طبيبة من أفغانستان: الأزمة الصحية قد تتحول إلى كارثة إنسانية مع تفاقمها
إن الوصول إلى الخدمات الصحية في أفغانستان لا يزال يشكل تحدياً خطيراً خاصة في المناطق النائية، كون حركة طالبان ركزت على قمع النساء وتقييد ملابسهن أكثر من معالجة الوضع الصحي المتردي في البلاد.

بهاران لهيب
كابول ـ تشكل الخدمات الصحية أحد الركائز الأساسية للتنمية المستدامة والرفاهية العامة في أي بلد، وفي أفغانستان، وعلى الرغم من حاجة الشعب الملحة للعلاج، فإن هذه الخدمات في حالة سيئة للغاية، وحذرت المنظمات الدولية مراراً وتكراراً في تقاريرها من نقص مرافق العلاج والضغط على العاملين في المجال الصحي، لكن هذه المشاكل لم تنخفض بل تزايدت في السنوات الأخيرة.
مع استعادة طالبان السيطرة على البلاد، زادت المخاوف بشأن الوضع الصحي، خاصة بالنسبة للنساء، ويعد نقص الإمكانيات، ونقص الأدوية والمعدات الكافية، والضغوط الأيديولوجية على الطبيبات من بين التحديات التي تهدد حياة آلاف المرضى، خاصة الأمهات الحوامل والأطفال.
حيث تعد الخدمات الصحية في أفغانستان واحدة من أكثر قطاعات الخدمات العامة تخلفاً، وتظهر الإحصائيات التي تنشرها الحكومات كل عام، التي عادة ما تكون غير دقيقة ولا تشمل المناطق النائية، أن الوضع الصحي في البلاد يتدهور، ولسوء الحظ، هذا العدد يتزايد كل عام.
فعلى مدى العشرين عاماً الماضية، أثناء وجود القوات الأمريكية، تدفقت مليارات الدولارات إلى أفغانستان؛ وقد تم تخصيص جزء من هذه المساعدات لتحسين الخدمات الصحية، ولكن بدلاً من استغلال هذه الأموال بشكل فعال، تم إهدار معظمها ولم يكن هناك أية نتائج ملحوظة.
والآن، وكما تعاني القطاعات الأخرى من حالة سيئة، فإن القطاع الصحي يواجه أيضاً الإهمال، كون حركة طالبان ركزت على قمع النساء وتقييد ملابسهن أكثر من معالجة الوضع الصحي المتردي في البلاد.
وفي أحد مستشفيات العاصمة كابول، قالت رويا عادل، طبيبة التوليد وأمراض النساء "أعمل في قسم التوليد وأمراض النساء، وفي كابول لا يوجد سوى مستشفيين حكوميين لخدمة النساء، بعد سيطرة طالبان على السلطة، زارت هذه المستشفيات أعداد كبيرة من المرضى من المناطق المحيطة بكابول وحتى من المحافظات المجاورة، وفي إحدى الوحدات هناك أكثر من 150 أماً تضعن مواليدهن في ليلة واحدة".
وعن النقص الشديد في الإمكانيات، قالت "عدد الأسّرة محدود للغاية، ولا يوجد أي دواء على الإطلاق، ولا توجد معدات فحص كافية"، مضيفةً أنه، مع ذلك، يحاول الأطباء إنقاذ حياة الأم والطفل بكل الطرق "ولكن إذا، فقد مريض أو طفل حياته، فسوف يضطر الطبيب ومدير المستشفى إلى الذهاب إلى محكمة طالبان لأيام، لأنهم لا يرمون اللوم على الكادر، ولا يقبلوا أبداً أن مستشفياتنا لا تحتوي على المرافق الضرورية".
وأشارت إلى أنه "على الرغم من كل المشاكل التي يواجهها العاملون في المستشفى، فإن المرضى ليسوا في حالة جيدة أيضاً"، موضحةً أن وزارة التمكين في حركة طالبان لم تركز على تحسين الخدمات الصحية، بل على تغطية عدد الطبيبات.
وأضافت رويا عادل أنه "كل يوم عند بداية العمل يقف موظف في الوزارة عند البوابة للتأكد من أن الموظفات لا يرتدين ملابس "غير لائقة" على حسب قوله، كما أنشأوا مكتباً خاصاً في كل مستشفى يقدمون لنا فيه التعليم الديني يومياً، ولكن لا أحد يتحدث أبداً عن الوضع المأساوي الذي يعيشه الأطباء والمرضى".
إن الوضع الحالي للرعاية الصحية في أفغانستان، خاصة بالنسبة للنساء، في حالة حرجة، إن نقص الإمكانيات، ونقص الأدوية والمعدات، والضغوط الدينية والاجتماعية المتزايدة على الطاقم الطبي، قد عرض حياة الآلاف من الناس للخطر، وإذا لم يتحرك المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية سريعاً، فقد تتحول هذه الأزمة إلى كارثة إنسانية على نطاق أوسع.