الكوتا النسائية (4)... اليمن وقطر والسعودية وعمان.. ما بين التأخير والضعف في التمثيل (2)
حصلت المرأة اليمنية والقطرية والسعودية على الكوتا النسائية في البرلمان في وقت متأخر جداً بينما لا تزال المرأة العمانية تطالب بهذا الحق في ظل نظام يفتقر لوجود الأحزاب السياسية
اليمن وقطر والسعودية وعمان.. ما بين التأخير والضعف في التمثيل (2)
مركز الأخبار ـ .
وعلى الرغم من حصول النساء على حقهن في التصويت والترشيح في دول شبه الجزيرة العربية منذ نهايات القرن العشرين، إلا أن الممارسة الفعلية لهذا الحق تأخرت تبعها تمثيل ضعيف للمرأة في البرلمانات والمجالس.
عمانيات يطالبن باعتماد نظام الكوتا النسائية
حصلت المرأة العمانية على حق العمل السياسي في عام 1994 بناءً على مبادرة السلطان قابوس بن سعيد، حيث تم خلال العملية الانتخابية تعيين امرأتين في المجلس، وكانت تلك المرة الأولى التي تشارك فيها النساء في العملية السياسية بدول شبه الجزيرة العربية.
ومن خلال تعديل القانون الأساسي العماني في عام 1996، احتلت عمان المرتبة الأولى خليجياً التي تمنح المرأة حق التصويت، فقد تم تأسيس مجلس الدولة في عام 1997، واختيرت خمس نساء لتمثيل الهيئة النيابية المعينة المكونة من 41 مقعداً.
ودخلت المرأة العمانية مجلس الشورى لأول مرة في عام 2000، واستطاعت الفوز بمقعدين في المجلس، وقد أصدر السلطان مرسوماً في أواخر عام 2002 وسع بموجبه حقوق المشاركة في انتخابات مجلس الشورى لكافة المواطنين فوق سن 21 عاماً، كما وشهدت انتخابات عام 2003 مشاركة واسعة من قبل النساء في العملية الانتخابية دون تقيد وبمساواتها مع الرجل من حيث شروط الترشح والانتخاب بنسبة (38%) من مجموع الناخبين.
إلا إنه في الدورة الانتخابية التي لحقتها، لم تستطع المرأة في عمان الذي يسوده نظام حكم سلطاني وراثي في الحفاظ على نصيبها من المقاعد حيث لم تنتخب أي من النساء العشرين اللواتي اشتركن في الانتخابات.
وقد تنافس 590 مرشحاً بينهم 20 امرأة في انتخابات الدورة الثامنة للمجلس في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2015، بعد منح صلاحيات تشريعية ورقابية لمجلس الشورى بمرسوم سلطاني صدر في ربيع 2011، وقد فازت في تلك الانتخابات امرأة واحدة فقط من إجمالي 85 مقعداً في المجلس، لتكون الممثلة الوحيدة للمرأة العمانية داخل مجلس الشورى.
ووفقاً لتقارير إعلامية شهدت الانتخابات البلدية العمانية التي نظمت في 2017 بالاقتراع العام حصول النساء على 7 مقاعد فقط وذلك من إجمالي 202 مقعداً، وفي مجلس الشورى الذي تشكل منذ 2015، احتفظت نعمة البوسعيدي فقط بمقعد عضوية المجلس من بين 20 امرأة دخلن الانتخابات من إجمالي 600 مرشح، ولوحظ أن عدد النساء المرشحات في هذه الانتخابات انخفض إلى النصف مقارنة بالانتخابات السابقة لها، أي أن النتائج على أرض الواقع لا تتماشى مع ما تروج له السلطة من إقرار المساواة بين الجنسين.
وتشغل المرأة 14 مقعداً من إجمالي 70 مقعداً من مجلس الدولة لعام 2019، كما وتم تضمين نظام مجلس الدولة والشورى في ما ينص على عضوية سبع نساء من العدد الكلي للأعضاء البالغ عددهم 55.
