'الوضع في سوريا ضبابي وللنساء الكرديات دور هام في حمايتها'

أكدت السياسية المغربية كبيرة شاطر، أن الأزمات والصراعات التي تشهدها الشرق الأوسط، وخاصة سوريا تساهم فيها عدة عوامل خارجية، مما يؤثر سلباً على وضع النساء في المنطقة.

حنان حارت

المغرب ـ وصفت الناشطة السياسية والحقوقية المهتمة بقضايا النساء في المنطقة العربية والإفريقية، كبيرة شاطر الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، بـ "الضبابي".

أبرزت الناشطة السياسية كبيرة شاطر أن سقوط الأسد، بدأت شرارته الأولى قبل ثلاثة عشر عاماً، بالتزامن مع ثورات ربيع الشعوب التي اندلعت عام 2011 في مصر وتونس والمغرب وليبيا واليمن وغيرها، لكن في سوريا عندما خرج السوريون في درعا يهتفون ضد النظام، سلط عليهم جنوده، فتغير مسار الصراع، نتيجة عدة تدخلات أجنبية.

وعن العوامل الخارجية التي أدت إلى حدوث الأزمة السورية الحالية، أرجعت الوضع إلى تأسيس الحركات لمرتزقة داعش في المنطقة بدعم من أمريكا، مفسرة "مخططات أمريكا وإسرائيل ليست خافية على أحد، فكما أشارت إليها هيلاري كلينتون في مذكراتها التي حددت دوافع تأسيس الحركات الداعشية بمختلف صفاتها وألوانها من القاعدة إلى داعش والنصرة وأحرار الشام، فهذه الطوائف تغلغلت في المجتمع السوري وأدت إلى القيام بمهام تهيئ الرأي العام الشعبي".

أما العامل الثاني، أوضحت أنه يتمثل في تربص إسرائيل بالسيادة السورية واستباحة الأجواء السورية، مما أربك الطيران العسكري "انتهاكات إسرائيل صارخة للاتفاقيات المبرمة منذ 1967 بعد اجتياح الجولان فهي عينها على القنيطرة لقطع الطريق على المقاومة الفلسطينية".

وأبرزت أن العامل الثالث يتعلق بالدولة التركية الطامعة في شريط أوسع لضمان حدودها للحد من تحركات الكرد في إقليم شمال وشرق سوريا، بل تهدف إلى تحقيق أطماعها في حلب، مشيرة إلى أن الدولة التركية فككت مصانع النسيج والحديد والصابون والصناعات المتنوعة الأخرى وهربتها إلى تركيا، في محاولة منها لإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية لما قبل 1923 أي بموجب اتفاقات انهزام تركيا في الحرب العالمية الأولى.

أما عن المعطى الآخر الذي ساهم في حدوث الأزمة السورية أوضحت "لا يمكن للعديد من المحللين السياسيين التطرق إلى هذا المعطى، لكني أرى أن بعض دول الخليج أيضاً كان لها دور في وصول سوريا إلى ما وصلت إليه اليوم".

وبحسب كبيرة شاطر فإن هناك بعض وسائل الإعلام في المنطقة تروج لصور ونقاشات تزكي الحقد والكراهية منذ ما قبل عام 2011، ونقلت هذه الوسائل الإعلامية تصريحات لمسؤولين خليجيين كثر تفيد بأنهم نفدوا تعليمات أمريكية وتحدثوا عن توزيع الأموال والأسلحة، كما مهدوا لدخول جنسيات متعددة من العالم عبر الحدود التركية التي كانت الجسر الظاهر والخفي لتصدير المجاهدين من كل البقاع إلى سوريا، إذ وصلت إلى أكثر من 137 جنسية.

وذكرت أن الدول الغربية أصدرت معظمها عقوبات على الأطر العليا للنظام السوري "هذا التناغم مع توجيهات أمريكا وإسرائيل أدى إلى نخر المجتمع السوري من الداخل"، مبينةً أن هذه الدول حاولت استقطاب بعض المواطنين السوريين للانخراط في الحرب ضد السلطة، ونهب خيرات سوريا كما وقع في العراق وليبيا والسودان واليمن "دوافع المجتمع السوري ومعاناته التي نتجت عن هذه التدخلات كانت أحد أسس الانتفاضة في درعا ودير الزور في عام 2011، إلا أنها بقيت خامدة لمدة بلغت 13 عاماً لكي تنطلق الشرارة من جديد في سوريا".

