أية علاقة بين الحركات النسائية والأحزاب السياسية المغربية؟

تعد الحركة النسوية جزءاً مهماً من المشهد السياسي المغربي، لكن هناك من يرى أن لا علاقة تجمعهما، وأن الفاعل السياسي أو الفاعلة السياسية لا دور لهما في قضية الدفاع عن حقوق النساء.

حنان حارت

المغرب ـ ترى نسويات مغربيات أن قيادة التغيير نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء يتطلب تنسيقاً مع الفاعلين والفاعلات السياسيين، من أجل المصادقة على مشاريع القوانين داخل مجلس النواب، مؤكدات أن أي نشاط حقوقي هو في نهاية الأمر مرتبط بالعمل السياسي، بشكل أو بآخر.

أدى تطور النسيج الجمعوي في المغرب، إلى بناء حركة نسائية قوية ومستقلة تعمل بأبعاد سياسية وحقوقية معتمدة على حملات التوعية وعمل القرب والفعل النضالي المطلبي عن طريق اقتراح مشاريع قوانين بديلة، وإعداد تقارير موازية بالإضافة إلى رفع المذكرات المطلبية.

وعلقت الناشطة السياسية ورئيسة منتدى المناصفة والمساواة شرفات أفيلال، على التطابق والامتداد الشرعي والتاريخي بين الأحزاب السياسية والحركات النسائية قائلةً إن "الأحزاب السياسية تعتبر مكوناً من مكونات الحركة النسائية، التي لها امتداد داخل الأحزاب من خلال بعض عضواتها".

وأوضحت أنه رغم العلاقة التي تربط الحركات النسائية والأحزاب السياسية، إلا أن هناك تقاطعاً كبيراً بين ما يتم الترافع عنه من طرف الجمعيات النسوية وبين ما تطرحه الأحزاب السياسية التقدمية، والتي يعول عليها إطار تغيير وتحسين وضعية النساء وأن هذه الأحزاب هي التي حملت نقاش تعديل مدونة الأسرة داخل المؤسسات المنتخبة.

وعن الفرق بين خطاب الترافع حول قضايا النساء الذي تنهجه الحركات النسائية والأحزاب السياسية تقول "الحركات النسائية لها جرأة كبيرة في التعاطي مع بعض المواضيع، في الوقت التي تميل فيه الأحزاب السياسية للغة سياسية دبلوماسية"، مرجعة ذلك لعدة إكراهات "لأن داخل المؤسسات المنتخبة عليك مراعاة موازين القوى وكذلك العامل الانتخابي والاستحقاقات المقبلة وهو ما يجعل لغة الخطاب تختلف بين هذه المكونات، لكن الهدف يبقى واحد".

وحول دور الفاعل أو الفاعلة السياسية في قضية الدفاع عن حقوق النساء أشارت إلى أنه "هناك من يروج إلى أن الأحزاب السياسية لا دخل لها في أي إصلاح أو تغيير في وضعية النساء، لكن علينا أن نعي جميعاً أن دوره مهم جداً، ويجب استحضاره دائماً في أي مشروع تغييري، فالفاعلة أو الفاعل السياسي هو الذي له كلمة الفصل في إقرار المشروع الذي تترافع عنه الحركات النسائية، فهو من يحمل المشروع ويدافع عنه داخل قبة البرلمان ومن ثم التصويت عليه".

وأكدت على ضرورة العمل والتنسيق بين الأحزاب السياسية والحركات النسائية في جميع محطات الترافع "المغرب يعتمد على الديمقراطية كمبدأ للتسيير فلابد أن نقر أن للفاعل أو للفاعلة السياسية دور في هذا التغيير"، مضيفةً "ننتظر التحكيم الملكي بشأن مدونة الأسرة ونتمنى أن تستجيب للواقع اليومي للنساء وللتطورات التي عرفها المغرب على المستوى التشريعي والاقتصادي والثقافي، وللتحولات الاجتماعية"، مشيرةً إلى أن عمل الأحزاب والحركات النسائية يجب أن يتم في تناغم وتنسيق والتقائية، من أجل الترافع على مشاريع القوانين من خلال ممثليها في البرلمان.

 وشددت على ضرورة اختراق الخطابات الرجعية بالعمل النسائي المدروس "المطلوب ليس تجاهل تلك الأصوات، ولكن اختراقها ومواصلة الترافع داخل البرلمان وخلق لوبيات داخله، حتى تستمر المعركة، لمواجهة رجعية التيارات التقليدية المعادية للمساواة وحقوق النساء".

وأكدت على ضرورة تفعيل آليات العمل المشترك والتنسيق بين مكونات الحركة النسائية والأحزاب السياسية، لمواجهة كل التحديات التي تقف أمام المطالب المشروعة لنساء المغرب، في أفق المساواة الشاملة والمناصفة كما نص على ذلك الدستور.

 

 

ومن جهتها قالت الناشطة الحقوقية ونائبة رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عاطفة تمجردين، إن الحركة النسائية هي حركة مستقلة وتدافع دائماً عن استقلاليتها، لكن عملها هو في صميم العمل السياسي والديمقراطي.

ولفتت إلى إنه هناك عملاً متكاملاً يربط الحركات النسائية والفاعلات والفاعلين السياسيين "كحركات نسائية نتوجه بمطالبنا للفاعل السياسي من أجل تبني المشروع الذي نترافع عنه، لأن المؤسسة التشريعية سيكون لها دور في تمرير القوانين المقترحة، خاصةً وأننا نترقب صدور قانون أسري جديد والذي لن يخرج إلى حيز الوجود، إلا بعد مصادقة المؤسسة عليه".

وأفادت بأن النائبات والنواب في البرلمان، المؤمنين بالقضية النسائية يكون لديهم تأثير وقدرة على توجيه قانون مدونة الأسرة في اتجاه يضمن المساواة والعدل بين الجنسين في كل الوضعيات والحالات.

وأوضحت أنه هناك فاعلات سياسيات يساندنهم من جميع الخلفيات والأيديولوجيات "يبذلن كل جهد ممكن كي نشكل جزءاً من عملية صنع القرار"، لافتةً إلى أن الحركة النسائية جذبت الأحزاب والقطاعات النسائية والنقابية، من أجل اتخاذ موقف إيجابي ومساند فيما يتعلق بتغيير مدونة الأسرة ومختلف التشريعات الوطنية التمييزية.

وترى عاطفة تمجردين أن الحركة النسائية لديها قوة خاصة ونوعية لإقرار مطالب استراتيجية متعلقة بالنهوض بأوضاع النساء المغربيات، وهي بتلك الحركة السياسية والحقوقية استطاعت تحقيق مجموعة من المكتسبات، مشيرةً إلى أن أي نشاط حقوقي هو في نهاية الأمر مرتبط بالعمل السياسي، بشكل أو بآخر.

وفي ختام حديثها دعت عاطفة تمجردين إلى الاهتمام بأوضاع النساء في وضعية الهشاشة، ولاسيما النساء المسنات وذوات الإعاقة "نحن ندافع عن النساء في جميع الوضعيات والحالات، بما فيهن المسنات وذوات الإعاقة"، لافتةً إلى أن الوضع الاقتصادي لهذه الفئة من النساء يزداد ضعفاً، إذ أنه برغم التمكين الاقتصادي للنساء إلا أنه لم يستطع لحد الآن الرفع من مؤشرات نسبة النساء اللواتي أصبحن مستقلات مادياً، مؤكدةً على أن الدخل الاقتصادي مهم جداً للوصول لحقوق النساء سواءً في مدونة الأسرة أو باقي القوانين.