وعلى الرغم من تقدم الدول الخليجية في تمكين ورفع تمثيلية المرأة في الحياة السياسية التي تدل على درجة ديمقراطية أي بلد، إلا إن عمان حلت المرتبة الرابعة خليجياً على مستوى تمكين المرأة في المناصب القيادية العليا في الحكومات وما زالت تشهد تمثيلاً ضعيفاً للمرأة.
وفي منتصف عام 2019 تعالت أصوات مطالبة باعتماد نظام الكوتا النسائية كإجراء ضروري لترسيخ المرأة في المجالس المنتخبة في عمان "رفع نسبة الكوتا في المجالس والبرلمانات"، لتكون خطوة مساعدة في طرح قضايا المرأة وتبني المواقف التي تدعمها وتغيير نظرة المجتمع لدورها.
ومن أهم وأبرز المعوقات أمام تمثيل المرأة العمانية في المجالس المدنية والبرلمان هو غياب الأحزاب السياسية التي تمنعها السلطنة من التشكل عن الساحة الانتخابية، فللأحزاب دور مهم في إشراك النساء بالحياة السياسية ورفع نسبة تمثيلهن، فبعض الدول تفرض دساتير على الحكومات والأحزاب لتخصيص نسبة من مقاعد البرلمانات للنساء بموجب نظام الكوتا أو ترشيح الأخيرة نسبة محددة من النساء في قوائمها الانتخابية.
قطر.. الموروث الاجتماعي والثقافي يقف عقبة أمام المرأة
شاركت القطريات في الانتخابات البلدية التي بدأت عام 1998 بنسبة (47%) بعد إقرار حقي الانتخاب والترشح للمرأة في خطاب الأمير حمد بن خليفة بن حمد بن عبدالله بن جاسم بن محمد آل ثاني في الدورة الاعتيادية لمجلس الشورى عام 1997.
وبحلول عام 1999 سنت قطر عشرات القوانين لتمكين النساء من المشاركة في صناعة القرار فضلا عن المشاركة في انتخابات المجلس البلدي المركزي، واتضح توجه قطر نحو تعزيز مكانة المرأة القطرية في الحقل السياسي من خلال عدد من المبادرات اتخذت في السنوات القليلة الماضية لتمكين المرأة من القيام بدورها في مختلف الميادين البرلمانية والسياسية وتوفير التدابير الكفيلة بتمكينها من المشاركة في مجلس إدارات الأجهزة الحكومية والخاصة والمشتركة.
وقد دخل هذا التوجه حيز التطبيق عندما شاركت المرأة القطرية في انتخابات المجلس البلدي في 8 آذار/مارس 1999 كناخبة ومرشحة وهي أول انتخابات شعبية في تاريخ قطر، حيث ترشحت "موزة المالكي" في ذات العام من أجل خوض الانتخابات البلدية لتكون أول سيدة ضمن دول مجلس التعاون الخليجي تترشح لنيل مثل هكذا منصب.
في انتخابات المجلس البلدي المركزي لعام 2003 تم تعيين شيخة يوسف حسن الجفيري في مجلس الوزراء، لتكون أول امرأة عمانية تفوز في انتخابات المجلس البلدي المركزي، وشكلت نسبة المسجلات في القوائم الانتخابية (43.8%) شاركت (42.7%) منهن بالفعل في عملية الاقتراع، كما ترشحت 6 سيدات، ولكن لم تحصل سوى امرأة واحدة على مقعد في المجلس وهو بالتزكية، في الوقت الذي فشلت فيه المرشحات الأخريات في الحصول على الأصوات التي تؤهلهن للفوز بمقاعد في المجلس المنتخب.