وقالت إن هذا الواقع هو ما أدى إلى الفوضى الخلاقة في المنطقة، وقامت أمريكا بتمويل الجهاديون بكل أطيافهم، فهي كانت تدخل السلاح المتطور وتعطي الضوء الأخضر لهم واحتلت الشريط الذي حلمت به لمنع الكرد من الاستقلال الذاتي الذي كانوا قد تمتعوا به في سوريا "يتمتع الكرد بعقد اجتماعي يخدم حقوق الأقليات وحقوق النساء اللواتي تدافعن بشراسة عن الاستقلال في المنطقة".

وعن مميزات المجتمع السوري، أبرزت كبيرة شاطر بأنه عبارة عن مزيج من مجموعات ذات إيديولوجيات متباينة فهناك الدروز والكرد والعلويين والبهائيين والشيعة والسنة والمسيحيين والأرمن ولكل تصوره وعقيدته، لافتة إلى أنه برغم كل تلك الاختلافات، إلا أنه "كان هناك نوع من التعايش رغم هجمات من قبل داعش والتي أصبحت اليوم تحت اسم هيئة تحرير الشام التي حاولت إعطاء صورة الانفتاح والمدنية السياسية".

وتابعت "هذه الأطياف المحمولة على دبابات ناتو تتصارع فيما بينها وحسب تسمياتها مثل الجيش الحر أو الجيش الوطني مخضب بصبغة تركية إخوانية متداخلة مع هيئة تحرير الشام أي جبهة النصرة سابقاً والتي اختلطت بها عطور المصانع الأمريكية والكيمياء الإسرائيلي".

وتوقعت كبيرة شاطر أنه "في ظل الوضع الحالي لا المسيحيين ولا البهائيين سيتمتعون بحقوقهم في ظل حكومة ثيوقراطية، إذ سيفرض عليهم إما الدخول في الدين الجديد أو إعطاء الجزية وهم صاغرين"، لافتةً إلى أنه "يحق اليوم لأي قارئ الاستغراب من القوة الخارقة للجولاني الذي استطاع هزم هذا الجيش في 13 يوم وهو الذي كان مطلوباً من أمريكا، كما استغربت الانقلاب في الموقف الأمريكي. نعلم أن هيئة تحرير الشام التي أصبحت مخاطباً مقبولا بينما لا تزال مسجلة على لائحة الإرهاب، فمن هنا تبرز توسعات إسرائيل المدعومة من أمريكا عبر قتل علماء ومفكرين في سوريا بأنها تعيد سيناريو العراق. هناك تخوف من أن تؤدي المرحلة الانتقالية إلى إحداث تناقضات جديدة، إذ يمكن أن تصل إلى اضطرابات داخلية وربما حرب أهلية جديدة".

أما فيما يتعلق بوضع النساء في سوريا، قالت "لا أرى مستقبلاً لهن خاصة وأن الجهاديون الذين يبنون غزوهم الفكري على الانقضاض على مكتسبات النساء باعتبارهن أهم آلية للضغط على مختلف الإثنيات في سوريا، فلقد اغتصبن إبان سيطرة داعش وها هن اليوم تتعرضن للتنكيل والمنع من حرية التجول وحرية اللباس وغداً ربما سيمنعن حتى من التعلم"، مشيرةً إلى أن "المسيحيات والدرزيات والأرمينيات هن الأكثر تعرضاً للانتهاكات، أما فيما يتعلق بالنساء الكرديات، فإنهن لازلن في منطقتهن وهن المؤهلات بالدفاع عن سوريا، لأنهن يتقن أشكال الدفاع عن حريتهن".

وبالنسبة للنساء الفلسطينيات اللواتي كن في سوريا، قالت "هن بلا وطن ويعانين من النزوح المتكرر والتنقل من بلد إلى آخر وهن تعانين اليوم من نزع الجنسية عنهن في بعض دول الخليج"، مشددة على ضرورة المطالبة بحق تمتع النساء الفلسطينيات بجنسيتهن والاعتراف بدولتهن.

وطالبت بتفعيل القانون والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق النساء في مثل هذه الظروف وتمكينهن من كامل الحقوق وتوفير الأمن والأمان في بلدهن سوريا كدولة مستقلة حرة على كامل أراضيها "سنتظاهر أمام المنظمات والسفارات للمطالبة بوقف الانتهاكات المرتكبة ضد النساء".

وفي ختام حديثها، علقت الناشطة السياسية كبيرة شاطر أملها على النساء السوريات وعلى وجه الخصوص الكرديات باعتبارهن المؤهلات للدفاع عن سوريا ومتمرسات على حمل السلاح والمقاومة فهن كن قد صمدن وواجهن الدولة التركية وداعش "يجب عليهن مواجهة الحركات الثيوقراطية من جديد، المهددة لكينونتهن وحريتهن".