سيمون دي بوفوار... دور مميز في الحركة النسوية (1)
يستعرض هذا البورتريه قصة حياة إحدى أهم أيقونات الأدب والفلسفة والنسوية في العالم
مركز الاخبار ـ ، وصاحبة الكتاب الاشهر حول حقوق المرأة "الجنس الآخر" الذي أعُتبر نقلة نوعية في الحراك النسوي، ويتحدث الجزء الأول عن حياة سيمون دي بوفوار من مذكراتها، فيما يسلط الجزء الثاني الضوء على حياتها العملية وما تعرضت له من تشويه لصورتها، إضافة إلى مؤلفاتها التي تندرج في مجال حقوق المرأة والنشاط النسوي.
حياة سيمون دي بوفوار من مذاكرات فتاة رصينة
ينظر الكثيرون إلى المدافعات عن حقوق المرأة غالباً بكونهن تعرضن لأحد أنواع التعنيف وبالأخص العنف الأسري، لكن دفاع المرأة عن حقوق بنات جنسها ليس دائماً مرتبطاً بحياة تعيسة فسيمون دي بوفوار أكبر مثال على ذلك عاشت ضمن أسرة محبة ومثقفة ورثت عن والدها نهمه في القراءة ورصانة والدتها البرجوازية قبل أن تبرز افكارها المختلفة عن المجتمع وتتغير علاقتها مع عائلتها.
تتكلم سيمون دي بوفوار في مذكراتها "مذكرات فتاة رصينة"، عن تفاصيل صغيرة كونت شخصيتها وتبدأ منذ لحظة ولادتها في الساعة الرابعة فجراً في اليوم التاسع من كانون الثاني/يناير عام 1908 بغرفة مطلة على جادة راسباي في العاصمة الفرنسية باريس، لأب يعمل سكرتيراً قانونياً في قصر العدل، وأم برجوازية ابنة مصرفي ثري، وأخت وحيدة ولدت بعد سيمون بعامين ونصف تدعى هيلينا.
قد يفاجئ محبي سيمون دي بوفوار المدافعة عن حقوق المرأة وسيدة المساواة بين الجنسين بأن هذه الحقوقية كانت في طفولتها تميل إلى احترم الرجال أكثر من النساء كما تقول في مذكراتها "كنت احترم الرجال أكثر مما احترم النساء، وأعجب بشواربهم، ورائحة تبغهم، وأصواتهم الخشنة، وأذرعهم التي ترفعني عن الأرض".
تميزت سيمون دي بوفوار منذ طفولتها عن قريناتها تقول "كنت أقدر نفسي كشخص حقيقي وكان عنفي يخيف الآخرين فكانوا يوبخوني دائماً... اعتبرت أن القواعد والمراسيم والعادات أشياء يمكن تجاوزها"، وصقلت شخصيتها أكثر منذ اللحظة الأولى لقرار دخولها معهد "دزير" وهي في الخامسة من عمرها وبروز اهتمام والدها بتعليمها "كانت تسكرني فكرة أن أمتلك حياة تخصني وحدي".
على تلك الحال انقسمت حياتها بين المدينة والمعهد وعطلة الصيف التي تقضيها في أحضان الطبيعة بمقاطعة ليموزين وسط البلاد فتعلمت من جدها اسماء النباتات وكانت شديدة التأثر بمن حولها فتأثرت بأبناء خالتها روبير ومادلين وبصديقتها في المعهد اليزابيث "زازا" ايما تأثير ففردت صفحات للحديث عن صداقتهما "إلى جانبها بدأت أشعر بشخصيتي تنمو وتتضح معالمها..... اعترفت بيني وبين نفسي بعلاقة التبعية التي تنشأ من تعلقي بها ولم أكن أجرؤ على أن أواجه كل نتائجها".
وحين بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 كانت سيمون دي بوفوار تقضي مع أسرتها بعض أيام الصيف في منزل عمها بمقاطعة ميرنياك، وتولد حسها السياسي والوطني مع دخول الألمان إلى فرنسا ووقفت موقف العداء من احتلالهم لوطنها متأثرة بآراء من حولها "بدأت أشعر بحب وطني وأحس العطف على اللاجئين البلجيكيين والنفور من الجنود الألمان".
