في ظل حالة ترقب... مسار المفاوضات في غزة إلى أين يتجه؟
تدفع النساء والأطفال في غزة ثمن الحرب المستمرة بين حركة حماس والقوات الإسرائيلية منذ أكثر من ثمانية أشهر، فضلاً عن شبح المجاعة الذي يطاردهم خاصة مع استمرار تعثر مسار المفاوضات.
رفيف اسليم
غزة ـ منذ بدء الحرب بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس، تحاول الدول الوسطاء التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يهدف لإنهائها، كي يتم ادخال المساعدات الإنسانية للمدينة المنكوبة، والحد من أعداد الضحايا المتزايدة في صفوف النساء والأطفال الذين يدفعون الفاتورة الأكبر لاستمرارها، فما بين تقدم وانهيار تبقى أنظار العالم تتطلع نحو إنهاء تلك المعاناة ووقف فوري لإطلاق النار.
قالت الكاتبة والمحللة السياسية رهام عودة أنه خلال الوقت الحالي تستمر المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل على طاولة الحوار بقيادة الدول الوسطاء وهم مصر وقطر والإدارة الأمريكية، لافتة أنها تعتقد بقاء تلك المفاوضات معلقة مع اتسامها بحالة من التسويف وإضافة التعديلات من قبل كلا الطرفين.
ولفتت إلى أن العقبة الوحيدة هي إصرار إسرائيل على عدم الانسحاب الكامل من قطاع غزة وهذا ما ترفضه حماس، فمن المستحيل أن تقبل صفقة بوجود تلك الآليات التي تفتك بمئات المدنيين كل يوم، مشيرة إلى أنه من الممكن أن تقوم إسرائيل في الفترة المقبلة بإيقاف إطلاق النار من جانب واحد مع بقاء تلك الآليات متمركزة في المعابر الأساسية للقطاع بهدف فرض الواقع الذي تريده على مدينة غزة وسكانها.
وبينت أن "الأمر الذي أدى إلى تأزم المسار التفاوضي والمشهد السياسي عموماً بين الطرفين هو عدم الاتفاق على نسخة موحدة لإبرام الصفقة بين كل من حماس وإسرائيل، وإصرار الطرف الأخير على عدم الانسحاب أو إنهاء الحرب بشكل كامل أو تسليم المعابر، بالمقابل مطالبته المستمرة باستعادة الأسرى ومن ثم اكمال الحرب دون الاكتراث للوضع الإنساني الدامي في غزة أو دفع فاتورة تحرير أسراه أي أن إسرائيل تريد صفقة دون مقابل".
وعن الخلافات الدائرة حول تلك الصفقة أوضحت أن "ما يحدث حالياً في إسرائيل هي مجرد خلافات داخلية تتعلق بالانتخابات القادمة وبالأزمة الاقتصادية، وأزمة المستوطنين الذين رحلوا من بيوتهم، وهي أيضاً تدخل في طور المنافسة بين أحزاب اليسار واليمن، وقد أثرت سلبياً على الوضع السياسي والاقتصادي لكنها لن تودي بنهاية المطاف إلى الانهيار كما يروج مؤخراً".
وأشارت إلى أن "هناك عدة سيناريوهات لبعد الحرب وأولها حكم عسكري إسرائيلي للقطاع بالتنسيق مع إدارة محلية، والاحتمال الثاني قدوم قوات دولية متعددة الجنسيات بالتنسيق مع "إسرائيل"، أما عن الاحتمال الثالث وهو عودة السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة مع تحكم الاحتلال بالمعابر الفلسطينية كما يحدث بالضفة الغربية، والاحتمال الرابع هو استمرار حرب العصابات مفتوحة ضد الجيش وحكم جماعات مسلحة للمدينة".
وأوضحت أن الحرب أدت إلى مقتل آلاف النساء والأطفال بالمدينة كما أحدثت إصابات خطيرة بينها إعاقات دائمة، والتي أثرت بشكل خطير على الوضع المعيشي، فانعدام الأمن الغذائي أفقد النساء والأطفال القدرة على الاستمرار في الحياة وأصيبوا بالعديد من الأمراض كفقر الدم والكبد الوبائي، خاصة في ظل استمرار المجاعة في الشمال.
وأكدت أن منع دخول الأدوية والمساعدات الإنسانية أثرت على صحتهن وخاصة الصحة الإنجابية للنساء اللواتي حرمن من متابعة حملهن مما أدى إلى إجهاض عدد كبير منهن، كما حرمت العشرات من إيجاد مكان آمن للولادة، ناهيك عن الوضع الثقافي والتعليمي الذي باتت تعايشه الآلاف من الفتيات والأطفال الذين حرموا من إكمال تعليمهم بالمدارس والجامعات بعد حرمانهم من عام دراسي كامل ضمنه مرحلة الثانوية العامة وهي مرحلة مفصلية في حياة أي طالب/ة.
وقالت إن النساء خلال هذه الحرب حرمن من أبسط حقوقهن وهي المياه النظيفة مما تسبب لهن بالعديد من الأمراض أبرزها الكوليرا التي باتت تلوح بالأفق، إضافة إلى اعتقال العديد من النساء وتعرضهن داخل المعتقلات الإسرائيلية للعنف الجسدي والنفسي، عدا عن تدهور الحالة النفسية لدى الأطفال والنساء وازدياد حالات الإضرابات النفسية وأعراض صدمة الحرب.