تاريخ وتطور كرة القدم النسائية في السودان

أعُلن عن تأسيس أول دوري كرة قدم للنساء في السودان كتتويج لنضال المرأة السودانية خلال الاحتجاجات الأخيرة

مركز الاخبار ـ ، مما يمهد الطريق لإطلاق منتخب سوداني يشارك في البطولات القارية والدولية.
يأتي خبر الإعلان عن تأسيس دوري كرة قدم نسائي سوداني كتتويج لنضال المرأة السودانية على مدى عقود وخاصة مشاركتها الفعّالة في الاحتجاجات الأخيرة والتي ساهمت في تمكين المرأة في الحكومة الجديدة. 
وتعد رياضة كرة القدم في دول الشرق الأوسط وخاصة الدول العربية رياضة ذكورية، وجاء تأسيس فرق ومنتخبات كرة قدم نسائية في السنوات القليلة الماضية، ولم تلقى حتى الآن الدعم الكافي من العائلة أو المجتمع أو الدولة سواء على الصعيد المادي أو المعنوي على عكس كرة القدم للرجال.
 
تحديات
انضم السودان إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" منذ عام 1948، وعلى إثر ذلك أسس مع كل من مصر وجنوب افريقيا وأثيوبيا الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لكن الاهتمام انصب على كرة القدم للرجال، مع أن الفيفا يلزم الدول التي تقام فيها دوريات كرة قدم للرجال بتخصيص دوري للنساء.
ومنذ العام 1948 شهدت كرة القدم النسائية في السودان تحديات عديدة أولها رفض المجتمع وتغذية هذا الفكر بقوانين الدولة، وكان أبرزها إعلان الرئيس السوداني جعفر محمد النميري عام 1983 تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، وعلى ذلك تم تحريم لعب كرة القدم للنساء باعتبارها مخالفة لها. 
لم يتغير شيء بعد استلام الإخوان المسلمين للحكم بقيادة عمر حسن البشير عام 1989سوى أن الدولة بدأت تستولي على الدعم المخصص من الفيفا لدعم الأندية النسائية السودانية، والتضيق عليها بحجة أنها لا تناسب قيم وأعراف المجتمع السوداني. 
مجمع الفقه الإسلامي دعم هذه التوجهات وأصدر فتوى بتحريم تشكيل فرق نسائية تلعب خارج السودان، لكن استمرت الفتيات والنساء العاشقات لكرة القدم باللعب بعيداً عن الأضواء وعلى حسابهن الشخصي. 
 
أول فريق
انطلقت أول تجربة لكرة القدم النسائية من مدينة حلب السورية عام 1950 عندما أعلنت مجموعة من الشابات عن تأسيس أول نادي لكرة القدم النسائية في الشرق الأوسط، أما في السودان فكان أول فريق لكرة القدم النسائية هو التحدي النسائي الذي أسس عام 2001، بإمكانيات بسيطة واتخذ من الحديقة الدولية في العاصمة الخرطوم ملعباً له.  
وعملت لاعبات الفريق على تجهيز الملعب على حسابهن الشخصي عن طريق اشتراك شهري لشراء ما يلزم الملعب كـ (عارضات، مايكات، قمصان، كرات وغيرها)، واستمر الفريق باللعب دون رخصة حتى العام 2011 حين تقدمت مدربة الفريق سارة إدوارد بطلب رخصة إفريقية وحصلت عليها.
ورغم حصول النادي على رخصة إفريقية إلا أن الاتحاد السوداني لم يسمح للفريق باللعب بشكل رسمي في البلاد حتى العام 2014 بعد تدخل من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، لكن فريق التحدي لعب في بطولة أقيمت في المانيا عام 2010.
عانى فريق التحدي ومختلف الفرق الموجودة من انعدام الدعم الرسمي والشعبي المادي منه والمعنوي، بالمقابل استولت الحكومة على المنح المقدمة من الفيفا لكرة القدم النسائية وفريق التحدي لكن في صيف عام 2013 وبعد ضغوط من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وافق اتحاد كرة القدم السوداني على السماح للنساء بلعب كرة القدم، مشترطاً ارتداء اللاعبات اللباس المحتشم وعدم حضور الرجال للمباريات مراعاةً للقيم والتقاليد السودانية.
 
أول مدربة تقود فريق رجال
من السودان كسرت أول امرأة تقاليد المجتمع السوداني والشرقي المحافظ ودخلت المستطيل الأخضر عن طريق تدريب فريق للرجال كسابقة في بلادها وافريقيا وعموم الشرق الأوسط.  
وشكل تدريب السودانية سلمى الماجدي لفريق الرجال نقلة نوعية في تاريخ المرأة الرياضية على صعيد كرة القدم، بعدما أصبحت أول سودانية وأفريقية ومحجبة تقود فريق كرة قدم للرجال، وثاني امرأة على الصعيد العالمي بعد البرتغالية هيلينا كوستا. ورغم أنها من عائلة محافظة حققت حلمها بأن تدخل ميدان الرياضة وتحصل على رخصة تدريب من الفئة "ب" تتيح لها تدريب أي فريق افريقي من الدرجة الأولى.
واهلتها امكانياتها لتصنف ضمن لائحة أكثر 100 امرأة تأثيراً في عام 2015، ولتحصل خلال مشاركتها في كورس لمدربات كرة القدم في العاصمة الكاميرونية ياوندي على شهادة المحاضر كمدربة لكرة القدم.
 
أول دوري 
بدأت تظهر علامات الإصلاح الرياضي فور الإعلان عن تعيين امرأة كوزيرة للشباب والرياضة لتكون ولاء البوشي (33عاماً) أصغر وزيرة في الحكومة الانتقالية الجديدة. 
وسيشارك 21 فريقاً في الدوري الذي أعلن عن تأسيسه في آب/أغسطس 2019 بينها فرق قديمة وفرق حديثة العهد، بطاقم نسائي كامل من اللاعبات إلى المدربات والحكام.
وأقيمت المباراة الأولى بين فريقي التحدي والدفاع بحضور كبير من المشجعين والمشجعات وحضور ملفت لوزيرة الشباب والذي مثل رسالة دعم للدوري واللاعبات والمرأة السودانية. 
 
منتخب سوداني
يشكل تنظيم دوري لكرة القدم نواة لتحقيق الهدف الأهم وهو تشكيل منتخب قوي يستطيع المنافسة على الألقاب والكؤوس إقليمياً وعالمياً، وعلى هذا الأساس أعلن الاتحاد السوداني لكرة القدم عن نيته تأسيس منتخب كرة قدم نسائي يمثل السودان في البطولات القارية والدولية. 
 
تقبل شعبي
اللافت في تأسيس دوري كرة قدم نسائي هو تقبل المجتمع السوداني ودعمه، على عكس ما كان يروج له أن كرة القدم النسائية تواجه رفضاً مجتمعياً واسعاً، فالحضور الجماهيري الذي شهدته أول مباراة يعكس رغبة الشعب السوداني بالعيش بحرية ونفض غبار سنوات من القمع والتضييق وسلب إرادة وحقوق المرأة.