'العمل البلدي تنموي ويمكن للنساء التغيير وإحداث الفرق'

من خلال مشاركتهن في العمل السياسي على المستوى المحلي وفي العمل البلدي، أثبتت النساء قدرتهن على إحداث التغيير الإيجابي ابتداء من الدائرة الصغرى وصولاً إلى استحقاقات أكبر.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ من العمل التربوي والاجتماعي شقت الدكتورة منى عقل طريقها نحو المشاركة السياسية للمرأة عبر عضوية المجلس البلدي في مدينة عاليه، وأثبتت من خلال العمل الجاد والفعال ومتابعة التثقيف الذاتي، قدرة المرأة على التغيير الإيجابي من المستوى المحلي للتنمية، وذلك وسط تحديات كثيرة.

عن تعريفها للنسوية قالت الدكتورة منى عقل "هناك عدة مفاهيم للنسوية، لكن بالنسبة لي النسوية تمثل تكاملاً بين الرجل والمرأة، فلكل منهما دور، بمعنى أنه ليس ثمة ضرورة لتكون المرأة ضد الرجل، ولا الرجل أيضاً ضد المرأة. وعلى المرأة أن تؤمن بنفسها وبدورها وقدراتها، وأن تؤمن أيضاً أنها إذا ما أرادت النجاح والتقدم، فلا أحد يمكن أن يقف في طريقها".

 

الانتخابات البلدية

وتتسأل "بالنسبة للانتخابات البلدية القادمة كم هي نسبة النساء اللواتي ستخضن هذا الاستحقاق؟ وكم كانت نسبة النساء اللواتي شاركن في الانتخابات البلدية السابقة؟"، مشيرة إلى أن "المرأة اذ كانت تسعى للحصول على حقوقها وفاعلة في كل المجالات لا بد أن تناضل، لا يعني ذلك أن الطريق سيكون سهلاً ومعبداً أمامها للوصول، هناك تحديات كبيرة وإضافية تواجهها المرأة ولا يواجهها الرجل، ورغم كل هذا نرى أن المرأة بدأت تثبت وجودها وحضورها، وتطالب بالمساواة مع الرجل".

وأشارت إلى أنه "في الوقت الحالي يتم العمل على قوانين عدة، فنضال المرأة يبدأ من هنا، أي من خلال تطوير وتحديث القوانين، من جهة ثانية لا بد من تغيير نظرة المجتمع، وإذا عدنا إلى الوراء، فعندما كنا صغاراً ونذهب إلى المدرسة كانوا يقدمون لنا صورة الرجل الذي يقرأ الجريدة والمرأة التي تعد الطعام في المطبخ، أي تصدير هذه الصورة النمطية، ولا تزال هذه النظرة في بعض مجتمعاتنا، حيث يتم تعليم الفتاة حتى المرحلة الثانوية فقط وتحرم من المتابعة".

 

عقبات

وعما تواجهه المرأة من عقبات وتحديات في مجال خوض الاستحقاق الانتخابي البلدي، قالت "أي امرأة تريد الترشح إلى الانتخابات البلدية، وربما إلى مجلس النواب، ستواجه بمقولة "ألم يبقَ هناك رجال كي تترشح امرأة"، مثل هذه المقولة ستسمعها المرأة كثيراً، ولكن النساء لم تعدن تبالين بذلك، لأنه بات لديها الوعي الكافي، وهنا يتبدى دور المرأة وموقعها في قدرتها على خوض الاستحقاق، وبالنسبة لي، كنت أواجه انتخابياً ثلاثة رجال من عائلتي، ومن ثم انسحبوا لصالحي، وذلك بسبب ما بنيته خلال السنوات السابقة من ثقة الناس بعملي".

قبل خوضها للانتخابات البلدية أسست منى عقل جمعية "ملتقى الفكر المدني للتنمية" عام 2008، وعملت من خلالها على الشباب، وكان لها نشاطات مهمة، وعن ذلك تقول "ما ساعدني أن الجمعية كانت تضم شباباً من مختلف الأطياف اللبنانية، وشاركنا في العديد من المشاريع منها مشروع بيروت عاصمة عالمية للكتاب، كما كرمنا ستة أعلام من مدينة عاليه، ووضعنا لوحات رخامية على منازلهم، وقد أسست الجمعية في عز الانقسام الذي كان سائداً في لبنان بين قوى 8 و14 آذار".

وعن النشاط النسوي قالت "احتضن المركز الثقافي جمعيات نسوية عدة ومجاناً، فالهدف كان توعية الناس، فالبلدية حيادية وعلى مسافة واحدة من الجميع، حيث نظمت العديد من المحاضرات حول العنف ضد النساء للجنة حقوق المرأة اللبنانية، ومشروع تفريغ طاقة شمل ست مجموعات طلابية مع هيئة شؤون المرأة اللبنانية، وكانت أول هذه المجموعات لذوي الاحتياجات الخاصة، وهي الأولى من نوعها في لبنان ومنطقة الجبل، حيث زودناهم بشتول للمبادرة بالزراعة و"تفريغ طاقاتهم" بصورة إيجابية، ومحاضرات للاتحاد النسائي التقدمي ومؤسسة فرح الاجتماعية حيث قدمت الأخيرة بذور وشتول لمشاريع زراعية خلال فترة كورونا".

 

هجرة الشباب

وأضافت "لعل الخطر الداهم حالياً، هو هجرة الأدمغة والشباب، وهو ما نحاول الحد منه، فقد تواصلت مع الصليب الأحمر، بهدف إنشاء لجنة شبابية، تساهم بتثقيف الشباب وتوعيتهم، والحد من التسرب المدرسي بسبب غلاء المعيشة والنقل، وكذلك عبر دورات  مستمرة مع منظمة mercy corps في مجال ريادة الأعمال والتسويق الإلكتروني وكتابة السيرة الذاتية وغيرها لتأمين فرص عمل ومنعهم من الهجرة".

وعن المشاريع المستقبلية قالت "هناك مشاريع طاقة شمسية لهذا المركز وللمدارس الرسمية مع منظمة الرؤية العالمية، ليصبح المركز نقطة وصل للنساء والشباب، والسعي لجذب المزيد من الجهات المانحة للقيام بمشاريع تنموية".

وفي ختام حديثها قالت "على النساء اللواتي ستقررن خوض الاستحقاق معرفة بأن البلدية هي حاضنة العمل التنموي، ومن يردْنَ خوض غمار هذه التجربة عليهن أن تدركن حجم العمل الذي ينتظرهن، فطريق العمل أمامهن طويل لتحدثن الفرق، فضلاً عن صعوبة العمل البلدي في هذه الفترة مع ما نواجه من ظروف اقتصادية صعبة، لذا اليوم ثمة معاناة في البلديات، ولكن يمكن العمل والتعاون مع جمعيات وجهات مانحة، وتزويد البلديات بمشاريع إنمائية".