وبالمقارنة نجد إن مشاركة المرأة في التجربة الديمقراطية قد رفعت نسب الناخبات بشكل طفيف في عام 2007 عما كانت عليه 1999، كما تم انتخاب امرأتين في وقت واحد للمرة الأولى في عام 2015 خلال انتخابات المجلس البلدي المركزي وأعيد انتخابهن من جديد، وتم توفير فرص مشاركة المرأة في صنع القرار واتخاذ القرار والقيام بالمشاركة السياسية الفعالة حيث كانت أول ممارسة انتخابية للمرأة والرجل على السواء في عام 1999.
ولكن تراجعت نسبة تمثيل المرأة بشكل واضح في انتخابات الدورة الثانية إلى (27%) على الرغم من دخولها المجلس المركزي لأول مرة، وفي الدورة الثالثة عام 2007 ارتفعت نسبة المقترعات إلى إجمالي الناخبات لتصل إلى (51.8%) إلا أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه في الدورة الأولى عام 1999.
ومؤخراً تم تجديد عضوية مجلس الشورى القطري بتعيين 28 عضواً جديداً بينهم 4 نساء بحسب ما نص عليه القرار رقم 22 الصادر في عام 2017، وحلت قطر في المرتبة الثالثة خليجياً على صعيد تمكين المرأة في المناصب القيادية، إذ أشارت تقارير إحصائية رسمية إلى أن نسبة تمثيل المرأة القطرية في مواقع صنع القرار تبلغ (30%)، وبحسب تقارير رسمية وغير رسمية تهدف رؤية قطر الوطنية 2030 إلى رفع نسبة التمثيل السياسي للمرأة القطرية.
اليمن.. تجارب خجولة
كان اليمن بشقيه الجنوبي والشمالي من أوائل دول شبه الجزيرة العربية الذي مثلت فيه المرأة في البرلمان حيث منحت المرأة في الجنوب حق التصويت والترشح عام 1970، بينما منحت نساء الشمال حق التصويت والترشح في عام 1983.
وبعد الوحدة اليمنية بثلاث سنوات أجريت أول انتخابات نيابية في عام 1993، فازت فيها مرشحتين فقط من إجمالي عدد المرشحات البالغ عددهن 41 امرأة من بين 3181 مرشحاً، أي بنسبة (1.3%).
وتراجعت مشاركة النساء خلال انتخابات عام 2001 التي لم يتجاوز عدد الناجحات فيها عن 18 مرشحة من أصل 35 امرأة، ولا يختلف الحال عن الانتخابات البرلمانية لعام 2003، حيث لم تفز سوى امرأة واحدة من إجمالي 11 مرشحة.
كان عام 2006 هو الأسوأ في حياة المرأة اليمنية فقد تم تهميشها في الانتخابات الرئاسية والمحلية وفشلت ثلاث مرشحات للانتخابات الرئاسية في الحصول على الدعم اللازم للترشح من قبل مجلسي النواب والشورى، وقد بلغ عدد المرشحات 168 امرأة فقط من إجمالي 19 ألف و223 مرشحاً تنافسوا على ستة مقاعد، وبحسب تقرير البعثة الأوروبية للرقابة على الانتخابات الرئاسية والمحلية لعام 2006، فإن المرأة اليمنية استثنيت بشكل شامل من انتخابات عام 2006.
وفي عام 2008 كانت هناك محاولة من قبل حكومة الرئيس علي عبد الله صالح بإقرار ومنح المرأة نسبة (15%) من الكوتا النسائية في البرلمان، ولكن نتيجة لمهاجمة الأحزاب والقوى الدينية والقبلية لم تشغل المرأة مواقعها سوى نسبة أقل من (1%) في البرلمان معلنين أن "مكان النساء البيت".
وبعد إسقاط حكومة علي عبد الله صالح من خلال الثورة التي اندلعت في 11 شباط/فبرابر 2011 صدر في عام 2014 قرار جمهوري رقم 204، تم بموجبه تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة مع صياغة دستور جديد بعد المفاوضات التي استمرت عدة أشهر، وحصلت المرأة اليمنية خلالها على أربع مقاعد في لجنة صياغة الدستور المكون من 17 عضواً أي بنسبة (24%).
