حورية مشهور: نرفض أي تشكيل حكومي دون نساء استناداً إلى المرجعيات ولا تختبروا صبر النساء
أكدت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية السابقة حورية مشهور رفض تشكيل الحكومة الجديدة بدون تمثيل نسائي، وقالت إن الحركة النسائية تدرس الخطوات القادمة لضمان تمثيل المرأة في كل مفاصل الدولة
نور سريب
اليمن ـ .
تشكلت الحكومة اليمنية الجديدة في 30 كانون الأول/ديسمبر 2020 بدون أي تمثيلٍ نسائي رغم الضغوطات التي ابدتها الحركات النسوية منذ نشر التسريبات المتعلقة بتشكيل الحكومة التي ضمت 24 وزيراً مما شكلَ انتهاكاً واضحاً لحق إشراك النساء في العملية السياسية.
وفي لقاء خاص مع وزيرة حقوق الإنسان اليمنية السابقة حورية مشهور بعثت رسالة لكل السياسيين اليمنيين رفضاً لتهميش النساء، وحرمانهنَّ من حقهنَّ في المشاركة بصناعة القرار، واستعرضت المعوقات التي حالت دون إشراكهنَّ في البرلمان اليمني، كما وتحدثت عن عملها في وزارة حقوق الإنسان.
كنتم في الحكومة اليمنية، هل يعد الوصول إلى السلطة في اليمن أمر سهل؟
إذا كنت عضواً في حزب سياسي أو شخص ذا نفوذ، أو صاحب مكانة اجتماعية كأصحاب المال أو الأعمال، أو شيخ قبيلة فالوصول إلى السلطة عبر هذه القنوات سهل إلى حد كبير في اليمن، ولكن أن تكون شخصاً مستقلاً يصبح الأمر أكثر صعوبة، وتعييني في وزارة حقوق الإنسان جاء بناءً على نشاطي في مجال دعم حقوق النساء، وبسبب انضمامي للثورة الشبابية الشعبية السلمية في 2011.
والفرص أمام النساء عادة ما تكون محدودة حتى بالنسبة لعضوات الأحزاب السياسية؛ لأنهنَّ لا يتواجدنَّ في السلم القيادي الأعلى للحزب إلا نادراً.
برأيكم ما الذي يعيق النساء عن التواجد في البرلمان؟
الذي يعيق النساء من التمثيل في البرلمان عدم وجود إرادة سياسية، وعدم استجابة الأحزاب للقيم المدنية والديمقراطية، وضعف القطاعات النسائية داخل الأحزاب، وكانت الحركة النسائية آنذاك ضعيفة وأتوقع في أي انتخابات قادمة بعد انتهاء الحرب والوصول إلى السلام ستنشط الحركة النسائية وتتعزز قدراتها يوماً بعد يوم بتوسيع تحالفاتها مع القوى المدنية داخلياً وخارجياً لتمارس دوراً أكبر لا يسمح للقوى الراديكالية بتجاوزها وإقصائها من المشهد السياسي.
ستة سنوات من الحرب كيف أثر ذلك على حياة النساء؟
النساء والأطفال هم أكثر الفئات تأثراً بالحرب، الأمهات فقدنَّ أبنائهنَّ والزوجات ترملنَّ والفتيات تيتمنَّ وتحملت النساء المسؤولية.
اضطرت كثير من الأسر للنزوح من الأماكن الأشد سخونة إلى مناطق أخرى أقل خطورة وجلهم من النساء والأطفال. النساء تعرضنَّ للخطف والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، ولذلك كانت النساء أول الفئات التي تصدت للحرب ودعت للسلام والعودة إلى طاولة المفاوضات وحل النزاع المسلح بالحوار.
المطلوب هو استمرار هذا الزخم النسوي، وتطوير وتعزيز التحالفات والشبكات النسائية، وفتح قنوات التواصل والتعاون والتنسيق مع الشبكات الأخرى وطنياً وإقليمياً ودولياً.
ماهي الخطوات المطلوبة من النساء اليمنيات اليوم للحصول على حقوقهنَّ؟
المطلوب من النساء العمل المؤسسي، التضامن، استمرارية العمل وعدم تقطعه أو التحرك في بعض الأوقات ثم الركون والسكون أوقات أخرى، وقبل كل هذا وذاك بناء قدرات النساء ليستطعنَّ المنافسة بجدارة مع صفوف كبيرة من الرجال والمتنافسين أصلاً بينهم، والذين يعتقدون أن المجال العام وخاصة مجال العمل السياسي وبالأخص مواقع صنع القرار حق أصيل لهم، والمرأة في نظرهم موقعها الطبيعي البيت وما دون ذلك ترف لا ينبغي أن تخوض فيه أو تكليف صعب عليها القيام به أو شرف لا تستحقه.
كان نشاطك كبير وصوتك مؤثر عندما رفضتي عدم إشراك النساء بموجب التسريبات التي صدرت من الحكومة، ما تعليقك على نجاح هذه الحركات النسوية؟
طبعاً نرفض أي تشكيل حكومي دون نساء استناداً إلى المرجعيات وأهمها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والتي تم تطبيقها على الأحزاب والمكونات السياسية والمناصفة بين الشمال والجنوب، وتم تجاهل حصة المرأة والتي التزمت بها الأحزاب ووقعت عليها.
هذا تنكر لدور المرأة وتجاهل للمكاسب والإنجازات النسبية التي كانت قد تحققت للمرأة، وندرس الآن في الحركة النسوية الخطوات القادمة لضمان تمثيل المرأة ليس فقط في الحكومة بل في كل مفاصل الدولة، وفقاً لعمل استراتيجي مخطط ومدروس.
