الانتخابات اللبنانية من منظور جندري

تعتبر المشاركة السياسية للمرأة ووصولها إلى مراكز صنع القرار، هدفاً لترسيخ مبدأي الديموقراطية والعدالة الجندرية، مما يساهم بالدفع إلى إقرار القوانين التي تمكن النساء من الحصول على حقوقهن، وتحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ على الرغم من تصدر اللبنانيات الخطوط الأمامية لجميع نقاط التحول الوطني منذ الاستقلال وصولاً إلى انتفاضة 17 تشرين الأول والاحتجاجات إثر انفجار مرفأ بيروت، ظل حضورهن ومشاركتهن في القرار السياسي محدوداً، حيث تم تهميش وتنميط وعرقلة دورهن وقمعهن، وتغييبهن عن طاولات الحوار أو المشاركة في أي اتفاقية سياسية.

تموضع لبنان في المركز 119 من 146 دولة على مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي للمساواة الجندرية للعام 2022، حيث لم تنجح إلا 8 نساء، مما يشير إلى أن المشكلة ليست عددية فقط، بل تنسحب على قانون الانتخابات وجميع القوانين التمييزية والتحديات الكبيرة التي تتعلق بالحياة الاجتماعية والسياسية في لبنان.   

ومن أجل تعزيز الديموقراطية ودور المرأة في المجتمع، لا سيما في المجال السياسي، وتحقيقاً لأهداف "الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات "لادي"، لتكافؤ الفرص والمساواة والشفافية، أصدرت الجمعية تقريراً حول مراقبة الانتخابات النيابية للعام 2022 من منظور جندري، وثقت فيه ما واجهته المرشحات من تحديات ومعوقات في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى الضعف في الموارد المالية واللوجستية التي تحد من الفرص المتكافئة لمشاركة النساء العادلة، كما حدد التقرير عدة توصيات للدفع من أجل زيادة مشاركة النساء على المستوى التشريعي عبر إقرار الكوتا.  

وقد جاء التقرير في 39 صفحة تعاونت في كتابته الخبيرة في قضايا المساواة الجندرية عبير شبارو، ومنسقة المشاريع الأولى دايانا البابا، ومنسقة مراقبين طويلي الأمد جودي فتفت.

وقالت منسقة المشروع دايانا البابا لوكالتنا عن أهم النقاط التي سلط التقرير الضوء عليها، وأهمية مشاركة النساء في الحياة  السياسية قائلة إن الجمعية اللبنانية عملت على مراقبة كافة العمليات الانتخابية، وإصدار تقرير خاص بالانتخابات من منظور جندري.   

وعن أهمية التقرير أوضحت "التقرير يلقي الضوء على أبرز المشاكل التي تعاني منها المرأة في لبنان، خصوصاً في مجال المشاركة السياسية، وقد تضمن التقرير العديد من المحاور، ومنها الزاوية القانونية"، مشيرةً إلى أنه "تم تسليط الضوء على كافة القوانين التمييزية بحق المرأة والتي تؤثر على مشاركتها السياسية وليس فقط ورصد الانتهاكات التي حصلت معهن، قبل وأثناء وبعد الانتخابات، الحالية 44/20217، وأضاء هذا التقرير على تجربة المرشحات خلال فترة الحملة الانتخابية، حيث اعتمدنا هذا العام منهجية لتقارير من 15 مراقبة للانتخابات على 15 دائرة انتخابية، وكانت المراقبات تقبلن المرشحات وتستطلعن آراء الناخبات".

وعن أشكال العنف الذي تعرضت له المرشحات قالت "لم تسلم المرشحات من العنف الجسدي واللفظي والضغط الاجتماعي والعائلي، كما كان هناك تمزيق للصور وإصدار بيانات من بعض العائلات مطالبة المرشحات بالانسحاب من الانتخابات والتهديد بطردهن، لذا كان الطريق صعباً للغاية بالنسبة لعدد منهن، ولم تتعرض المرشحات فحسب لهذا العنف، بل أن المراقبات من قبل الجمعية نلن نصيبهن من الاعتداءات الجسدية، وهذا مسار غير مقبول لذلك يجب إنشاء شبكة حماية كبيرة لمنع مثل هذه الانتهاكات".    

 

 

ومن جانبها تصف المرشحة السابقة للانتخابات النيابية رانيا غيث تجربتها بالناجحة "أعتبر تجربتي بالانتخابات ناجحة، ليس بمفهوم الربح والخسارة، إنما بمفهوم بناء الوعي الذي نسعى إليه، كوني امرأة قررت اتخاذ هذا القرار بالترشح، واعتبرته واجباً يقع على عاتقي".

وترى أنه عندما تقدم المرأة نفسها بصورة جدية، يكون لها صدى في المجتمع "يغير الرجل نظرته من الناحية الجندرية، وقناعاته بأن المرأة ليس لديها إمكانيات، وأنه طالما هناك رجال فلماذا نختار نساء، ولكن مع ذلك واجهت العديد من التحديات، فمجتمعنا لا زال غير جاهز إلى حد معين لتقبل أن المرأة لها حق العمل في مجال السياسة".

وعن الصعوبات التي تعرضت لها قالت "كان هناك صعوبات لإجراء لقاءات جامعة، خصوصاً في القرى، وسعيت إلى زيارة الناس في بيوتهم لإيصال برنامجي ومشروعي الانتخابي ولأعلمهم بترشحي، كون هناك أشخاص كثر لم يعلموا حتى بترشحي، ومن التحديات عدم إمكاني تعليق صور لي في المناطق التي ترشحت عنها، حيث بادر البعض إلى إزالة وتمزيق صوري، خلال ساعات من تعليقها".  

وأكدت رانيا غيث على ضرورة دعم النساء للنساء في الانتخابات، معتبرةً أنه "لا زال لدينا الكثير لمعرفة أهمية دعم النساء للنساء، فالمرأة على علم ودراية بشبيهتها وقدراتها، لذا علينا العمل على تنمية قدرات المرأة بشكل كاف، لتثق بنفسها، وتمنح ثقتها للأخريات، فبمجرد تمكين النساء لأنفسهن بشكل صحيح، ستصلن إلى التمثيل المناسب، وليس عبر الكوتا النسائية التي نسعى ونطالب بها".