هيام الجنايني توضح أسباب عدم وصول النساء لمراكز صنع القرار

كثير من المعوقات تحول دون وصول النساء لمراكز صنع القرار في مصر، وهو ما يقضي على جانب ليس بالقليل من طموحاتهم وتطلعاتهم في مجتمع تسيطر عليه الثقافة الأبوية التي تميز بين الجنسين على أساس النوع الاجتماعي.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعاني الكثير من النساء من الأفكار الرجعية التي تقتصر التصعيد الوظيفي والسياسي على الرجال بقرار اعتمد على نوعهم الاجتماعي ولا علاقة له بكفاءة الشخص أو القدرة على العطاء والتحمل أو حتى مهاراته والقدرات التي يمتلكها أيهما.

خاضت الكثيرات معارك غير عادية لانتزاع مساحة لهن وسط المجتمع الذي رسخ في أفكار ابنائه أن المرأة أدنى من الرجل وأن وصولها لمنصب إداري في مكان يعمل به رجال انتقاص من رجولتهم دون مراعاة للعدالة ومبدأ تكافؤ الفرص الذي يعد حق أصيل للمواطنين داخل البلد الواحد بدون تمييز.

والتقرير التالي يقف على أهم الأسباب التي تحول دون وصول النساء لمراكز صنع القرار رغم امتلاك الكثير منهم للمهارات التي تؤهلهم لذلك، وتفنيد أبرز الشائعات التي يتم طرحها حول التمييز النوعي بين الرجل والمرأة في المناصب والتي لا تمت للواقع بصلة.

 

التشريع لا يميز بين الجنسين... والأزمة في الثقافة الرجعية

أكدت المحامية المتخصصة في قضايا العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، هيام الجنايني، على أنه لا يوجد ما يمنع المرأة من الوصول لمناصب ومراكز صنع القرار تشريعياً، وأن التفرقة الوحيدة المرتبطة بالنوع مجرد التمييز الإيجابي في مرحلة إنجاب الأطفال ورعايتهم فقط.

وأرجعت السبب في تلك العراقيل التي تواجه النساء في سوق العمل والترقي بل والمشاركة السياسية والوصول لمراكز صنع القرار لثقافة المجتمع الذي لا يعترف بوجود المرأة في القيادة، واعتبرت أيضاً أن الأزمة كذلك في الفكر الأبوي ذاته الكاره لترقي المرأة وتصعيدها باعتبار أن ذلك ينتقص من الهيمنة المكتسبة بالنوع الاجتماعي والتفضيل الثقافي المتجذر في نفوس المواطنين.

 

أسباب التنميط الرافض لإظهار قوة المرأة في الثقافة المؤسسية

اعتبرت هيام الجناينى، أن التنميط المرتبط بطبيعة عمل المرأة أحد أهم الأزمات التي تواجهها وتسعى بكل ما أوتيت من قوة للتخلص منها ولكن في كثير من الأحيان تبذل تلك الجهود بلا جدوى، لافتةً إلى أنه رغم وجود عدد ليس بالقليل من الوزيرات في الحكومة المصرية ولكن كما جرت العادة يتم البعد عن الوزارات الشائكة والتي تحتاج للرجال رغم وجود نساء وعلى درجة من الكفاءة كما هو الحال في وزارتي الداخلية والدفاع على سبيل المثال، وتواجد المرأة في كثير من الأحيان بالمراكز القيادية يأخذ الصورة النمطية مهما امتلكت من مهارات.

وشددت على أن الأمر ليس مقتصر على الحكومة وحدها ولكنها ثقافة مؤسسية في مختلف القطاعات، فكلما أوشكت المرأة على الوصول لمركز قيادي تحارب من مختلف الجهات وكأنها عار على جبين هذا الصرح الذكوري المهيمن بلا ضمانات لاستمراريته.

 

المهارات في مجلس النواب ليست كافية للحصول على المقعد

وترى هيام الجنايني أن مؤهلات النساء وقدراتهن ليست معيار التمثيل البرلماني والوصول للمقاعد فهناك عوامل منها ما هو مادي مرتبط بالقدرة على الإنفاق والآخر قبلي لجلب عدد أكبر من الناخبين تتحكم في هذا المشهد، معتبرةً أن اختيار الكوتا يعتمد على النظام العائلي والقبلي ولا يتم على أساس قدرة المرأة على المشاركة في الحياة السياسية أو التمثيل أو حتى حجم ما تمتلكه من مهارات قيادية.

