عالية اللافي: السقف الزجاجي حدد للمرأة إطار لا يمكن أن تتجاوزه
على الرغم من تولي المرأة لعدة مناصب مختلفة في ليبيا وانخرطت في جميع المجالات العملية، منها تولي خمس نساء لحقائب وزارية في حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت مؤخراً
ابتسام اغفير
بنغازي ـ ، إلا أن هناك دعوات تظهر بين الحين والآخر تشكك في مقدرتها على القيادة.
للحديث عن المرأة القيادية ومن تكون؟ وما الذي ينقصها لتكون قيادية؟ التقت وكالتنا بالدكتورة عالية اللافي التي تحمل دكتوراه إدارة الأعمال، ومدربة دولية متخصصة في التنمية البشرية والتفكير الإبداعي والتسويق.
تقول عالية اللافي "نحن بحاجة لتوضيح المرأة القيادية في مجال عملها، خاصة أنه في ليبيا هناك مجموعة من النساء تولين مناصب قيادية وسيادية في الدولة، لابد أن تتمتع بمهارات ومواهب، وطريقة مميزة خلال تعاملها مع المحيطين بها في نطاق العمل، وكذلك امتلاكها الأخلاقيات كالنزاهة، وحب الغير، وأن تكون إنسانة اجتماعية، وتنبذ الكذب والرشوة".
وتوضح "على المرأة القيادية ألا تظهر مثلاً إنها على علم بموضوع ما بينما تجهله، لتظهر للناس إنها على دراية بكل ما يحيط بها، فيوماً ما سوف تسقط إحدى الشخصيات التي تقمصتها، وبالتالي ستظهر للناس كشخصية مصطنعة غير حقيقية".
وتشير عالية اللافي إلى وجوب أن تكون المرأة القيادية غير مقلدة، وأن يكون لها بصمة خاصة بها، ولا ضير بأن تأخذ بعض من تجارب الآخرين بما يناسبها ويناسب عملها.
وتؤكد بأنه على المرأة القيادية أيضاً ألا تصغر مجتمع النجاح الخاص بها، وبالتالي يجهل الناس مهاراتها وعملها "لابد أن تظهر مواهبها وعملها للناس، من أجل التعرف عليها أكثر، وعلى المرأة القيادية أن تتعامل جيداً مع موظفيها وتهيأ لهم البيئة الصالحة للعمل، وأن تتميز بالسلوك الإيجابي، لأن السلوك الإيجابي معدٍ".
السقف الزجاجي يقيد المرأة
وعن توفر هذه الصفات في المرأة القيادية الليبية تقول عالية اللافي "النساء الليبيات بصفة عامة لديهن القدرة على أن يحققن الأفضل، ولكن نحن لدينا شيء اسمه "السقف الزجاجي" الذي يحدد للمرأة إطار لا يمكن أن تتجاوزه، حيث حدد لها ساعات الخروج من المنزل، والزمها بعدم التجاوز في الحديث مع أشخاص لا تعرفهم وغيرها الكثير، أي بمعنى أيتها المرأة عليكِ ألا تتطوري أكثر من ذلك".
وحول ما تستطيع المرأة الليبية فعله إن خرجت من تحت السقف الزجاجي تقول عالية اللافي "رسخت التربية في ذهن المرأة بأنها لابد أن تعتمد على الرجل، وبالتالي تظل النساء تحت هذا السقف الذي فرض عليها دون وعي منها، ولو أنهن خرجن من تحت هذا السقف في حدود السمات التي تحدثنا عنها، وفي حدود الأخلاقيات والمعايير، وفي حدود البيئة المحيطة، سيكن مبدعات لديهن القدرة على العمل والإبداع، ويخرجن بأفكار جديدة وحديثة في كل وقت".
ورداً على ما يقوله الرجال تعليقاً على أن المرأة لها سقف زجاجي لا تتعداه، بأن هناك نساء يعملن في الليل مثل الطبيبات والممرضات والضابطات، ونساء سافرن خارج البلاد دون مرافق، تقول عالية اللافي "المرأة لن تنجح إذا لم تكن هناك بيئة مساعدة لها، حتى لو توفرت كل أسباب النجاح في شخصيتها ولديها مشروع ورأس مال له، ولو كانت مفكرة وعالمة ومبدعة".
ولم تحصر عالية اللافي البيئة المناسبة بالعائلة والأهل "إنما الدولة ككل والظروف السياسية والاقتصادية وحتى الجغرافية تأثر على المرأة في رحلة تقدمها وتطورها، هناك أشياء كثيرة لابد أن تضعها المرأة في اعتبارها من أجل النجاح، ولو تحدثنا عن ما هو النجاح فإننا نقول أن تحقيق الهدف هو الأساس، ولنضرب مثالاً لو أنني وضعت هدف أمامي أن أحقق هذا العام أرباحاً تقدر بـ 100 دينار، إلا أنني لم أجني سوى 90 ديناراً، فهذا لا يعتبر نجاحاً بالنسبة لي".
وتؤكد "تهدف المرأة في ليبيا التواجد في كافة المراكز، فلو استطاعت أن تجعل المحيط بها يؤمنون بها كقائدة، ستكون ناجحة".
وحول ضرورة وضع المرأة المعايير الصحيحة والبيئة المحيطة في اعتبارها تقول عالية اللافي "إن لم تضع المرأة معيار البيئة في اعتبارها لن تستطيع النجاح في مجال عملها، فعندما تصر امرأة على افتتاح كافيه في منتصف الليل في المجتمع الليبي، بالتأكيد لن تأتي النساء إليها لأنها وضعت معياراً خاطئاً في بيئة لا تسمح بمثل هذه الأشياء، إلا أن الطبيبة والممرضة والضابطة لو أنهن عملن في وقت متأخر فأنهن لن يواجهن رفضاً من قبل المجتمع، لأنهن الظروف المجتمعية مساعدة لهن".
وحول الدعوات الجندرية التي انطلقت ونشطت مؤخراً والمطالبة بالمساواة بين الجنسين تقول عالية اللافي "حركة المساواة بين المرأة والرجل فُهمت بطريقة خاطئة، ظهرت هذه الحركة في أمريكا منذ فترة طويلة، على إثر الاختلاف في الأجر بين الجنسين، فحركة المساواة بناءً على ذلك طالبت برفع أجر المرأة العاملة، ولأن المرأة تقوم بأعمال المنزل كاملة، إضافة إلى عملها خارج المنزل، فهي بذلك لها دور ثنائي، بينما الرجل يعمل خارج المنزل فقط، وبالتالي طالبت الحركة بالمساواة في قيمة العمل واستطاعت الحركة أن تنجح في رفع أجر المرأة وهذا يعتبر بالتأكيد نصراً لها.
بالرغم من تطور الحركة ودعوتها للمساواة بين الجنسين، فلا وجود للمساواة، فمجهود المرأة لا يشبه مجهود الرجل، المرأة لها القدرة على العمل في المجالات غير تلك التي يعمل بها الرجال، ولا داعي لأن تفكر في زميلها ولماذا لا تتساوى معه، عليها أن تفكر في أن كلٍ لديه عمله".
وتضيف عالية اللافي "إن المرأة والرجل يؤديان عمل متكامل في المجتمع، لا أحد يستطيع العيش دون الآخر، على المرأة أن تكون قائدة في المكان المتواجدة به ولا تنظر لغيرها، ولابد أن تجتهد في عملها وتسعى للنجاح".