وبشكل ملحوظ تراجعت مشاركة النساء في العملية السياسية في عام 2015، ولكن فيما بعد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني والعملية السياسية خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة التغيير، وكان من مقررات المؤتمر بألا تقل نسبة مشاركة المرأة في مختلف المؤسسات عن (30%) من الكوتا النسائية، إلا إن الأطراف التي حملت طابعاً دينياً رفضت ذلك القرار معتبرة أن فرض الكوتا النسائية تعسف بحق المرأة ويحملها أكثر من جهدها.
السعودية... آخر الدول العربية المانحة للمرأة حق التصويت والترشح
أما بالنسبة للسعودية فحلت في نهاية قائمة الدول العربية التي منحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات، اذ لم تتقلد أي امرأة سعودية منصبا وزارياً منذ عقود، إلا عندما حصلت على حق التصويت والترشح في الانتخابات البلدية الأول من نوعه بحسب إحصائيات وزارة الخدمة المدنية السعودية لعام 2018.
بدأت مطالبات حصول المرأة السعودية على حقوقها السياسية منذ تسعينات القرن الماضي، واعتبرت السعودية البلد الوحيد في العالم الذي سجل أقل نسبة تمكين للمرأة سياسياً، فلم تتمتع المرأة بحق صنع القرار أو التصويت للناخب حتى عام 2014 بعدما صدر أمر ملكي في عام 2011 ينص على "تمكين المرأة من المشاركة في الانتخابات البلدية".
وشكل عام 2013 قفزة نوعية بالنسبة للمرأة السعودية، فقد دخلت لأول مرة في تاريخ السعودية 30 امرأة إلى مجلس الشورى أي بنسبة تمثيل (20%) بموجب أمر ملكي صدر في 12 كانون الثاني/ديسمبر 2013، إلا أن هذه الخطوة أثارت حفيظة علماء الدين في المملكة وخرجوا في مظاهرات احتجاجاً على تعيين المرأة في المجلس لما فيه من وجهة نظرهم من مخالفة للشريعة الإسلامية مع العلم أن الدين الإسلامي المتبع في السعودية لا يوجد فيها ما يمنع المرأة من الإدلاء بصوتها.
وقد فازت المرأة السعودية في الانتخابات البلدية تقريباً بـ 14 مقعداً خلال الانتخابات التي جرت في كانون الأول/ديسمبر 2015 بحسب ما أعلنت اللجنة الانتخابية السعودية، لتكون أول عملية انتخابية بلدية تشارك فيها النساء ترشحاً واقتراعاً.
وقد حلت السعودية في المرتبة الثانية بنسبة(19.9%) في نسبة تمثيل النساء في البرلمان لعام 2016، ولكن على الرغم من السماح للمرأة السعودية بالترشح في انتخابات المجالس البلدية إلا أن ترشحها رمزي لكون اللعبة الانتخابية غارقة في الصراعات الفكرية بين أنصار التيار الليبرالي الذي يركز على المطالب الاجتماعية وحقوق المرأة وغيرها، والتيار المحافظ الذي لا يقبل أي تغييرات ديمقراطية في المملكة.
ومع ارتفاع الأصوات الذكورية في الانتخابات البلدية وهيمنتها على منابر الحملات الانتخابية، ارتفعت أصوات نسائية في السعودية نادت بضرورة تحالف نسائي لمواجهة المرشحين المدعومين بالولاءات القبلية وانحياز صوت الناخب.
وبحسب ما يرى الباحث في علم الاجتماع أسعد سندي في ملخص الانتخابات البلدية السعودية لعام 2016، أنه حتى بالمقارنة بين دول الشرق الأوسط التي تراجعت حقوق النساء فيها مع السعودية، فالأخيرة تقف منفردة واصفاً إياها بالقلعة الرجعية ضد المسيرة النسوية، فهي لا تشهد انتخابات سوى على المستوى البلدي، مضيفاً أن "السلطات محصورة تقريباً في العائلة المالكة".