ العام 1983 بالكثير من النشاطات ولا سيما ما يتعلق بتمكين المرأة لتطوير مهاراتها، فقد بدأنا مشروعاً امتد على عقود من الزمن، وساهم بتعليم مئات الفتيات حرفاً يدوية مختلفة، ما ساهم بتمكين المرأة وساعدها بالمساهمة في تعليم أطفالها وتوفير الحياة اللائقة لأسرتها واستقلالها المادي والمعنوي".

 

هيئة تفعيل دور المرأة في القرار الوطني والكوتا النسائية

لم يتوقف عمل حياة أرسلان عند النشاطات المجتمعية بل شاركت في العمل السياسي أيضاً، "كان لي شرف المشاركة في تأسيس "هيئة تفعيل دور المرأة في القرار الوطني"، والآن أشغل منصب رئيسة الهيئة التي تضم عدداً كبيراً من النساء الفاعلات والمؤمنات بأن وجود المرأة في مواقع صنع القرار السياسي يعتبر مصدر مهم وأساسي لتطوير وبناء البلاد".

وعن أهداف الهيئة وما يسعون إليه أوضحت "تهدف الهيئة إلى تأمين وصول المرأة إلى مراكز القرار، وبالفعل استطعنا وبنشاط مكثف من عام 2000 وحتى 2004 في أن نساهم بوصول نساء إلى بعض الوزارات، ولأول مرة في تاريخ لبنان ومنذ ذلك الوقت وصلت المرأة إلى السلطة التنفيذية ولو بأعداد قليلة، ولكن الأهم أنه لم يعد هناك تجاوز لوجود المرأة في مراكز القرار السياسي".

وحول مساهماتهم في مجال العمل السياسي، قالت "ساهمت الهيئة في عام 2013 بتأسيس طاولة حوار المجتمع المدني بالتعاون مع ناشطين وناشطات في المجال السياسي، وكان توجهنا الأهم العمل من أجل إقرار الكوتا النسائية التي لم يتم اعتمادها ضمن القوانين في المجلس النيابي، كما عملنا على تشجيع النساء على الترشح سواء للانتخابات البلدية أو النيابية وخوض غمار العمل السياسي".

وأضافت "انسجاماً مع المقررات الدولية والمواثيق التي وقع عليها لبنان منها مؤتمر بكين، على الدول الموقعة تخصيص نسبة 30% من المقاعد في الوزارات والمجلس النيابي والمراكز الإدارية وغيرها من المؤسسات للنساء، ولكن لبنان ما زالت بعيدة جداً عن هذه النسبة، فمن بين 30 وزيراً هناك وزيرة واحدة فقط في الحكومة الحالية والذي كان من المفترض تواجد عشر وزيرات في الحكومة وفق نسبة الكوتا المحددة".

وأشارت إلى أنه "حتى وقت ليس ببعيد لم تكن هناك نساء في سلك القضاء بذريعة أنهن تتأثرن عاطفياً، واليوم نشهد نسبة لا بأس بها للنساء في السلك القضائي والتي تشكل 40%، فنسبة النساء اللواتي تتفوقن في دراسة القانون والقضاء تفوق نسبة الرجال، ففي إحدى المرات اضطر المسؤولون إلى إلغاء دورة كاملة كون الناجحات من النساء فقط"، وشددت على ضرورة المساواة بين الجنسين "يجب أن تصل نسبة الكوتا إلى 50%".

 

المرأة في السلطة التنفيذية

وعن أبرز الإنجازات التي حققتها الهيئة تقول "لعل الإنجاز الأهم هو ما حققناه بالنضال اليومي الذي أدى إلى وصول النساء إلى السلطة التنفيذية في لبنان، فما بين عامي 2001 ـ 2004 أطلقنا حملة قمنا خلالها بزيارة السياسيين وأقطاب الدولة بحثنا خلالها مشاركة النساء في الحكومة، كما نظمنا وقفات احتجاجية واعتصامات بمشاركة نساء فاعلات في مراكز عليا في البلاد".

وأضافت "أدت هذه الجهود وللمرة الأولى في لبنان إلى مشاركة وزيرتين وهما ليلى الصلح ووفاء الضيقة حمزة في حكومة الراحل عمر كرامي عام 2004، وبعدها كرت السبحة ليكون هناك مكان للنساء في الحكومات المتعاقبة، إلى أن شهد عام 2011 عدم تقلد أي امرأة سدة أي وزارة في حكومة نجيب ميقاتي، وهو ما أسفر عن اعتصام النساء في كافة المناطق بالإضافة إلى تنظيم وقفة احتجاجية ضد القرار لمدة خمس دقائق، ونادينا بأن أي حكومة بلا نساء تساهم بالعودة إلى الخلف".

ولففت إلى أنها كانت "عضواً في الهيئة الوطنية للمرأة اللبنانية ما بين عامي 2008 ـ 2014، لقد حققنا آنذاك الكثير من الإنجازات على مستوى المجتمع، وساهمنا في اتخاذ العديد من القرارات وسن القوانين المتعلقة بحقوق المرأة، وكذلك تأسيس مؤسسات تخدم المرأة والمجتمع".

 

دور المرأة في مواجهة الأزمات

وعن دور المرأة في مواجهة الأزمات، قالت "تأثر لبنان بأزمة اقتصادية مدمرة وعلى الرغم من ذلك واجهت المرأة تلك الأزمة وصمدت أمامها، فهي كل يوم تبرهن أنها أهل لحمل المسؤوليات المختلفة، وأن تكون أول من يقدم الاهتمام والمتابعة، نجد خطوات رائدة ومتقدمة لإشراك المرأة في المجال السياسي، للمرأة دور وأهمية كبيرة لدورها في بناء السلام والقرارات الصادرة عن المنظمات العالمية والمتعلقة بالسلام والمرأة".

 

المرأة والجائحة

وأشارت حياة أرسلان إلى أنه "خلال السنتين الماضيتين مررنا بأزمة صحية بسبب جائحة كورونا، وبظروف صعبة للغاية انعكست على البشرية عامة، وكانت المرأة مثابرة، وتهتم ليس بصحة عائلتها فحسب، بل بصحة المجتمع وبشكل مؤثر ولافت، وكانت رأس حربة في صفوف المواجهة الأمامية لحماية عائلتها ومجتمعها، للأسف أثرت بشكل سلبي على عملنا، واقتصر عملنا في الفترة الماضية على اجتماعات افتراضية عبر الانترنت".

واختتمت حياة أرسلان حديثها بالتأكيد على أنهم "حالياً نركز جهودنا على دعم المرأة في الانتخابات النيابية التي ستجري في منتص أيار/مايو المقبل، من خلال طاولة حوار المجتمع المدني، ومستمرون بدعم النساء لخوض المعركة الانتخابية وتأمين وصول أكبر عدد من النساء، والأهم أن تنتخب المرأة قرينتها".