آسيا رزيقي عداءة مغربية تطمح إلى تسجيل اسمها مع الأبطال الكبار

لم تسمح لجائحة كورونا التأثير على شخصيتها ونفسيتها، ففي عز الحجر الصحي الذي أثر على العديد من المغاربة، كانت العداءة آسيا رزيقي تحرص على ممارسة الرياضة التي تعتبرها متنفسها الوحيد، وتتابع دراستها عن بعد، بعد تطبيق الإغلاق الجزئي لبعض القطاعات

حنان حارت
المغرب ـ .
وبعد رفع الحجر خرجت وكلها ثقة وأمل في تسجيل اسمها ضمن الأبطال الكبار، فقد عادت إلى المضمار أقوى مما كانت عليه، حيث فازت بالميدالية الذهبية في البطولة العربية الـ 22 لألعاب القوى، التي اختتمت فعاليتها في تونس.
 
في مضمار ألعاب القوى
في كل مرة تدخل غمار السباق، وعندما تضع قدميها فوق مضمار الجري، تكون عيناها على خط الوصول، وبمجرد إطلاق صفارة الانطلاقة تجري بسرعة، فتبدأ قطرات العرق تتصبب من على وجهها، تدفع بجسمها نحو الأمام، تتخطى جميع الحواجز بسلاسة، وتسرع لتتجاوز اللاعبات وتدخل ضمن الصفوف الأولى، وبذلك تضمن الصعود إلى منصة البوديوم. 
المغربية آسيا رزيقي البالغة من العمر 25 عاماً، صاحبة أرقامٍ قياسية في سباقات الركض، تقول عن أولى مراحل اكتشاف قدراتها الرياضة، حيث عادت إلى ذكريات طفولتها "عندما كنت أدرس في المرحلة الابتدائية كنت أشارك في مسابقات تنظمها المدرسة، وكنت دائماً أدخل ضمن الصفوف الأولى"، تتنفس بعمق وتضيف "طفولتي كانت عادية كباقي الأطفال، في سني كان همي الأول اللعب، كما كنت مولعة أيضاً بالركض".
وتكمل "لاحظ والدي اهتمامي بهذا النوع من الرياضات، فقام بتسجيلي بمركب المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله في مدينة الرباط المغربية حتى أفرغ كل طاقتي هناك، ربما كان يعرف أني سأصبح بطلة".
وعن كيف كان انطباع أسرتها حول ميولها الرياضي أجابت آسيا رزيقي "لطالما شجعني والدي، ولم يقفا أبداً عقبة في طريقي، بل رحبا بانضمامي للنادي، حتى أن فكرة تسجيلي في النادي كانت من اقتراح أبي"، مضيفةً "بدأت حينها برياضة المشي، لكن سرعان ما تركتها وحولت وجهتي إلى مسافات السرعة، وخضت تدريبات عدة مكنتني من صقل وتنمية موهبتي وتحسين مستواي في رياضة الجري، ومع كل تدريب كانت أحلامي تكبر؛ لم تكن عيني على التألق على المستوى المحلي فقط، بل كنت أبحث عن التتويج في المنصات العالمية لرفع اسم المغرب عالياً".
 
التحاقها بالمنتخب الوطني
موهبة آسيا رزيقي وإصرارها وتقدمها لمستويات كبيرة خلال التدريب وفي المسابقات المحلية، جعل الأنظار تتجه إليها لتتم دعوتها عام 2015 للمشاركة ضمن الفريق النسوي لألعاب القوى، وهنا بدأت رحلة التفوق والألف ميل، وبدأت مشوارها الرياضي المليء بالإنجازات والذهب والألقاب. 
وتمكنت من تحطيم رقم قياسي صامد من 27 عام، وبذلك صنفت أسرع عداءة في تاريخ المغرب عقب نجاحها في تحطيم الرقم القياسي الوطني لمسافة 100 متر في منافسات بطولة أفريقيا لألعاب القوى التي أقيمت فعالياتها في جنوب أفريقيا عام 2016.
ولأن لكل مجتهد نصيب، فقد تميزت العداءة آسيا رزيقي في البطولة العربية لعام 2017، إذ تمكنت من التتويج بالميدالية الذهبية في سباق 100 متر بعد أن قطعت السباق في زمن قدره 11.63 ثانية، كما انتزعت المركز الأول والميدالية الذهبية في مسابقة العدو 400 متر حواجز للسيدات في بطولة العالم لألعاب القوى لعام 2019. 
كما فازت بالميدالية الذهبية في مسافة 400 متر، في البطولة العربية الـ 22 لألعاب القوى، التي اختتمت فعاليتها في 20 حزيران/يونيو الجاري بتونس؛ إنها اليوم تساهم في تدوين اسم المغرب ضمن خانة الدول الرائدة في ألعاب القوى.
 
الدراسة قبل الرياضة
وإلى جانب تفوقها في رياضة الركض، هي أيضاً متألقة في دراستها، حيث تتابع دراستها في سلك الدكتوراه سنة أولى، وحاصلة على شهادة الإجازة تخصص التدريب الرياضي، وحاصلة أيضاً على الماستر في التسيير الرياضي، وتقول "كنت دائماً حريصة على إتمام دراستي، وليست لي نية تركها رغم النجاحات والإنجازات التي أحققها على المستوى الرياضي إلا أن طموحي أكبر، فهناك فرق بين اللاعبة المثقفة وغير المتعلمة".
وتضيف "الدراسة شيء مهم في حياة المرأة فمهما حققت من إنجازات في رأيي لا يكتمل لديها النجاح، إلا إذا كانت متعلمة"، وتتابع "باستطاعة المرأة أن تثبت ذاتها في مجتمع يسيطر عليه الذكور بكل سهولة وأن تتجاوز كل التحديات والظروف وتحقيق النجاح في حياتها الشخصية والمهنية، إذا كان هناك نجاحاً في المجال الدراسي".
وعن حلمها تقول "أطمح إلى رفع علم بلدي في أولمبياد 2024، وسأسعى من أجل ذلك، أحلم بتحقيق ميدالية، والصعود على منصة البوديوم".
وحول شعورها عندما تشارك في الملتقيات الرياضية تقول "أشعر بتوتر كبير عندما أكون بصدد المشاركة في الملتقيات الرياضية الدولية، ليس لأني لا أثق بكفاءاتي، في الحقيقة لا أعرف كيف أصف هذا الشعور الذي يصاحبني طوال التدريبات والاستعدادات؛ هو شعور يمتزج فيه التوتر بالفرح والقلق، هي مجموعة أحاسيس تظل طوال الوقت تنتابني؛ أفكر كيف سأنهي السباق وأني سأرفع علم المغرب في كل مسابقة".
وفي الختام وجهت العداءة المغربية آسيا رزيقي كلمة للنساء عامة "المرأة المغربية طموحة وعنيدة وعليها التشبث بأحلامها وتحقيقها، على العموم على النساء تحدي الفكر الذكوري والعادات المجتمعية التي تعيق وصول المرأة إلى أهدافها".