وأكدت على أن هناك الكثيرات بالفعل مؤهلات ومتواجدين في المناخ السياسي وفاعلات ومشاركات في الأحداث ولكنهن للأسف لا تستطعن دخول الانتخابات البرلمانية أو الحلم بنيل مقعد لهن هناك لعدم قدرتهن على الانفاق على الدعاية والترويج لأنفسهن.

 

شائعات تنال من أحقية المرأة في الوصول لمراكز صنع القرار لا علاقة لها بالواقع

أحقية النساء في الوصول لمراكز صنع القرار تم الاعتداء عليها منذ الصغر خاصةً أن هناك مجتمع يربيهن على أن مستقبلهن يكمن في الزواج وأنهن أدنى من الرجال، ولن تستطعن الترقي أو الوصول لكونهن الأقل ولديهن مهام أخرى لا علاقة لها بالمجال العام أو سوق العمل والحياة السياسية.

وأوضحت هيام الجنايني، أن واحد من أكثر الشائعات التي تحتاج لوعي كامل بحقيقتها مسألة أن عمل المرأة قاصر على مهامها المنزلية ورعاية أسرتها وأن لذلك الأولوية في حياتها، وهنا نحتاج لوقفة وفهم لموقف الرجل من تلك المسؤولية فهو شريك وعليه نفس المسؤولية التي ألقى بها المجتمع على كاهل المرأة ليضعفها ويقلل من قدراتها ويحصر دورها، فالشراكة في الحياة الزوجية تعني أيضاً تشارك المهام وبالتالي فالادعاء أن وقت المرأة في عملها أقل من الرجل لمسؤوليتها تجاه أسرتها وهم صنعه المهيمن الذكر ليسيطر على المرأة في المنزل وينتقص من حقوقها في سوق العمل والمجال العام.

وشددت على أن النساء في مصر بحاجة إلى إتاحة فرص متكافئة لكلا النوعين وعادلة لا علاقة لها بالفرضيات والاحتمالات أو حتى تلك الثقافة الوهمية المترسخة، لتنتهي اسطورة استحقاق الرجل دون المرأة سواء في الوظيفة أو الانتخابات، أو المشاركة السياسية، ويتم ايقاف حالة العداء الذكوري الموجه ضد كل امرأة وكأنها تنتقص من قيمته لمجرد طلبها أبسط حقوقها العادلة سواء في الترقي أو الاحترام والتعامل معها كمواطن كامل الأهلية.

 

من واقع التجارب: حرمان نساء من الترقي للتخلص منهن

هناك الكثيرات تحرمن من الترقية لتمنح للرجال، بحسب ما روته المحامية هيام الجنايني من تجارب صادفتها في مجال عملها، مؤكدةً أن هناك انتقاص لحقوق النساء بسبب التمييز المبنى على أساس النوع الاجتماعي وليست قدراتهن ومهاراتهن أو حتى ما تستطعن تقديمه لمكان العمل أو في المجال السياسي.

وأوضحت أنها وجدت الكثير من القضايا الشبيهة ومنها على سبيل المثال حرمان طالبات من التعيين معيدين في الجامعة واختيار الرجل رغم أن كلاهما حصل على نفس التقدير والتميز، ولكن كالعادة فهناك تفضيل للرجال.

وروت هيام الجنايني واقعة هي الأسوأ تمثلت في قيام واحدة من المؤسسات بنقل مجموعة من الموظفات من فرع العمل بالقاهرة إلى محافظة الإسكندرية في محاولة للالتفاف وفصلهم من العمل وهو ما حدث بالفعل لزيادة عدة الساعات التي كان يستوجب عليهن قضائها في رحلة الذهاب والعودة يومياً، والأزمة الأكبر هي التخلص منهن لمجرد تقليل العدد دون التفكير في مبدأ عادل يتساوى فيه الجنسين سواء في الفصل أو الترقي.