سميرة موسى... عالمة الذرة المصرية التي خاف الغرب من تطلعاتها

استهدف الغرب عالمة الذرة المصرية سميرة موسى بسبب نبوغها في العلوم ذات الصلة العسكرية، باكتشافاتها كسرت احتكار صناعة القنبلة الذرية على القوى العالمية المهيمنة، سعت من خلال أبحاثها لخدمة البشرية.

مركز الأخبار ـ "أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، صاحبة هذه المقولة هي عالمة الذرة المصرية سميرة موسى التي سعت خلال مسيرتها إلى تعزيز قوة بلادها في تحقيق السلام.

 

نبوغها منقطع النظير في خدمة البشرية

لم يلقى نجاح أبحاث العالمة سميرة موسى التي توصلت لها أستحسان الغرب الذي رأى فيها عقبة كبيرة أمام خططه الرامية لنزع الأمن والسلام وبث الرعب في أنحاء العالم، فقد استطاعت تأسيس هيئة الطاقة الذرية في مصر بعد إعلان قيام دولة إسرائيل بثلاث أشهر فقط.       

ولدت سميرة موسى في 3 آذار/مارس عام 1917 في قرية سنبو الكبرى بمحافظة الغربية، ونشأت وسط مناخ ثقافي واجتماعي، كان منزل والدها بمثابة مجلس يلتقي فيه الأهالي لمناقشة الأمور السياسية والاجتماعية للقرية.

التحقت بمدرسة "قصر الشوق" الابتدائية ثم بمدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة التي قامت بتأسيسها وإدارتها الناشطة النسوية والسياسية نبوية موسى، وكانت سميرة موسى مولعة بقراءة الصحف والكتب وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة تضم كتب التاريخ والأدب والسير الذاتية، وانتقلت مع والدها إلى القاهرة لاستكمال تعليمها.

حصلت على الجوائز الأولى في جميع سنوات دراستها، وفي وقت لم يكن من السهل حصول الفتيات على الشهادة التوجيهية استطاعت فعل ذلك لتكون الفتاة الأولى الحاصلة عليها عام 1935، ففي ذلك الوقت لم يكن يسمح للفتيات بتقديم الامتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير القرار عام 1925 بعد إنشاء أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر هي مدرسة الأميرة فايزة.

على الرغم من أن مجموعها كان يخولها لدخول كلية الهندسة التي كانت حلم كل فتاة آنذاك إلا أن صراع والداتها مع مرض السرطان ووفاتها شكل أحد أبرز الأسباب لالتحاقها بكلية العلوم تحديداً بهدف التوصل لعلاج تخلص فيه مرضى السرطان من معاناتهم وذلك من خلال استثمار الطاقة النووية بشكل إيجابي، وحصلت على بكالوريوس في العلوم مع مرتبة الشرف لذلك تم تعيينها معيدة بالكلية لتكون أول امرأة تحاضر في الجامعة، ولم يكن مقبولاً حينها أن تتولى أي امرأة مكانة أو منصب علمي، إلا أن إصرار الدكتور مصطفى مشرفة، الذي دافع عن تعيينها بشدة، وتجاهله جميع الأصوات والاحتجاجات التي كانت ترفض تعيينها ساهم في قبولها.

كما حصلت على الماجستير حول التواصل الحراري للغازات وأنهت رسالتها فيه بعد عام و5 أشهر فقط، ثم سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة.

تركزت أبحاثها الفيزيائية والنووية على أبعاد الطاقة عن كل ما هو مؤذي، واستخدامه لخدمة البشرية فقط، كما توصلت إلى معادلة هامة تعمل على تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس وصناعة قنبلة ذرية من مواد تتوافر لدى أي دولة، وبهذا الاكتشاف كسرت احتكار تصنيع القنبلة الذرية على الدول التي تملك مادة اليورانيوم.

وشاركت في تأسيس هيئة الطاقة الذرية عام 1948، ودعت مراراً إلى أهمية التسلح النووي لأنه يسهم في تحقيق السلام، كما نظمت مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم بمصر وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم.

كما كانت عضو في العديد من اللجان العلمية المتخصصة، أبرزها "لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية" التي شكلتها وزارة الصحة المصرية، وشاركت في جمعية الطلبة للثقافة العامة التي كانت تهدف لمحو الأمية في الريف المصري وجماعة النهضة المصرية التي هدفت لجمع التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة بالإضافة إلى انضمامها إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة.

 

المصير الغامض لنابغة مصر

عام 1952 استجابت سميرة موسى لدعوة زيارة معامل جامعة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية، وأجرت بعض أبحاثها النووية في معاملها المتطورة، وقد عرض عليها البقاء في أمريكا لكنها رفض ذلك قائلة "ينتظرني وطن غالٍ يسمى مصر"، وفي 5 آب/أغسطس من ذات العام وأثناء تلبيتها لدعوة زيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا، وخلال تواجدها على الطريق ظهرت سيارة نقل اصطدمت في السيارة التي كانت تقلها لتسقط عن ارتفاع 40 قدماً وتلقى حتفها، وبعد أن وصلت الشرطة إلى المكان لم تجد السائق الذي اختفى من المكان وتبين لاحقاً أنه زميلها في التحضير للدكتوراه.

 بقي الغموض يلف حادثة وفاتها حتى يومنا هذا، إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى تورط الموساد الإسرائيلي لتدبير مقتلها خشية استكمالها أبحاثها الذرية ونجاحها بنقلها إلى مصر.

كرمتها مصر عام 1952 ومنحتها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1981، واُنشئ قصر للثقافة أطلق عليه اسمها في مسقط رأسها بقرية سنو الكبرى عام 1998 إلى جانب إطلاق اسمها على إحدى المدارس هناك، وحمل أحد المعامل في كلية العلوم أسمها.