أحلام القروي: غياب قانون التناصف أقصى النساء من الانتخابات المحلية التونسية

أكدت أحلام القروي أن ضعف مشاركة النساء في الانتخابات المحلية التونسية، هو نتيجة لغياب قانون أو مرسوم يقر التناصف ويضمن المشاركة الفعالة للنساء.

زهور المشرقي

تونس ـ أعادت أحلام القروي ضعف نسبة ترشح النساء في الانتخابات المحلية التونسية التي لم تتجاوز الـ 13% إلى العقليات التي لا تزال ترفض وجود المرأة في مراكز القرار.

أطلق المركز التونسي المتوسطي مشروعاً للاطلاع على ثلاثة محطات كبرى من المسار الانتخابي على أساس النوع الاجتماعي في بعض المحافظات المستهدفة.

وعن هذه المشاريع أوضحت أحلام القروي وهي منسقة المشروع في المركز التونسي المتوسطي، إن المشروع  تركّز على ثلاثة مراحل لمعرفة مدى حضور ومشاركة المرأة في الدورة الأولى من الاقتراع، وأولها ملاحظة الترشحات والنزاعات ثم ملاحظة الحملة الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي والقيام بمقابلات مع المترشحات لتقييم تجربتهن والوقوف على التحديات والعراقيل وأخيراً معرفة يوم الاقتراع على أساس النوع الاجتماعي والقيام باستبيان تقييمي لمعرفة مدى إطلاع النساء على أسس وقواعد العملية الانتخابية ولوحظت العديد من التجاوزات.

وعن أهداف المشروع أكدت أنّه يندرج ضمن تحليل الإطار التشريعي عن طريق دراسة القوانين المتعلقة بحقوق النساء في المشاركة السياسية وتقييم مدى تشجيعه لدور النساء في الحياة السياسية لتحديد الصعوبات التي تواجههن كمترشحات وكناخبات وتقييم تجربتهن في ممارسة حقهن بالمشاركة السياسية ومعرفة مدى تطابق العملية الانتخابية مع القوانين والمعايير الوطنية والدولية.

وبينت أن المشروع  يدعم تحليل مشاركة النساء في الأوساط الريفية والمناطق الحدودية عن طريق رسم صورة للمناخ العام لمشاركتهن في الانتخابات المحلية وتحديد التحديات الفريدة التي تواجههن في هذه المناطق فضلاً عن تقييم مدى اطلاعهن على العملية الانتخابية في تلك الأوساط الريفية والمناطق الحدودية بأسس وقواعد العملية الانتخابية.

وأوضحت أنّ عدد الترشحات المباشرة بلغت 6697 من بينهم 5758 رجال في حين بلغ عدد ترشحات النساء 939 طلب ترشح مباشر فقط، وأما بالنسبة للترشحات للقرعة فقد بلغ عدد المطالب المترشحين للقرعة من الرجال 942 طلباً وعدد النساء المترشحات للقرعة 138 طلباً.

وأكدت أنه بعد إجراء عملية الفرز بلغ مجموع الترشحات المقبولة النهائية للنساء 960، في حين لم يتجاوز عدد الترشحات المقبولة بالنسبة للقرعة 131 طلباً، مشيرة إلى إنه إذا تم إحصاء عدد الترشحات المرفوضة بالنسبة للنساء المترشحات سواءً تعلق بالترشحات المباشرة أو القرعة فقد تجاوز 10بالمائة.

وقالت أن المركز سجل في الدوائر الجهوية للمحكمة الابتدائية بمحافظات قفصة والقيروان ونابل والقصرين وتطاوين وقابس غياب أي طعن من قبل نساء التي تم رفض ملفاتهن من قبل الهيئة، في المقابل مثلت نسبة الطعون المقدمة من قبل النساء في تونس الكبرى 59 بالمائة أي 7 طعون من أصل 12 طعن مقدم من قبل النساء في 12 دائرة للمحكمة الإدارية إضافة إلى الدوائر الابتدائية المركزية للمحكمة الإدارية بتونس العاصمة.

وأرجعت غياب الطعن في تلك المناطق إلى عدم إلمام المترشحات بمسألة النزاع الانتخابي وعدم القدرة على إعداد ملفات الطعون، إضافة إلى البعد الجغرافي خاصة للدوائر أن تتنقل القائمات بالطعن، علاوة على عدم الإلمام بمادة النزاع الانتخابي وهذه المسألة لا تتعلق بالمترشحات فقط بل تشمل أيضاً عدد كبير من المحامين والقضاة فضلاً عن وجود القضائية الاستئنافية في العاصمة أو في محافظات بعيدة جغرافياً.

