لاعبات كرة القدم في ليبيا... على الرغم من تفوقهن إلا أنهن لا يزلن مضطهدات
تأسس المنتخب الليبي لكرة القدم النسائية عام 1997، وبدأ انطلاقة جيدة ولكن بعد فترة بدأ يتراجع الاهتمام به حتى تلاشت جميع الفرق النسائية، والآن بدأت هناك نشاطات تسير بخطوات بطيئة لكن مدروسة لإعادة إحيائها من جديد.
ابتسام اغفير
بنغازي ـ لاقت الرياضات القتالية النسائية إقبالاً واسعاً من قبل النساء في مختلف أشكالها، وانتشرت بناءً عليها المنتديات والأكاديميات الرياضية التي تدرب الفنون القتالية، وبدأ المجتمع في تقبلهن، لكن كرة القدم النسائية لم تنل حظها من الاهتمام والقبول من المجتمع، فهي الرياضة الوحيدة التي كان ظهورها متذبذباً.
لكن كان لمنسقة لجنة كرة القدم النسائية هنادي السنوسي رأي آخر فهي المكافحة والمثابرة من أجل إخراج الرياضة إلى حيز الوجود، وفرض تقبلها على المجتمع، فمنذ خوضها لأول مباراة عام 2018، حاولت كثيراً لعودة هذه الرياضة من جديد، والآن بدأت خطواتها الأولى في تدريب الفتيات الصغيرات استعداداً لخوض المباريات ومواجهة المجتمع.
وعن حبها وشغفها بتلك الرياضة تقول هنادي السنوسي "أحب جداً كرة قدم وكنت أهتم بممارستها منذ صغر سني، وكانت تقام مباريات للفتيات منذ عام 1997"، مضيفةً "لم أتوقف عن ممارسة اللعبة، لأي ظرف كان، وشاركت في أكاديميات خاصة بها، وبطولات في الجامعات المصرية، وظل حلمي أن ألعب ضمن المنتخب الليبي".
وأشارت إلى أنها "لم أكن على دراية بأن هناك منتخب في ليبيا في تلك الفترة، حيث ألتقيت بشخص أخبرني أن هناك منتخب لكرة القدم النسائية في ليبيا تم تأسيسه عام 1997، تواصلت مع المسؤولة عن المنتخب الأستاذة سعاد الشيباني، وأخبرتني أنه لا مانع من انضمامي للمنتخب، ولكن بعد معرفة مهارتي في اللعبة تم اختياري وشاركت في بطولة عام 2018، وكانت هذه أول مشاركة لي، وعدت إلى بنغازي لمعرفة إذا ما كان هناك استمرارية للعبة، ولكن لم أجد شئياً فأخذت زمام المبادرة، وتم اختياري أن أكون المندوبة في البداية، وقمنا بعمل دوري مع مكتب النشاط المدرسي بمدينة بنغازي، وكانت هناك فتيات كثيرات لديهن الرغبة في لعب كرة القدم".
وعن الصعوبات التي واجهتها، تقول "كانت هناك صعوبة في الحصول على مكان للتدرب وعلى معدات اللعب، بالإضافة إلى أن الاتحاد العام لم تدعمه الفيفا منذ عام 2011، ولا يوجد اهتمام بالكرة النسائية رغم جميع المحاولات"، مشيرةً إلى أنه "بالرغم من تلك الصعوبات لم نشعر باليأس حيث قمنا في عام 2021 بعمل دوري كرة قدم لمدارس البنات، وكان هناك إقبالاً كبير من قبل الفتيات أكثر من عام 2018".
ولفتت إلى أن نظرة الأهالي تغيرت نحو كرة القدم فأصبحوا يبحثون عن أمكنة لتدريب بناتهم على اللعبة، وعندما تم تعيينها كمنسقة بدأت في العمل على تدريب البنات، والبحث عن مكان مناسب لتدريبهن، وبعد الدوري الذي أقيم الفترة الماضية حصلوا على مجموعة جيدة من الفتيات ماهرات في اللعبة، وتم اختيارهن لتشكلن منتخب بنغازي، وسيتم اختيار مجموعة منهن لتشاركن في تشكيلة المنتخب الليبي لكرة القدم النسائية.
وتتمنى هنادي السنوسي أن تفتح الأندية الليبية المعروفة أبوابها للفتيات من أجل المشاركة في لعب كرة القدم، وأن تكون هناك منافسة بين الأندية في كرة القدم النسائية، مؤكدةً على أنه ستكون هناك مجموعات جيدة من الفتيات اللواتي سيعملون بجد واجتهاد من أجل تحضيرهن لمنافسات كرة القدم النسائية.
وحول إمكانية إقامة نادي خاص بالمرأة تقول "لا نستطيع فعل ذلك لأن المشاركات تأتي أما عن طريق الانتساب للنوادي المعروفة لدى الاتحاد العام والفيفا، أو المشاركة عن طريق المنتخب النسائي، على الرغم من أن اتحاد كرة القدم معترف بنا كفريق نسائي، وحتى الفيفا كانت متخوفة من أن اللعبة انتهت بسبب الحرب، ولكن عندما جاءت لجنة منهم ورأت محاولاتنا طلبوا منا بعض الأمور بناءً عليها سيتم الاعتراف رسمياً بنا من قبلهم".
وأكدت هنادي السنوسي على أن لاعبات كرة القدم هن أكثر فئة مضطهدة في المجتمع لعدم تقبل ظهورهن في كرة القدم ونشر ما تقمنَّ به من تدريب وعمل لهن إعلامياً بسبب بيئة المجتمع الليبي، موضحةً أنها حاولت من خلال طموحها وخبرتها أن تحقق لهؤلاء الفتيات طموحهن، والتحرك والسعي للاستمرار فيه حتى تحقق النتيجة المرجوة.
وحول عدم تقبل المجتمع للعب كرة القدم النسائية على الرغم من أنها الرياضة الأقل عنفاً بين الألعاب الأخرى مثل الألعاب القتالية التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة، قالت "ربما هذه اللعبة الوحيدة التي يحبها الرجال وعدد جمهورها كبير، وتعتبر المرأة منافسة خطيرة لهم فيها، على الرغم من أنها رياضة مثلها مثل غيرها، ولا أدري ما هو " العيب" الذي يرونه في كرة القدم النسائية".
من جانبها قالت اللاعبة رؤى رجب التي تبلغ من العمر 18 عاماً أنها بدأت ممارسة كرة القدم منذ صغرها في المنزل، ولم تكن هناك فتيات تمارسن اللعبة بشكل كبير، لافتةً إلى أنها حصلت على فرصة المشاركة في دوري المدرسة التي تتلقى تعليمها فيها، وشاركت في الدوري وفازت مدرستها بالمرتبة الأولى على مستوى مدارس مدينة بنغازي، مضيفةً أنه تم اختيارها من قبل المدربة هنادي السنوسي للمشاركة في فريق كرة القدم النسائية على مستوى بنغازي، استعداداً لتأهيلها للمشاركة في منتخب ليبيا.
وتتمنى رؤى رجب أن يتم الاهتمام بكرة القدم النسائية، وأن يتم فتح باب للاعبات لممارسة لعبتهن المفضلة، مؤكدةً على أنه على الرغم من العوائق التي تواجههن من قبل المجتمع من عدم تقبلهن في هذه اللعبة، فأنهن مستمرات فيها، لافتةً إلى أن عائلتها رفضت في البداية خضوها في هذا المجال، ولكن بعد أن رأوا مدى اصرارها على التعلم سمحوا لها بالاستمرار فيها وشق طريقها وصولاً لما تتمناه.