حكمت المصري: نظرة المجتمع الرجعية العائق الأساسي أمام عمل المرأة السياسي
تعد مشاركة المرأة الفلسطينية في السياسة مؤشر هام يدل على مدى ارتقاء الناس على سلم الديمقراطية ومدى تقدمهم واستعدادهم لمواجهة تحديات الحياة بشكل جماعي لا يستثني أياً منهم
نغم كراجة
غزة ـ تعد مشاركة المرأة الفلسطينية في السياسة مؤشر هام يدل على مدى ارتقاء الناس على سلم الديمقراطية ومدى تقدمهم واستعدادهم لمواجهة تحديات الحياة بشكل جماعي لا يستثني أياً منهم؛ وذلك لارتباط المشاركة السياسية بمفهوم التنمية السياسية، الذي ينعكس على التنمية المستدامة بشكل عام.
منذ بداية القرن العشرين تشارك الفلسطينيات في معركة الاستقلال السياسي والاجتماعي، ورغم تاريخهن الحافل بالإنجازات والتحديات إلا أن نسبة مشاركتهن في صنع القرار السياسي بات ضئيلاً نتيجة بعض المعوقات والمصاعب التي تواجههن أبرزها العادات والتقاليد البالية السائدة في المجتمع.
أوضحت الباحثة حكمت المصري أنه "بالرغم من تعدد الأحزاب السياسية في المجتمع الفلسطيني، إلا أن المشاركة السياسية للمرأة على مستوى العمل التنظيمي والحزبي تراجعت؛ بسبب هيمنة الرجل ورفضه التام لوجود المرأة في دائرة صنع القرار وكذلك الموروث الثقافي، فهم يكتفون بوجودها كعضو شكلي فقط، ولا توجد امرأة تمثل أمين عام لحزب أو صاحبة قرار بشكل فعلي في هذه الأحزاب".
وأضافت "من المؤسف تدني نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية ومراكز صنع القرار رغم تاريخها الحافل بالإنجازات حيث شاركت في كافة المحطات السياسية على مدار الأزمنة، كنضالها وخروجها في مظاهرات منددة لإعلان بلفور وثورة 1928، كما أحدثت علامة فارقة في المعترك السياسي في الثورة الكبرى عام 1936".
وعن لجان الطوارئ الوطنية لإدارة الأزمة سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية تقول "تتخذ النساء مكاناً ضمن لجان الطوارئ ولكن بأعداد قليلة كما في الأحزاب السياسية، وهو ما أثر على مشاركتها في صنع القرارات واقتصار عملها بالأدوار المنوطة غير أنه انعكس سلباً على قيامها بأدوارها المنوطة"، مشيرةً إلى ضرورة تواجد النساء بشكل أكبر في لجان الطوارئ كونهن تستطعن الدخول إلى المنازل وتقديم الخدمات لقريناتهن".
وحول التحديات والمعوقات التي تقف حجر عثرة أمام إشراك المرأة في صنع القرار السياسي الرسمي والغير رسمي أوضحت "واجهت المرأة الفلسطينية العديد من التحديات والمعوقات كان أولها العادات والتقاليد التي تمحورت حول النظرة العشائرية في بعض القرى أو المناطق المهمشة لمشاركة المرأة مما أدى إلى عزوف النساء عن مشاركتهن سياسياً، لذلك أؤكد أن المجتمع الرجعي العائق الأساسي أمام عمل المرأة السياسي داخل بعض المجتمعات".
ولفتت الانتباه إلى بعض النسويات المناضلات اللواتي كسرن الحواجز بأعمالهن السياسية كما قالت "العديد من الناشطات الفلسطينيات كليلى خالد وشادية أبو غزالة ودلال المغربي تحدين الأعراف والتقاليد التي انتقصت من دور المرأة في النضال وحصرته في رعاية الأبناء والأزواج فقط، واستطعن تغيير الموازين ولعب دورهن الأساسي في كافة المجالات وخاصةً في السياسة".