نقول للقوى السياسية لا تختبروا صبر النساء ونحن جميعاً شركاء لإعادة بناء هذا الوطن الذي دمره للأسف الرجال باللجوء إلى السلاح، ولو كانت النساء هنَّ اللواتي يحكمنَّ للجأن إلى الحوار وإلى منطق العقل والحكمة، ولنا جميعاً في بلقيس وأروى أسوة حسنة، اللاتي حكمنَّ بالشورى فازدهرت ممالكهنَّ واستقرت، ودخلنَّ التاريخ من أوسع أبوابه.
كيف كانت تجربتكم في وزارة حقوق الإنسان في حكومة الوفاق؟
تجربتي في وزارة حقوق الإنسان كانت ثريّة؛ لأنه ولأول مرة منذ تأسيس الوزارة في عام 2001 طرحنا برنامجاً طموحاً يتفق ومرحلة التغيير التي كنا نعيش لحظاتها آنذاك، والسقف المرتفع لوضع قضايا لم يكن ليتم إدماجها في عمل الوزارة سابقاً ومنها وضع استراتيجية عامة لحقوق الإنسان، والتهيئة لتأسيس هيئة مستقلة لحقوق الإنسان ووضع مسودة قانون حول جرائم الإخفاء القسري، ورفع تصورات للحكومة للموافقة على البروتكول الاختياري لمناهضة التعذيب، واستحداث وحدات جديدة في الوزارة، مثل وحدة مكافحة الفساد، ووحدة المسؤولية الاجتماعية لتشجيع القطاع الخاص لاستيعاب مبادئ وقيم حقوق الإنسان في أعماله، وتوسيع الشراكة مع منظمات المجتمع المدني المستقلة، وبناء قدراتها وكذلك بناء قدرات الوزارة وطاقهما الإداري والفني كانت في أعلى سلم أولوياتنا.
كذلك واجهتنا الكثير من التحديات من قوى النظام السابق التي كانت تعتقد بأن تعاملنا مع هذه الملفات يمسها أو يهدد مصالحها، ولأني أيضاً كنت قادمة من ساحات التغيير وممثلة لتطلعات الشباب في تحقيق دولة النظام والقانون والحكم الرشيد والمساواة وحقوق الإنسان، فسلطوا قنواتهم الإعلامية للنيل مني شخصياً، وحاولوا كثيراً إرباك مهامي وأعمالي، ومع ذلك كنا نمضي للأمام ولم نستسلم لكل تلك التحديات والمنغصات.
هل تعدون فترة توليكم لمنصب وزيرة حقوق الإنسان فتره نموذجية للنساء؟
مؤتمر الحوار الوطني الشامل كان منصفاً إلى حد كبير للمرأة اليمنية، ولأول مرة يصل تمثيل النساء إلى نسبة اقتربت من 30 بالمئة، وهي النسبة التي كانت إحدى مخرجات المؤتمر لتمثيل النساء في مواقع صنع القرار. وبعد ذلك تم تشكيل لجنة صياغة الدستور ومثلت النساء فيها بهذه النسبة، وكذلك في اللجنة العليا للانتخابات وهيئة مكافحة الفساد ولولا انقلاب أيلول/سبتمبر 2014 لتوالت وتراكمت تلك الإنجازات والمكاسب للمرأة اليمنية.
من ناحية تمثيل النساء فقد كانت حكومة الوفاق أفضل الحكومات اليمنية بالنسبة للنساء فقد تعينت فيها 3 سيدات، لأن العدد كان يتراوح بين واحدة إلى اثنتين، ومع ذلك كانت دون طموح المرأة اليمنية وتطلعاتها في تمثيل مناسب وعادل، ومع التوافق على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإقراره ينبغي ألا تقل النسبة بأي حال من الأحوال عن 30 بالمئة حيث التزمت القوى والمكونات السياسية بذلك بتوقيعها على مخرجات الحوار.
كوزيرة لحقوق الإنسان هل تطرقتم يوماً إلى القوانين المجحفة بحق النساء؟
قبل أن أكون وزيرة لحقوق الإنسان عملت عقد من الزمن في اللجنة الوطنية، وكان محور عملنا رسم سياسات لتنمية المرأة وتعديل أو تغيير القوانين التمييزية ضدها، ونجحنا في مجالات معينة مثل تغيير قانون الجنسية، وقانون التقاعد، ونصوص قانونية أخرى، وواجهنا صعوبات في مجالات أخرى مثل وضع نص قانوني بالحد الأدنى لسن الزواج. وحينما كنت في الوزارة عززت وضع إدارة المرأة في الوزارة وشجعت المجتمع المدني لإعداد مسودة حول مكافحة العنف ضد المرأة، وبالفعل تم إعداده عبر شبكة "فوز للنساء المستقلات" ولكن لم يتم مناقشته أو إقراره في مجلس النواب، والآن تستأنف منظمات المجتمع المدني مناقشته على أمل إقراره حينما تُستعاد مؤسسات الدولة وتستقر الأمور في البلاد.
من هي حورية مشهور:
عُينت وزيرة لحقوق الإنسان في نهاية 2011 وحتى نهاية 2014. وتعمل الآن مستشارة للمركز اليمني للعدالة الانتقالية وعضوة للمجموعة الاستشارية لمكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن. حاصلة على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة عدن-اليمن، كما درست القانون الاقتصادي في المانيا. عملت في مجال التعليم كمدرسة ومديرة مدرسة ثم انتقلت للجنة الوطنية لليونسكو كمدير عام لإدارة الدراسات والإعلام، وفي عام 2000 انتقلت للعمل كنائبة لرئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، ولفترة تحملت مسؤولية رئاسة تحرير صحيفة " اليمانية " لسان حال اللجنة، وهي خبيرة في مجال النوع الاجتماعي والتنمية.