عبلة أبو علبة: التشريعات الأردنية حيال مشاركة المرأة مازالت تمييزية وبحاجة للتطوير

أكدت عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عبلة أبو علبة، أن المرأة لا تزال تواجه معوقات في التعاطي مع القضايا المطروحة

سرى الضمور

الأردن ـ أكدت عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عبلة أبو علبة، أن المرأة لا تزال تواجه معوقات في التعاطي مع القضايا المطروحة، موضحةً أن مشاركة الأردنيات سياسياً لا تزال في "منتصف الطريق"، مشددةً على أن مشاركتهن في العمل العام تبدأ من الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدن.

في لقاء مع وكالتنا وكالة أنباء المرأة، أوضحت الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" وعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عبلة أبو علبة، أن المشاركة السياسية للمرأة الأردنية لا نزال في "منتصف الطريق" في ظل قصور التشريعات الرسمية التي تتطلب مزيداً من التعديلات لتفعيل مشاركة المرأة الفعلية في الحياة السياسية داخل المملكة.

وطالبت بضرورة إحلال قوانين تشريعية تحل محل التشريعات التمييزية في سبيل تطوير دور المرأة الأردنية من العمل العام وتمكينها من الولوج إلى حياة سياسية ترقى بالطموح، مشيرةً إلى أن البلاد التفتت في وقت مبكر جداً لتفعيل مشاركة المرأة الأردنية في الحياة العامة، بالرغم من مواجهتها لتحديات عدة سواء من خلال التشريعات الناظمة للحياة السياسية في الأردن والأزمات الاقتصادية المتلاحقة إضافة الى العادات والتقاليد التي تعتبر العائق الأكبر في تمكين المرأة سياسياً.

ووجدت عبلة أبو علبة أن المرحلة تتطلب تطويراً للقوانين الناظمة للحياة الحزبية من قبل السلطات الأردنية ومنحها "أولوية" لإعطائها نوعاً من التحفيز والتمييز الإيجابي لدور المرأة في الحياة السياسية، وذلك لا يتأتى إلا من خلال توفير إجراءات وسياسات رسمية "حكومية" وبشراكة ودعم من المؤسسات الرديفة لتمكين المرأة كالمؤسسات التعليمية لإتاحة الفرصة الكافية أمام مشاركة المرأة بشكل يليق بدورها الريادي في المجتمعات.

وأكدت على أن المرأة الأردنية تقدمت في عدد كبير من المجالات وبخاصة السياسية منها منذ شروع البلاد بالسماح لأحزاب بممارسة أعمالها علناً عام 1993، وحتى المرحلة الراهنة أصبح وجود المرأة في البرلمان على قاعدة الكوتا بعدد يتراوح ما بين 13 ـ 17 امرأة في المجلس البرلماني، وهو أمر يصب بالاتجاه الصحيح مؤقتاً، بالرغم من الملاحظات على التشريعات والقوانين.

وأشارت إلى أن ما يثبت صحة ذلك قانون مجالس البلديات والمحافظات التي ثبتت التشريعات تحديد ما نسبته 20- 25% للمجالس المنتخبة تخصص للمرأة، وفي حال لم تفي النسبة يمكن للجهات المعنية (تعيين نساء) حتى تستوفى النسبة المطلوبة والمحددة بـ 25% كحد أعلى من المشاركة، مشددةً على أن ذلك لا يغنيهم على المطالبة  بضرورة زيادة نسب مشاركة المرأة في المجالس البرلمانية والبلدية لنسبة تصل إلى 30% عملاً بما وقع عليه الأردن في مؤتمر "بيجين" وكما أقرته المعاهدات الدولية، إذ لا يتحقق ذلك إلا من العمل على تكييف القوانين الرسمية والدولية بمنح فرصة أكبر لمشاركة المرأة الاردنية في العمل العام والسياسي بالأخص.

وحول ما إذا كان دور المرأة في الحياة السياسية يرقى للطموح، أكدت عبلة أبو علبة على أنه لابد من توفير بيئة حاضنة لدور المرأة ويحدد بشكل موضوعي ليقسم إلى جزأين الأول يتعلق بالمؤسسة الرسمية والثاني بمؤسسات المجتمع المدني.

وفيما يتعلق بالمؤسسات الرسمية شددت على أنه يتوجب عليها العمل بتنقية القوانين التميزية ضد المرأة واحلال مفردات تنص على المساواة محلها وهذا الإجراء يقع على كاهل مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان.

