أمل الحمروني: حضور النساء في الأحزاب السياسية لا زال مخيباً

برغم كثرة الأحزاب التقدمية المؤمنة بالمساواة التامة بين الجنسين في تونس، إلا أن حضور النساء لازال محتشماً في أغلبها، بل لازال دورها يقتصر في المهام الحزبية على قسم المرأة والمجتمع، وهو أمر تعتبرنه غير منصفاً لنضالاتهن منذ الاستقلال إلى اليوم.

زهور المشرقي

تونس ـ لم يكن وجود النساء في الأحزاب السياسية بالشكل المتناسب مع نضالات عمرها عقوداً من المقاومة والسعي، فهن قدن منذ خمسينات القرن الماضي مساراً نضالياً مختلفاً قادهن إلى تحريرهن من الجهل والضغط من أجل تعليمهن في تحد لعقلية ذكورية محافظة عملن على تخطيها.

بالرغم من مجلة الأحوال الشخصية ومختلف التشريعات التي تعتبر ثورية مقارنة بواقع نساء دول الجوار والإقليم إلا أن السلطة والمنظومة السابقة حاولت استغلالهن وتطويعهن لحسابها، بل دأبت سنوات من الزمن إلى وضعهن في قالب "الديكور" للزينة في المحافل الوطنية وحتى الدولية وخفضت عمداً وجودهن في الأحزاب السياسية التي كانت ولازالت تعتبر باب السلطة والقيادة.

وسعت التونسيات إلى الكفاح من خلال الانخراط في معركة الدخول للأحزاب إلا أن محاولاتهن ظلت محتشمة نتيجة العقلية التي لازالت تقصيهن وتعتبرهن غير مؤهلات لقيادة أحزاب أو الوجود في المكاتب السياسية.

واعتبرت القيادية بحزب التيار الشعبي أمل الحمروني، أن الوجود النسائي في حزبها جيد، مؤكدة أن الحزب تجاوز مرحلة مشاركة المرأة من عدمها وركز على إشراكهن في المناصب المهمة والحساسة كالمجالس المركزية والوطنية والمكاتب الجهوية والمكتب السياسي وحتى إعلامياً عُينت المرأة كناطقة رسمية باسمه "نحن حزب سياسي لا نتعامل مع تشريك النساء كمسألة مناصفة ركيكة أو تمثيل فلكلوري بل نجزم أنها فاعلة وهذا من أهم مبادئنا ورؤيتنا التقدمية المنصفة للنساء والمؤمنة بالمساواة التامة والفعلية بين الجنسين لبناء الرأي داخل وخارج الحزب".

وتمنت أن يتم تكثيف وجود النساء في الأحزاب الأخرى بجميع خلفياتها الفكرية لأن وجودهن لازال قليلاً سواءً في الخطط السياسية أو الأحزاب أو الوزارات والمؤسسات الرسمية "نأمل في تحسين العقلية والوعي بأهمية وجود النساء في الحياة العامة والتقليل من العنف السياسي تجاههن لتشجيعهن على الإقبال حتى لا تجبرن على الهروب".

وأوضحت بأن قرارات التيار الشعبي ثابتة وهي نابعة من مبادئه المتأصلة التي تحارب المشروع الإمبريالي الأمريكي والنظام الرأسمالي العالمي بطرح مشروع جديد قد يحقق للبلاد آفاقاً جديدة، لافتة إلى أن الموقف السياسي للحزب لازال ثابتاً ولم يتغير "نحن لا نساند أشخاص بل نساند مشاريع تحررية ضد الرجعية بكل توجهاتها، ذلك التوجه الذي أضر بمصلحة البلاد وهمّش النساء بل استغلهن في مواعيد سياسية للوصول للسلطة فقط، نحن مع النظام الحالي الذي أعاد بريق المرأة من خلال التعيينات على رأس وزارات مهمة كوزارات السيادة لاعتبار أن المنظومة السابقة كلها كانت تقتصر على تعيين المرأة في وزارة الأسرة والمرأة لا غير".

واعتبرت أن قرار الحزب الذي طالما كان في المعارضة بمساندة المنظومة الحالية نابع من رؤية مدروسة ترى ضرورة الدعم لاستكمال مسار الإصلاح الذي بدأ ويجب أن يستمر، وسترافق تلك المساندة عملية النقد والمراقبة لهذا المسار الذي قد تقع فيه أخطاء وهو أمر عادي في طريق إصلاحي، ونحن ندعم المسار لا الأشخاص.

ودعت النساء إلى الإقبال على الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الأول القادم والمشاركة وممارسة حقهن الدستوري كمواطنات، مؤكدة أن المسؤولية الوطنية تُحتم عليهن الحضور بشكل فاعل بعيداً عن تلك الدعوات بالمقاطعة التي لن تخدم واقعهن.

وأكدت أنه على النساء المشاركة في عملية التزكيات والحملة الانتخابية والتصويت يوم الاقتراع وإبداء آرائهن بحرية "نحن في فترة حساسة وصوت النساء ودورهن مهم في تحديد مسار البلاد ونتمنى أن تكن في الموعد كما كن سابقاً بقوة في كل المواعيد دون خوف للنهوض بتونس وتغيير الواقع الصعب بمنظومة تقدس الوطن وتناهض الإمبريالية الغربية التي تسعى لوضع يدها على بلدنا، ونتمنى أن يكون المسار المقبل لصالحنا كنساء".

وأشارت إلى أن "التقدم السريع الحاصل في قضية الاغتيالات السياسية التي هزت تونس منذ 2011، أمر مطمئن لمحاسبة من ارتكب الجريمة بكامل أركانها من التخطيط إلى التنفيذ والتمويل وغيره"، مؤكدة أن كشف الحقيقة نتيجة ينتظرها الشعب التونسي الذي ذاق الويلات من التنظيمات المتطرفة التي نشطت بتونس وحاولت ضرب الأمن القومي للبلد ونشر الفوضى والعنف وتخويف الشعب.

وشددت على أنه حان الوقت لتحميل القتلة المسؤولية الحقيقية في ملف الاغتيالات التي حاولت المنظومة السابقة إتلاف وثائقه وتغييب الحقيقة بل طمسها عن طريق أذرعها، آملة في التسريع باتخاذ القرار القضائي الصائب تجاه القتلة "كان المسار القضائي قبل 25 تموز مظلماً وحاولت جهات كثيرة تعطيل الملف وعرقلته، وصل ذلك إلى إخفاء الملفات وسرقتها لكن اليوم الجميع لاحظ التطور الايجابي في مسألة المحاسبة وتوجيه التهم وباتت الحقيقة قريبة".