التطبيع بين حكومة دمشق وتركيا وتداعياته على المنطقة

التطبيع بين حكومة دمشق وتركيا سيحمل معه العديد من التغيرات لواقع البلاد والعلاقات، ولن يقبل الشعب السوري أن يكون ضحية إعادة العلاقات بين الجهتين فما هي شروط هذه العملية؟

سيبيلييا الإبراهيم

الرقة ـ أكدت المنسقة العامة لمجلس المرأة السورية رحاب إبراهيم أنه على كافة الأطراف أن تدرك أن الشعب لن يقبل أن يكون التطبيع على حسابه أو على حساب شبر من الأراضي السورية، ومن جهة أخرى هنالك حاجة ماسة لحل سياسي توافقي لتستعيد سوريا قوتها ووحدة الأراضي والبلاد.

في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية ووسط التخبطات على الساحة الإقليمية والدولية وعلى الساحة السورية بشكل خاص والحروب الدائرة في المنطقة تقوم حكومة دمشق والدولة التركية بخطوة التطبيع بعد أربعة عشرة عاماً من الأزمة التي شهدتها البلاد والانتهاكات التي قامت بها الجهتان بحق الشعب السوري، بوساطة روسية إيرانية بعيداً عن التفكير بواقع ومطالب الشعب السوري الذي انتهكته الأزمات.

إلى أين سيقود التطبيع الشعب السوري وكيف ستؤثر على الأزمة العالقة، وإلى أين ستتجه المعارضة السورية التي خذلتها تركيا خلال خطوة التطبيع، وماذا ستكون تأثيراتها على إقليم شمال وشرق سوريا خاصةً بعد الإنجازات الأخيرة التي تحققت على أرض الواقع، وهل جاء التطبيع لضرب هذه المكتسبات وتعميق الأزمة السورية، كل هذه التساؤلات ستجيب عليها المنسقة العامة لمجلس المرأة السورية رحاب إبراهيم.

 

حقيقة سياسة تركيا في سوريا

وحول التطبيع بين حكومة دمشق وتركيا وسط التخبطات على الساحة الإقليمية والدولية والأزمات التي تشهدها البلاد قالت "الوضع السياسي بسوريا بات مرعباً نتيجة التدخلات الإقليمية والدولية والوضع الاقتصادي الصعب، لكن إذ ما عدنا للوراء قليلاً تاريخ العلاقات بين تركيا وسوريا وبدءاً من الحراك السوري والتي اتخذت فيه الدولة التركية دوراً وموقفاً دبلوماسياً لكن لم يلبث أن استمر طويلاً ليبدأ الوجه الحقيقي لها ومطامعها في سوريا ففرضت العديد من الانتهاكات والممارسات على الشعب".

وأوضحت أن "أولى تدخلاتها بدأت في عام 2012 عندما صوت البرلمان بإعطاء القوات العسكرية الحق في اصدار قرار بالتدخل التركي في الأراضي السورية، وتتالت الأحداث بعدها ليصدر في عام 2014 قرار بإغلاق المعابر للتضيق الاقتصادي والخناق على الشعب، بالإضافة إلى العمليات العسكرية في سوريا أولها عملية درع الفرات وأيضاً عملية غصن الزيتون وخلالها تلقت تركيا العديد من الانتقادات الدولية حول الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب في عفرين وأدت إلى تهجير السكان، والتي كانت بحجة إنشاء منطقة آمنة لكن الواضح هو عكس ذلك تماماً".

 

التطبيع يخدم مصالح دولية وإقليمية

وأضافت "في 30 حزيران الماضي صرح أردوغان بأنه ليس هنالك أي مانع للتطبيع مع سوريا إثر سؤال صحفي موجه لرئيس سوريا بشار الأسد بأن الحكومة السورية ليس لديها مشكلة في القيام بمبادرات يكون نتيجتها التطبيع في حال انسحبت تركيا من كامل الأراضي السورية التي احتلها بعد الأزمة السورية".