وعن دور مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية والحقوقية أوضحت أنه يقع على كاهلهم عبء التوعية والإرشاد والحض على الانخراط في الحياة العامة كونه ليس خيار وإنما حق مكتسب لتتمكن المرأة من المدافعة عن حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي نص عليها الدستور الأردني، لافتةً إلى أنه لا بد لها أن تنتظم في الحياة السياسية بشكل يرفع من وعيها وخبراتها، مشيرةً إلى أنه غالباً ما تتوجه الأنظار إلى مشاركة المرأة في الحياة السياسية كتمثيل نسبي في الحكومة أو البرلمان بعيداً عن مشاركتها في الجوانب الأخرى.

وأوضحت أن مشاركة المرأة الفعلية تتلخص في عدد النساء اللواتي ترشحن للانتخابات البرلمانية أو البلدية أو اللواتي شاركن في العملية الانتخابية من حيث التصويت أو مشاركتهن في النقابات المهنية وفي الجوانب الاقتصادية.

ومن تجربة شخصية على الصعيد السياسي قالت عبلة أبو علبة أن المرأة كي تنضج في الحياة السياسية لابد لها من الانخراط في الأطر الاجتماعية الأخرى لتتعلم أساسيات العمل الجماعي وأساليب الحوار، لافتةً إلى أن البرلمانيات ما زلن تواجهن الكثير من الصعوبات في التعاطي مع القضايا المطروحة داخل مجلس النواب، مرجعةً السبب في ذلك إلى فقدانهن التجربة في الحياة العامة الذي يولد خلل كبير "نتطلع إلى مشاركة المرأة بشكل أكبر نظراً لترابط القوانين والاجراءات الناظمة للحياة الحزبية والسياسية".

وحول الثقافة التميزية التي تسود المجتمعات وتؤثر بشكل سلبي على النساء وأداء دورهن والمجتمع، أكدت على أن تغيير تلك الثقافة مسؤولية مشتركة ما بين الجنسين، وتتطلب تطوير المناهج الدراسية والقوانين والتشريعات، ليتيح فرصة ونظرة أوسع أمام السلوك العام نحو التغيير والانفتاح الذي غالباً ما يلمس هذا الدور عند إجراء الانتخابات.

ودعت عبلة أبو علبة إلى التخلص من الصراع الدائم والجدلية حول دور المرأة الذي يتأطر ضمن مفهوم الثقافة المجتمعية التي تفرضها المؤسسة الرسمية والقوانين، ودعت المرأة إلى الاعتراف بحقوقها وتقدير دورها بعيداً عن الثقافة التمييزية السائدة.

وشددت على ضرورة تعديل المادة (6) من الدستور الأردني والتي تنص على أن الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا فـي العرق أو اللغة أو الدين، مطالبةً الحركة النسائية الأردنية العمل على تعديل هذه المادة بإضافة كلمة "الأردنيات والأردنيون أو الأردنيون نساءً ورجالاً أو ذكوراً وإناثاً سواء أمام القانون"، معتبرةً أن هذا التعديل سيسهم في تطوير مجمل القوانين المنبثقة عن الدستور الأردني.

وأشارت إلى الفصل الثاني من الدستور الأردني كان قد تم تغيير عنوانه من حقوق الأردنيين والأردنيات إلى حقوقهم وواجباتهم، وهو ما اعتبرته عنوان تثقيفي لا يغير من مضمون الدستور، ولا يفرض المساواة بين الجنسين، وشددت على موقفها الرافض من تغيير عنوان المادة فقط "ستظل النساء تطالبن بتغيير القوانين حتى يتم منح المرأة المزيد من التشريعات النموذجية".

 

من هي عبلة أبو علبة؟

تعد السياسية الأردنية ـ الفلسطينية عبلة أبو علبة التي ولدت عام 1950 في فلسطين، وتشغل منصب الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني ذو التوجه اليساري، منذ آب/أغسطس عام 2010، ثاني امرأة تقود حزباً أردنياً في تاريخ الحياة الحزبية في البلاد.

وشغلت منصب نائب سابقاً في مجلس النواب الأردني "البرلمان" منذ الانتخابات التشريعية التي شهدها الأردن أواخر عام 2010.

وهي عضو في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تشكلت في العاشر من حزيران/يونيو عام 2021، لوضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكماً بالقوانين وآليات العمل النيابي، بالإضافة لتمكين المرأة والشباب والبحث في السبل الكفيلة لتحفيز مشاركتهم في الحياة الحزبية والبرلماني.