أثرت الحرب بشكل كبير على اقتصاد الأسرة تقول "أصبحنا من محدثي الفقر"، انتقلت العائلة إلى منزل أصغر وأقل أجرة ليس فيه تدفئة في الشتاء، واحتلت سيمون دي بوفوار وشقيقتها غرفة مشتركة في المنزل وذهبت حياة الرغد إلى غير رجعة "أخذت أنا وأختي نحسد الفتيات اللواتي تملك كل منهن غرفة خاصة بها".
لم تتأثر فقط بالقضايا الوطنية بل ظهر تعاطفها مع الفقراء بشكل كبير "كنت أؤمن بمساواة البشر المطلقة وبدأت أشعر بالظلم الذي يتعرض له البؤساء من الناس".
انجذاب سيمون دي بوفوار للأدب والفلسفة
إضافة إلى أصدقائها وأقربائها تأثرت سيمون دي بوفوار بشكل كبير بالروايات والقصص التي تحويها مكتبة العائلة وكانت البداية من رواية "الطاحونة على الفليس لجورج اليوت"، وبعد ذلك برواية "دانيال كورتيس من تأليف فوغازارو" وغيرها من المؤلفات.
تبلورت لديها فكرة أن تكرس حياتها للأعمال الفكرية وتأكدت من هذه الفكرة وهي في الخامسة عشرة من عمرها عندما قالت لها إحدى صديقاتها بأن تكتب على دفترها ما كانت تطمح إليه فكتبت دون تردد "أن أكون مؤلفة مشهورة".
اعتبرت سيمون دي بوفوار أن الروايات والقصص جزء من الحياة، عبرت عنها الناشطة الفرنسية بطريقة خاصة عكست حبها للقراءة والحديث ومحاولتها تصوير كل شيء خلال المناسبات التي تقضيها سواء مع أسرتها أو صديقاتها.
حصلت سيمون دي بوفوار على شهادة البكالوريا في عام 1925بدرجة جيدة، ودرست الفلسفة في السوربون وأعجبت بها إيما اعجاب "بدت لي العلوم والأدب وجميع الأنظمة الأخرى أقرباء فقراء للفلسفة". تقول عن الفلسفة "تمضي مستقيمة إلى الجوهري...ولم أمل يوماً إلى التفصيليات وكنت أدرك المعنى العام للأشياء أكثر من إدراك تفرداتها"، تمنت أن تعرف كل شيء وفتحت لها الفلسفة الباب لذلك "لسوف تتيح لي الفلسفة أن أروي هذه الرغبة".
تعرضت للتحرش
تحدثت في مذكراتها عن عدة حوادث تحرش تعرضت لها كان أولها في السينما "كنت في السادسة عشرة حين صحبتنا امرأة عمي أنا وأختي إلى قاعة السينما.... كانت جميع المقاعد مشغولة فبقينا واقفين في الرواق...شعرت بأيد تجسني... لم أدر ماذا أفعل ولا ما أقول.. عندما انتهى الفلم رأيت رجلاً يضحك مشيراً إلى صديق له أخذ هو الآخر يضحك كانا يسخران مني". بسبب هذه الحادثة والحوادث المشابهة تملكت سيمون دي بوفوار حالة من الخوف عندما تصبح لوحدها في مكان عام.
كانت فتاة خجولة نوعاً ما تقول "لم أذهب إلى البحر قط حتى أن العري كان يمتزج في نظري بالفجور.... كان العالم الذي لقنوني إياه مغشوشاً كله ومزيفاً". وحملت تصوراً بأن الحب لا يعني الجسم على الإطلاق تقول "اللذة قذرة أن لم تصهر بنار العاطفة".