وعن الأسباب التي دفعت حكومة دمشق وتركيا للقيام بخطوة التطبيع بعد مرور 14 عاماً من الأزمة أوضحت "تركيا تسببت بأزمة اقتصادية نتيجة الأحداث واحتوائها المعارضة المسلحة، واليوم الواقع بات خانق جداً من الناحية الاقتصادية، فواجب حكومة دمشق والدول الإقليمية والفاعلة في سوريا أن تجد حل سريع للخروج من الأزمة الحقيقية ألا وهي الاقتصادية بداية"، مؤكدة أنه "الآن نحن باتجاه مهم يجب أن يدرك الجميع فيه أن كل مواطن سوري لن يقبل أن تكون العلاقات والتطبيع على حساب السوريين أو على حساب شبر من مساحة سوريا، نحن بحاجة ماسة إلى حل سياسي توافقي لتستعيد سوريا قوتها ووحدة الأراضي والبلاد".

وعن مصير وواقع المعارضة السورية بعد عملية التطبيع بين حكومة دمشق وتركيا قالت "بالعودة إلى التاريخ المعارضة لم يكن لها دور فعال ففي حال قالت تركيا أن مكاتب المعارضة ستغلق المكاتب، فالمعارضة لم تبني نفسها بالطريقة التي تسمح لها بأن تكون حجر شطرنج فعال في المنطقة، أي أن الأمور الدولية والإقليمية في الوقت الراهن أكثر أهمية من أن نتجه للمعارضة ومصيرهم".

 

تطبيع العلاقات يبدأ بخروج تركيا من الأرضي السورية

وحول موقف حكومة دمشق من عملية التطبيع في ظل استمرار احتلال تركيا للعديد من المناطق أوضحت "رد الرئيس بشار الأسد كان واضحاً خلال متابعة الأحداث والمجريات على وسائل الإعلام بأن التطبيع يبدأ بانسحاب القوات التركية من كافة الأراضي السورية، وتبين خلال هذا الموقف أن الأسد يشدد على أهمية وحدة الأراضي السورية واسترجاع كل جزء اغتصب منذ عام 2012 ولغاية يومنا الراهن".

 

مواقف ضبابية إيزاء مصير اللاجئين السوريين

وتتساءل حول الدور الذي ستلعبه القضايا الإنسانية كعودة اللاجئين وإعادة إعمار المناطق المتضررة والمناطق المحتلة؟ هل سيكون هنالك عودة قسرية؟ وهل سيكون هنالك تغير ديمغرافي أكثر مما حصل في سوريا والنصيب الأكبر دفعته النساء لأنهن في الحروب والفترة التي تليها تكون الحلقة الأضعف دائماً "نحن بدورنا كمجلس المرأة السورية وكافة الحركات النسوية الموجودة على امتداد الجغرافية السورية تهمنا هذه الخطوات واللحظات السياسية التاريخية وأن يكون لنا دور في عودة آمنة طوعية للاجئين وتكون الجغرافية مجهزة لاستقبالهم فيكفي ما عانوه خلال الأزمة والحرب".

 

"المرأة هي بداية الحل السلمي في سوريا"

وعن دور مجلس المرأة السورية في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة بينت أنه "غالباً ما يتم طرح موضوع التمكين الاجتماعي والاقتصادي، والمرأة تحتاج إلى تمكين سياسي لتقود الراية في المرحلة القادمة في سوريا، كما يجب أن يكون هنالك رؤيا مستقبلية من أجل إنشاء مظلة، ونحن حاولنا أن يكون مجلس المرأة السورية هو هذه المظلة فنحن بحاجة ماسة للنهوض بواقع المرأة وتبوء مواقع صنع القرار، والنساء قادرات وأثبتن ذواتهن خلال سنوات الحرب وما بعدها".

اختتمت المنسقة العامة لمجلس المرأة السورية رحاب إبراهيم حديثها بالتأكيد على أهمية التكاتف وتوحيد الطاقات والجهود النسوية وتمكين وتوعية وقراءة الواقع السوري، والإيمان بقدرة المرأة وبأنها هي بداية الحل السلمي في سوريا.