التمثيل السياسي... العادات والتحديات الاجتماعية عمقت الفجوة بين الجنسين

أكدت الناشطة السياسية ريم فرحات أن هناك فجوة كبيرة في التمثيل السياسي بين الجنسين في فلسطين بسبب الثقافة التقليدية والتحديات الاجتماعية التي تهمش دور المرأة ومشاركتها السياسية.

نغم كراجة

غزة ـ تعد المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية وتقلدها مواقع صنع القرار مكتسباً ضرورياً على الصعيدين الوطني والدولي بما يعزز مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق النساء، وبالرغم من القوانين والمواثيق الدولية التي كفلت للنسويات حقوقهن السياسية إلا أن الواقع والتطبيق غيّر النحو المأمول.

خاضت النساء المعترك السياسي منذ عام 1929 ومنذ ذلك الوقت وهن شريكات الرجل في الوطنية والنضالية، وقدمن العديد من الأسيرات لكنهن لم يصلن إلى المناصب القيادية العليا حيث وصلت نسبة مشاركة المرأة في قوائم الانتخابات التشريعية 20% عام 2006، أما الدوائر فقد خلت من الحضور النسائي.

واعتمد المجلس المركزي قرار زيادة نسبة الكوتا النسائية في هياكل الدولة إلى 30% وتم تطبيق جزء منها وليس كلياً بسبب الفكر الذكوري والثقافة المجتمعية والحزبية التي تقلل من مشاركة المرأة وتفضل تعيين الذكور ضمن منهجيات مبرمجة في الهيئات القيادية.

وحول ذلك قالت الناشطة السياسية ريم فرحات أن النساء الفلسطينيات تتعرضن للعنف بصورٍ مختلفة بسبب نشاطهن ونضالهن السياسي من أجل الحرية والعدالة وضمان حقوقهن، ويأخذ تعنيفهن أشكالاً عدة منها التهديد والابتزاز والاعتقال والاعتداء الجسدي والتشهير والاستهداف الإلكتروني كالتجسس واقتحام الخصوصية.

وأوضحت أن هناك فجوة كبيرة في التمثيل السياسي بين الجنسين في فلسطين بسبب الثقافة التقليدية التي تهمش دور المرأة ومشاركتها السياسية، كما تواجه النساء تحديات اجتماعية مثل القيود الأسرية والعشائرية التي ترفض انخراطهن بشكل فعال وتواجدهن في مواقع صنع القرار، كذلك العراقيل الاقتصادية التي تؤثر على قدرتهن وتوجهاتهن نتيجة انشغالهن بتوفير المتطلبات الأساسية لأسرهن باعتبارهن المعيلات في ظل الظروف الصعبة.

وحول مشاركة النساء في صياغة تشريعات وسن قوانين ضامنة لحقوقهن قالت "يجب تفعيل وتدعيم المشاركة السياسية للمرأة ضمن محددات قانونية ودستورية وسياسات تتوافق وتنسجم مع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي أقرت لهن على مبدأ المساواة دون تمييز ونصت على منحها حقوقها كاملة وبناء شخصيتها والتعبير عن إرادتها والانخراط في المجتمع والنظام السياسي".

ولفتت إلى أن "اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة" تعتبر تتويجاً وتأكيداً لحقوق المرأة ومساواتها وتمكينها من أدائها لدورها، ونيل استقلالها الذاتي وتحسين مركزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وهذه أمور ضرورية في صلب التنمية المستدامة التي يسعى المجتمع لتحقيقها.

وأكدت بأن هناك ضعف في تواجد المرأة الفلسطينية في المراكز العليا وصناعة القرار نتيجة قولبة الحركة النسائية في منظمات حكومية وتحويل مؤسسات المجتمع المدني إلى كيانات مهنية بيروقراطية أحدثت مسافة بينها وبين القواعد الشعبية والمجتمعات المحلية، وإدماج النساء بها صورياً.

وحول مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار في السلك الدبلوماسي قالت "المادة ٥٦ لم تميز بين الجنسين وأتاحت المجال للنساء بوجودهن في الهيئات الدولية، وأصدر قانون الانتخابات عام 1995 وبناء عليه دخلت النساء المجلس التشريعي والرئاسي وبلغت نسبة المشاركات 49% من إجمالي عدد الناخبين، كما أتاح لها قانون التعليم الذي أصدر عام 1998 فرصة التعلم في كافة المراحل الدراسية، والمادة رقم 4 التي كفلت لها الضمانات الوظيفية"، مشيرة إلى أن الوقع التمييزي في قانون الأحوال الشخصية ما زال مستمراً ومجحفاً حتى يومنا هذا.

وأوضحت أن المؤسسات النسوية اهتمت بحقوق المرأة والقوانين السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بها من خلال اللقاءات، والدراسات، والمنشورات، وورش العمل، ومحاولة تلك المنظمات العمل على تعديل القوانين وتغييرها بما يتلاءم ويتناسب مع الرؤية النسوية الجديدة، ليتم إنصاف النساء وحماية حقوقهن ووصولهن إلى مواقع صنع القرار.

وبينت أن المؤسسات النسوية عملت على تعديل مواد في بعض القوانين مثل: قانون الأحوال الشخصية والعقوبات والعمل، وتقديم اقتراحات بديلة تتعلق بمواضيع سن الزواج، والنفقة، والحضانة، والسكن، والميراث، والقتل على خلفية الشرف وغيرها بما يتناسب مع الاتفاقيات الدولية، وبالأخص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وأضافت "السلطات قامت بتخطيط تنموي وسن تشريعات تمس عملية المشاركة السياسية للنساء بشكل مباشر كما هو الحال في حجم الموازنات المرصودة لقطاع المرأة أو على صعيد القوانين التي تسعى لتفعيل دور المرأة السياسي كقانون الانتخابات وما تلاه من تعديلات".

ونوهت إلى أنه هناك تقصير واضح بحق الفئات الضعيفة والهشة من النساء وعبرن بطرق كثير عن احتجاجهن وانتقاداتهن لهذه السياسات عبر الصحف والمذكرات التي رفعت إلى المجلس التشريعي، والمسيرات التي نادت بسن قوانين أكثر عدالة وإنصافاً والقيام بالعديد من الأبحاث واستطلاعات الرأي التي أيدت وطالبت بالإصلاح والتغيير.

وتجد ريم فرحات أن العمل السياسي يجب أن يلبي طموح المرأة الفلسطينية بما يؤهلها إلى تغيير الواقع وتعزيز بيئة آمنة لمثيلاتها من خلال دعم سياسات قائمة على المساواة بين الجنسين، وتعزيز تمثيلها في المناصب القيادية العليا ومواقع صنع القرار، وتشجيع مشاركتها الفاعلة في الحوارات والنقاشات السياسية، والمساهمة في صياغة قوانين تحمي حقوق المرأة وتخلق مساحات لتطويرها وتنمية قدراتها وخبراتها "العمل السياسي لم يلبي احتياجات بعض الفئات الضعيفة من النساء بسبب حصر هذه الفئة داخل دائرة مغلقة وحرمانها من المشاركة وتبادل الخبرات والتمتع بحقوقهن السياسية والاقتصادية والثقافية".