ازدواجية معايير المجتمع
"كنت أود أن اخضع الرجال للقوانين نفسها التي تخضع لها النساء"، لم تكن سيمون دي بوفوار راضية عن ازدواجية معايير المجتمع بالنسبة لإباحة كل شيء للرجال ومنع أي شيء عن النساء، خاصة أن مجتمعها يشجع الرجال على المغامرات العاطفية مع فتيات من الطبقة الدنيا ريثما يتزوجون من فتيات الطبقة النبيلة "كان هذا المسلك يثير اشمئزازي... لم أجد أي سبب يحملني على أن أقر لصاحبي من الحقوق ما لا أقره لنفسي".
تبلورت آرائها حول التمييز ضد المرأة وكانت البداية عندما قرأت ذات يوم في الصحيفة بأن القانون الفرنسي يجرم الإجهاض ويعتبره جنحة باعتبار أنه يلحق الضرر بالآخرين تقول "دهشت لهذا الأمر.... إن ما يجري في جسمي لا يعني أحداً سواي". ونفرت من نظرة المجتمع ووالدها للمرأة باعتبارها جنس ضعيف وبالأخص رأي والدها في الزواج وقبوله خيانة الزوج لزوجته.
فكرة الاشتراكية
سمعت بالاشتراكية لأول مرة خلال محاضرة لشخص يدعى غاريك ذهبت لمحاضرته برفقة والدتها وابن عمها جاك، شرح غاريك خلال المحاضر وجهة نظره وكان يؤمن بضرورة كسر الحواجز الاجتماعية ومنح الجميع دون استثناء الحق بالثقافة وإنكار الفروق الاجتماعية فيما بينهم، ودعا إلى مجتمع دون حدود يعيش فيه الجميع كأخوة، تقول سيمون دي بوفوار "كهربني هذا الشعار: أن أنكر جميع الحدود وجميع الفوارق، وأن أخرج من طبقتي، وأن أخرج من جلدي". ومن لحظتها قررت تغيير أسلوب حياتها.
غيرت هذه المحاضرة حياة سيمون دي بوفوار إلى الأبد عادت ليلتها إلى المنزل متحمسة وشعرت أن شيئاً من داخلها يقول "يجب أن أضع حياتي في خدمة الناس يجب أن أضع حياتي كلها في الخدمة".
رفضت احتكار بعض الطبقات للتميز واضطربت علاقتها مع عائلتها بعد أن اعتنقت هذه الأفكار وبدأت ترفض مفهوم العائلة ومتطلبات المجتمع فآثرت الصمت على الشرح في كثير من الأحيان، وكانت مواظبة على حضور دروس غاريك إلى أن غادر البلاد بعد عدة أشهر، إضافة إلى أنها صقلت معارفها بمطالعة العديد من مؤلفات المفكرين أمثال فاليري وكلوديل وغيرهم تقول "يبدو أنني أنا التي بدأت العدوان على محيطي وكنت أجهل ذلك".
أول تجربة أدبية
انتقل عشق سيمون دي بوفوار من الفلسفة إلى الأدب ورغم ادراكها أن الكتابة فن وهي ليست مختصة فيه إلا أنها وقبل أن تبلغ التاسعة عشرة من عمرها عزمت على كتابة قصة تصور فيها بعض جوانب حياتها تنفث في بطلة القصة شيئاً من روحها ومزاياها "كانت المرة الأولى التي اجتهد فيها لأصب تجربتي الخاصة في عبارات".
مغامرات سيمون دي بوفوار العاطفية
للحب قصة أخرى في حياة سيمون دي بوفوار حيث تميزت علاقاتها العاطفية بالتخبط كانت بدايتها مع ابن عمها الذي يدعى جاك، وعاشت معه قصة حب صامتة وربما من طرفها هي فقط، فلم يصرح أحدهما للآخر بمشاعره كما أنها عاشت في حيرة من علاقتها معه دون أن تصارحه بذلك فهي نفسها لم تكن تعرف إن كانت تحبه أم لا، ففي رسالة كتبها لها تضمنت مجموعة من النصائح وكانت رداً على رسالة منها استنتجت سيمون من رسالته أنه يحبها "كانت هذه الكلمات تعني بوضوح أن جاك كان متعلقاً بي أكثر مما كان يظهر"، وفي نفس السطر الذي كتبته فيه هذه الكلمات تشككت في مدى مصداقية إحساسها "لكن حقيقة ثانية كانت تفرض نفسها أيضاً أنه لم يكن يحبني وإلا لما سقط في مثل ذلك اليأس فمن المستحيل التوفيق بين الحب والحيرة".