وتطرقت إلى التعقيدات الموجودة في المرسوم الانتخابي، الذي ينص على أن الطعن يرفع من الأطراف المشمولة بالحكم الابتدائي أو من رئيس الهيئة في أجل أقصاه يومان من تاريخ الإعلام بالحكم بمقتضى عريضة كتابية محررة وجوباً من محامي لدى الاستئناف أو التعقيب وتكون معللة مشفوعة بنسخة إلكترونية من العريضة والمؤيدات ومحضر الإعلام بالطعن وبما يفيد تبليغها إلى الجهة أو الجهات المستأنف ضدها بواسطة عدل تنفيذ وعلى التنبيه عليها بضرورة تقديم ملاحظاتها مرفقة بما يفيد تبليغها للأطراف في أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة، ما يؤكد أن الإجراءات القانونية معقدة ويجب إتمامها في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز اليومين إضافة إلى كونها تتطلب إمكانيات مالية عبر تعيين محامي وعدل تنفيذ في الطور الاستئنافي.

وبينت أن نسبة الترشحات كانت ضعيفة بالنسبة للنساء حيث لم تتجاوز 13% مقارنة بالرجال، مرجعةً ذلك للعقليات التي لا تزال ترفض وجود المرأة في مراكز القرار.

وعن الحملة الانتخابية في تلك المحافظات التي تعتبر تونس العميقة وتتميز ببيئة مختلفة عن العاصمة وبقية المحافظات، أكدت أن 13% من المترشحات تعرضن للضغط والعنف عند صدور النتائج الأولية بقبول ترشحاتهن فقط قبل الفوز بالمقاعد، وطُلب منهن الانسحاب بحجة "لا يمكن أن تمثلنا امرأة، السياسة للرجال، لا يمكن لامرأة أن تنجح في العمل السياسي، انتن غير قادرات على إيصال صوت الجهة".

وأوضحت "تعرضت16% من المترشحات للتمييز على أساس النوع الاجتماعي وتعرضت 19% منهن لتضييقات ميدانية وعنف معنوي حين قمن بتوزيع اللافتات الخاصة بالحملة الانتخابية"، مشيرة الى أن الحملة اقتصرت على التعريف ببرامجهن على وسائل التواصل الاجتماعي وتوزيع منشورات فقط نتيجة غياب الدعم العمومي للحملة.

وحول ضعف مشاركة النساء في الانتخابات، قالت إنه يعود إلى غياب قانون ينص على التناصف ووجود تمثيلية لهن ما أفرز مشهد سياسي ذكوري كما حصل في الانتخابات التشريعية السابقة، وكما سيحدث في المحطات الانتخابية القادمة، إضافة إلى الأسباب الاجتماعية التي لا تزال بعض المناطق في تونس تعتبر المرأة في تبعية تامة للرجل ولا يمكن إعطائها الثقة في القيادة وتقلد مناصب مهمة في الدولة ومجالسها ما من شأنه أن يمس ثقة المرأة في نفسها.

وحول كيفية ضمان مشاركة فعالة للنساء في المجال السياسي، ترى أحلام القروي أن ذلك يمر عبر سن قانون أو مرسوم يضمن التناصف بين الجنسين ودعم النساء وتشجيعهن على المشاركة دون خوف من العنف والإقصاء والتمييز على أساس النوع الاجتماعي وهي أدوار تتشارك فيها الدولة والمجتمع المدني لاسترجاع الثقة في أنفسهن.

وأرجعت أيضاً الضعف إلى المرسوم عدد 10 الذي ألغى التناصف، داعية إلى إيلاء الأهمية القصوى لمشاركة النساء بالقوانين التي تضمن حقوقهن.

وأكدت أنه بالرغم من تراجع وجود المرأة في البرلمان مقارنة بالسنوات الماضية التي بلغت فيها النسبة 31% عام 2014 مقارنة بـ 16% عام 2023، إلا أنه هناك دور فاعل للنساء برغم ضعف العدد وخدمة قضاياهن العادلة والتمسك بوجودهن في الساحة السياسية برغم الصعوبات والعراقيل من مختلف الأطراف.

ويذكر أن تونس كانت قد شهدت أول انتخابات محلية في تاريخها في 25 كانون الأول/ديسمبر2023 حيث تنافس فيها 7 آلاف و 205 مترشح أغلبهم رجال، لتنصيب ألفين شخص في المجالس المحلية بالجهات، وشارك في الانتخابات من أصل 9 ملايين ناخب وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية 7% فقط حوالي مليون ناخب. هذا وستجرى الدورة الثانية من المحليات في أواخر كانون الثاني/يناير أو بداية شباط/فبراير.