الصورة النمطية تحول دون مشاركة النساء في المجال السياسي والتنمية المستدامة
دعت الباحثة في القضايا النسوية شيرين الضاني إلى تصحيح الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية في المجتمعات وإتاحة الفرصة أمامها لتولي المناصب العليا وتطوير مهاراتها وإشراكها في الجانب التنموي والاجتماعي بما يضمن تحقيق مفاهيم العدالة والمساواة والتنمية المستدامة.
نغم كراجة
غزة ـ لا تزال الصورة النمطية السائدة تقلل من مكانة المرأة الفلسطينية وتحجم دورها وتحول دون مشاركتها في المجال السياسي والتنمية المستدامة وبالرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها في المعترك النضالي والميدان العام وتحملها الأعباء الأسرية والاقتصادية والاجتماعية في آنٍ واحد، إلا أن المجتمع يحصرها تحت سطوة العنصر الذكوري والفكر التقليدي الممنهج القائم على التمييز والتبعية.
قالت الباحثة في القضايا النسوية شيرين الضاني أن النساء في فلسطين تواجهن ضغوطات مضاعفة بسبب الحصار المستمر منذ 17 عام والعادات والأعراف البالية التي ترسخ في عقول الأجيال وتمارس عليها بكافة الأشكال مما زاد من حدة الصراعات والاشكاليات المبنية على الاضطهاد والتمييز بين الجنسين وعدم تطبيق مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة، وباتت المواجهة الكبرى أمام الصورة النمطية التي شكلت دائرة مغلقة حول ممارسة حقوقها ودورها.
وترى أن المعتقدات الاجتماعية أثرت سلباً على الثقافة السياسية السائدة في المجتمعات العربية والفلسطينية على وجه الخصوص حيث يحصر الرجل دور المرأة في المهام الأسرية والمنزلية من رعاية واهتمام وإنجاب "قدمت النساء الفلسطينيات الكثير من التضحيات والانجازات لكن الذهنية الذكورية تهمش دورها وتقلل من شأنها ومكانتها".
وأشارت إلى أن صورة المرأة في الإعلام العربي والفلسطيني تأثرت إلى حد ما بالثقافة الذكورية والنمطية مما أدى إلى ترسيخ قواعد ومبادئ غير منصفة للنساء حيث ركز على عرض الأدوار التقليدية والغير مرغوبة كإظهار تقبلها للتبعية والخضوع، أو استخدامها كسلعة إعلانية باعتبارها مغرية "هذه التصريحات المزعومة جعلت الإعلام العربي لا يؤمن بقضية المساواة بين الجنسين" .
وبينما حاول الإعلام الفلسطيني إظهار صورة المرأة الضعيفة التي تعيش تحت ظروف قهرية كالفقر والحرمان وانعدام الأمن وقلة الإمكانيات في ظل الحروب السياسية المتتالية وأخفى الصورة الحقيقة لها والتي تتمثل في صمودها وثباتها وكفاحها أمام عنجهية الاحتلال واستمرار الحصار وتغاضى النظر عن تضحياتها ونضالاتها وحجم عطاءها ومشاركتها في الميدان العام بجانب الرجل، بحسب قولها.
وأكدت أن الصورة النمطية في المجتمع الفلسطيني من أكبر المعوقات التي حالت دون مشاركة النساء في المعترك السياسي والتنمية المستدامة باعتبار أن المناطق الفلسطينية يطغى عليها الفكر الذكوري المترسخ من جيل لآخر وتقييد المرأة في الوظائف الأسرية وبعض الرتب الأولية في الوزارات والمؤسسات القابلة بالمشاركة النسوية وعدم الإيمان بأهمية وجودها في الميدان السياسي الذي أدى إلى طمس مهاراتها وقدرتها الفاعلة وعزز وجود الرجل وتفوقه.
ولفتت إلى أن المرأة ليست واعية بحقوقها السياسية والقانونية ودورها في عملية التنمية بشكل كافي، كذلك لم تنجح الكوتا النسوية التي نصت على تمثيل النساء في المجالس البرلمانية بنسبة 25% في تطوير مشاركة المرأة في الشأن السياسي بسبب عدم تطرقها للعدالة الاجتماعية والاقتصادية واكتفائها بالمساواة العددية، أيضاً الفصل بين الجنسين في اللقاءات العامة والجامعات والمؤتمرات أحدث فجوة كبيرة جعلت المرأة تتجه إلى حواراتها النسوية فقط وهذا ساهم في عدم إظهار مهاراتها وقدرتها على مستوى عالي وجماهيري.
وتجد أن سيطرة النظام الأبوي والمبادئ العشائرية البالية واعتماد المحاصصة الفصائلية القائمة على حجم التنظيمات ونقص الموارد الاقتصادية وضعف الخبرات وقلة الوعي القانوني والسياسي والحقوق، عوائق حدت من مشاركة النساء في الانتخابات وتقلد مواقع صنع القرار، منوهةً إلى أن قلة تواجد النساء في المجلس التشريعي والهيئات المحلية عزز من الصورة النمطية لهن.
وأوضحت أن هنالك علاقة ترابطية بين مشاركة المرأة في السياقات السياسية والتمكين الاقتصادي والاجتماعي بما يزيد وجودها في سياسات المجالات العامة كالتعليم والصحة والقوانين وغيرها، وزيادة تمثيلها في مواقع صنع القرار يعمل على تمكينها من تبني قرارات وتشريعات تدعم المساواة والعدالة وهذا يعزز مفهوم مشاركتها في التنمية المستدامة.
وأكدت على أنه لا يمكن تحقيق التنمية السياسية في فلسطين إلا في ظل الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام واعتماد مبدأ المشاركة في المعترك السياسي على أساس التعددية والتداول السلمي للسلطات والحكومات، وعدم التمييز بين الجنسين.
ودعت إلى إتاحة المجال أمام النساء في تولي مناصب قيادية عليا وصياغة السياسات في المجالات العامة بما يتلاءم مع الحجم النسبي لهن، والعمل على تمكينهن من أجل تغيير الصورة النمطية في المجتمعات والإعلام والتطرق لإنجازات المرأة وأدوارها الإيجابية وإلغاء النهج التقليدي القائم على التبعية والاغراء، وتطوير الكوتا النسائية بما يضمن مشاركتها الفاعلة وزيادة تمثيلها في المجالس والهيئات، وضرورة إشراكها في المجال التنموي والاجتماعي لتحقيق مفهوم الاستدامة والعدالة الجندرية.