حاولت سيمون دي بوفوار مساعدته وإخراجه من الوحدة والكآبة التي يشعر بها دوماً والتي لطالما أقلقت سيمون "لم أنكر الاعتقاد الذي استقر في نفسي في أثناء العطلة من أن جاك كان قدري ولكن الأسباب التي جعلتني أربط مصيري بمصيره كانت تنفي أن يكون بوسعه إسعادي".
عزمت على نسيانه وكتبت "أود لو اتقياً قلبي" لكن فشله في الدراسة دفعها مرة أخرى للعدول عن قرارها والهرولة لمساندته "كان منهاراً... البسمة لم تكن تطل على شفتيه... حاولت أن ارفع من معنوياته ولكنه لم يستجب لذلك".
"اكتشفت بأن فكرة الزواج به كانت تنفرني... لم أكن أجد فيه خلاصي بل هلاكي وقد عشت طوال أيام في ذعر شديد" تقول "لم أعد افهم نفسي لقد كان جاك في بعض الأحيان كل شيء بالنسبة لي ولم يكن شيئاً على الإطلاق في أحيان أخرى".
انتهت قصة حبها الصامتة نتيجة لعدم اكتراث جاك المتواصل بمن حوله وبالحياة وحتى بها، وقررت إنهاء علاقة حب من طرف واحد استمرت أكثر مما ينبغي.
طرق الحب قلب سيمون دي بوفوار مرة أخرى بعلاقة مميزة مع الفيلسوف جان بول سارتر في عام 1929 عندما كانا يدرسان معاً في السوربون استمرت علاقتهما حيث دفنا بجانب بعضهما في باريس.
لم يجمعهما الحب فقط بل جمعتهما علاقة فكرية راقية أمضى العاشقين حياتهما يعالجان مسائل علم الاخلاق وأسسا معاً مجلة الأزمنة الحديثة، والتزما بالأدب الملتزم واشتركا في العمل السياسي وكان لهما رأي مشترك حول رفض الحرب الجزائرية والفيتنامية.
كان حباً مميزاً ترك كل منهما لشريكه الحرية الكاملة فعاشا علاقة مستمرة تخللها علاقات فرعية عاشها كل منهما على حدى وحاربا مفهوم الغيرة.
تقول الصحفية هازل رولي في كتابها عن علاقة سيمون دي بوفوار بسارتر بعد لقائها مع سيمون دي بوفوار في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1976وعنونته بـ (سيمون دي بوفوار وجان بول سارتر وجهاً لوجه) أن "هناك اعتراف جديد بأنهما تحليا بالشجاعة والجرأة للسخرية من العرف السائد وحاولا العيش وفق مبدأي الحرية والمسؤولية وفتحا العديد من الأبواب، ربما تجاوزا احياناً فلسفتهما ولكن مهما كانت اخفاقاتهما فقد عاش بعض الاشخاص الحياة بكثافة"
عاشت قصة حب مع المخرج السينمائي الفرنسي كلود لانزمان، وعرف عن هذه العلاقة بعد نشر مراسلات سيمون دي بوفوار إلى كلود في صحيفة لوموند الفرنسية.
ورغم علاقاتها الكثيرة إلا أن سيمون دي بوفوار آثرت أن تبقى عزباء معتبرة الزواج "مؤسسة قذرة" كما تقول في مؤلفها الجنس الآخر.
التعرف على الفكر اليساري
أثناء دراستها للفلسفة لفت انتباهها شاب رصين يدعى بيير نوديه كان منضماً إلى فرقة فلسفات تصدر مجلة باسم "الفكر" يكتب فيها الاعضاء آرائهم "كانت هذه المرة الأولى التي اتصل فيها بمثقفين يساريين".