وأضافت "تحاول المرأة المشاركة في مراكز صنع القرار، والحصول على حقوقها من خلال الضغط على المجلس التشريعي لتشريع بعض القوانين، بالطبع لن يتحقق ذلك ما لم تشارك المرأة بشكل فعال في كافة مجالات الحياة".
وأشارت إلى أنه "بعد الانتفاضة الأولى أصبح هناك أديبات، فبعض الكتاب تناولوا موضوع مشاركة المرأة سياسياً داخل القصائد الشعرية والروايات فأحدث نوعاً من الوعي للأجيال القادمة نحو أهمية وتضحيات المرأة في العمل النضالي، فاليوم حين نقرأ الأدب القديم الذي غطى جوانب المجتمع الفلسطيني نجد أن المرأة لها دور فاعل في كافة مناحي الحياة، وبعض هؤلاء النساء واجهن ردة فعل عكسية من قبل المجتمع على مشاركتهن السياسية".
وأشارت إلى أن "إدماج المرأة في الحياة السياسية سواء كان في قطاع غزة أو الضفة الغربية قليل جداً حيث خصص المجلس التشريعي 20% من المقاعد للنساء عام 2006 وفق الكوتا النسائية، لكن لم تحصل النساء على تلك النسبة بسهولة وإنما بجهد المؤسسات والمنظمات النسوية التي تطالب دائماً برفع نسبة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار".
وأضافت "هناك هيئات تضم النساء بنسب قليلة على سبيل المثال من بين خمسة عشر شخصاً في المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطيني توجد امرأة واحدة وهي الدكتورة حنان عشراوي، ومن بين المحافظات الستة عشر في غزة والضفة الغربية تتقلد امرأة واحدة إدارة محافظة وهي ليلى غنام التي تدير محافظة رام الله والبيرة، وهذا يدل على مشكلة تمثيل النساء سواء في السلطة أو الأحزاب السياسية".
وقد شهدت انتخابات الهيئات المحلية في الضفة الغربية وجود 9 قوائم فقط ترأسها النساء 4 منهن فقط خضن الانتخابات، ووفقاً لبيانات لجنة الانتخابات المركزية المنشورة في كانون الأول/ديسمبر عام 2021 بلغت نسبة النساء المترشحات للانتخابات المحلية في مرحلتها الأولى 25%، بينما شكلت النساء اللواتي فزن 20.5% من القوائم الانتخابية التي تنافست على مقاعد البلديات والمجالس القروية المصنفة "ج".
وأوضحت حكمت المصري أن "نسبة النساء اللواتي تقلدن المقاعد بالتزكية بلغت 23%، مما يدل على أن النساء احتفظن بالحدود الدنيا لنسبة الكوتا وهي 21.8% من القوائم الانتخابية، كما أنه يدل على أهمية الكوتا النسائية في الحفاظ على مقاعد الهيئات الإدارية للمجالس والبلديات المخصصة للنساء".
وحول أسباب تغييب صور النساء من القوائم الانتخابية قالت "يعود تغييب صور النساء في القوائم لأسباب سياسية، حيث أن بعض القوائم الانتخابية تحمل في طيات فكرها السياسي معتقدات كتحريم ظهور صور النساء في الدعاية الانتخابية، على الرغم من ارتباط هذه الانتخابات في إدارة الشأن العام والذي يتطلب حضور المرشحات للقيام بمهامهن كعضوات منتخبات لدى مجالس وهيئات الحكم المحلي، وهو يعد انتهاك لحقوق المرشحات".
وفي ختام حديثها قالت حكمت المصري "من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تعزز مشاركة المرأة اتفاقية بكين التي دخلت حيز التنفيذ عام 1995 ونصت على ضرورة تواجد النساء في مراكز صنع القرار بنسبة لا تقل عن 30%، ورغم أن هذا المؤتمر أقيم منذ سنوات طويلة، إلا أنه لم يتم تطبيق القانون حتى هذه اللحظة، حيث تبلغ نسبة تمثيل النساء وفق نظام الكوتا فقط 20%"، لافتةً إلى أن السلطة الوطنية انضمت عام 2014 إلى اتفاقية الأمم المتحدة والتي تعرف باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" دون إبداء أي تحفظ على موادها.