وجدت في احاديثها مع نوديه فائدة جمة "مع نوديه بدء يوسع أفق تفكيري"، لكن سرعان ما رحل هذا الشاب إلى استراليا للعمل هناك.
لكن علاقتها مع الطلاب اليساريين استمرت وفي أحدى المرات طلبوا منها التوقيع على مذكرة لمشروع تجنيد النساء في الجيش عام 1927، ولاقى هذا المقترح وقتها رفضاً واحتجاجاً شديداً لكنها اصرت على أن "حرية الفكر مقدسة على أي حال ثم أن جميع الآخرين كانوا يوقعون فلا بد أن أوقع". بعد ذلك توقفت نشاطاتها السياسية "ظلت افكاري يغشاها الضباب، كنت على يقين من شيء هو أني كنت أكره اليمين المتطرف".
محاولات للكتابة والعمل في التدريس
أثناء دراستها للحصول على شهادة في الفلسفة شرعت سيمون دي بوفوار بجمع موضوعات شتى للبدء بعمل ادبي بعنوان "كتابي" يتحدث عن كل شيء، وبعد حصولها على شهادة الفلسفة عملت في تدريس مادة علم النفس لصف البكالوريا في معهد سانت ماري، كان الهدف من ذلك جني بعض المال والحصول على خبرة في هذا المجال.
وأثناء عملها على ليسانس الفلسفة والأدب قالت "لا بد للمرء من تكريس حياته ليبحث عن سبب حياته وفي انتظار ذلك ينبغي له الا يأخذ أي شيء على أنه مبتوت فيه بل عليه أن يؤسس قيمة بأعمال حب وإرادة متجددة أبداً".
وكحال كتابها الأول الذي عزمت على كتابته ما لبثت أن فقدت رغبتها في اتمام الرواية وعدلت عنها.
وتقدمت لشهادتي الاخلاق وعلم النفس وحصلت على الشهادة في عام 1928، واصبحت تاسع امرأة تحصل على اجازة من السوربون، وباجتيازها اختبار الفلسفة اصبحت أصغر شخص يجتاز ذلك الامتحان وأصغر معلمة فلسفة في فرنسا.
لكن وأثناء دراستها نفرت بشكل كبير من فقه اللغة وانصرفت عنه، تقول عن تلك الفترة "الوحدة ظلت تأكلني"، وبعد حصولها على الليسانس ترددت إلى مكتبة السوربون لمطالعة الكتب وكتابة روايتها لكنها سرعان ما غيرت رأيها بعد ترددها على أحد البارات ومخالطة بعض رواده فأحست كما تقول بالحرية وكتبت لصديقتها اليزابيث "زازا" رسالة تقول فيها "لا أريد إلا صميمية متزايدة مع العالم، ولا أن أتحدث عن هذا العالم في كتاب".
في عام 1929 كانت ماتزال تدرس لتقديم شهادة التأهيل العليا في الأدب الفرنسي "الأغريغاسيون" عندما تعرفت على الفيلسوف جان بول سارتر وربطتهما علاقة حب متينة فيما بعد ارتكزت على الثقة والفكر، وبعد حصولها على شهادات في الفلسفة العامة وتاريخ الفلسفة إضافة إلى شهادة في المنطق قررت استئجار غرفة في منزل جدتها عام 1926 لكي تستقل عن اسرتها بشكل كامل وانضمت إلى سارتر واصدقاءه، تقول عن علاقتها معه "كانت هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بأن انساناً يستولي علي فكرياً".
في نهاية مذكراتها تحدثت عن موت صديقتها اليزابيث "زازا"، وتأثير ذلك الموت المفاجئ عليها تقول "لقد كافحنا معاً ضد القدر الوحل الذي كان يترصدنا"، وتضيف عن صديقتها التي آثرت رغبات عائلتها واستسلمت لبرجوازية العائلة وبذلك كانت قد اتخذت خطاً مغايراً لسيمون دي بوفوار وعانت منه كثيراً وربما تسبب بموتها "لقد فكرت طويلاً بأني اشتريت بموتها حريتي".