سلكت طريق السياسة لفتح آفاق جديدة أمام المرأة

دخلت المعترك السياسي وهي في الرابعة عشر من عمرها، أنها الناشطة البريطانية إيميلين بانكهرست، التي أكدت على أن اكتساب المرأة حق التصويت سيتم من خلال فكرها، اختيرت لتكون ضمن أهم 100 شخصية مؤثرة في المجتمع.

مركز الأخبار ـ إيميلين بانكهرست ناشطة بريطانية في مجال السياسة ساعدت المرأة للحصول على حقها في التصويت، أسست الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة الذي ركز على الأفعال وليس الأقوال لنيل حق المرأة في التصويت.

 

حياة بسيطة لامرأة مناضلة

ولدت إيميلين بانكهرست بمدينة مانشستر بإنكلترا في 15 تموز/يوليو عام 1858، لكن انخراطها بالعمل السياسي وانتمائها لعائلة تحب السياسة وشعورها بأن هناك صلة تربطها بالمتظاهرات اللواتي حطمن جدران سجن الباستيل في 14 تموز/يوليو عام 1789، جعلها تسلم بأن هذا اليوم هو يوم ميلادها الحقيقي.

إيميلين بانكهرست هي كبرى البنات الخمس لعائلة لديها عشرة أطفال، وبعد ولادتها انتقلت عائلتها إلى مدينة سيدلي، وكان من بين الكتب المفضلة لديها كتاب الثورة الفرنسية للكاتب الإسكتلندي توماس كارليل وذكرت فيما بعد أن هذا الكتاب شكل مصدر إلهام لها طيلة حياتها.

انخرطت في المجال السياسي وهي في عمر الرابعة عشر، وبفكر محررة صحيفة "اقتراع المرأة" ليديا بيكر وحضرت لها خطاباً حول حق المرأة في الاقتراع، وكتبت "غادرت الاجتماع وأنا مناصرة مخلصة لحق اقتراع المرأة"، زاد ذلك من فرصها للتعرف على حركة اقتراع المرأة.

وعندما بلغت سن الخامسة عشرة انتقلت إلى العاصمة الفرنسية باريس للالتحاق بمدرسة الأساتذة، وفي عام 1878 قابلت المحامي ريتشارد بانكهرست أحد الداعمين لحق المرأة في الاقتراع وحرية التعبير وإصلاح التعليم وتزوجا في العام التالي.

وحولت منزلها في لندن فيما بعد إلى مركز يضم الكثير من النشاطات الاجتماعية، واستضافت الأمريكي الداعم لحركة القضاء على الاسترقاق ويليام جاريسون والبرلماني الهندي داداياي ناروجي، وبدأت أنشطتها السياسية عندما انضمت إلى جمعية حق المرأة في الاقتراع في الوقت الذي ترك فيه زوجها الحزب الليبرالي بعد أن بدأ بالتعبير عن أفكار اشتراكية.

 

الجامعة الفرنسية للمرأة وحزب العمال المستقل

على الرغم من تأثر إيميلين بانكهرست بالفكر السياسي لليديا بيكر إلا أنها بقيت منحازة لمجوعة "القواعد الجديدة"، التي اعتمد أعضاؤها على النهج التدريجي في حصول المرأة على حق الاقتراع، وعندما بات الدفاع عن حق المرأة المتزوجة في الاقتراع واضحاً قامت هي وزوجها بتنظيم مجموعة تحشد كامل جهودها في الدفاع عن حق المرأة المتزوجة أو الغير المتزوجة في الاقتراع، وعقدا الاجتماع الافتتاحي للجامعة الفرنسية للمرأة في 25 تموز/يوليو عام 1889 في منزلهما.

بعد أن خاب ظن إيميلين بانكهرست تجاه الجامعة الفرنسية للمرأة بسبب مواقفها المتراخية بشأن مساعدة حركة الحكم المستقل في إيرلندا والقيادة الارستقراطية لأرشيبالد بريمروز، انصرفت للعمل مع منظمات سياسية واستطاعت الظفر باحترام الجميع ووضعت بصمتها كناشطة سياسية وحقوقية، حيث وصف أحد الكتاب هذه المرحلة من حياتها بأنها "بزوغ بانكهرست من وراء ظل ريتشارد".

سعت للانضمام إلى حزب العمال المستقل وكانت توزع الطعام على الفقراء لتكون فيما بعد أحد أعضاء مجلس الأوصياء المسؤول عن قانون الفقراء في شولتون أون مدلوك عام 1894، وخلال الجولات التي كانت تقوم بها انصدمت من الظروف المأساوية التي تعيشها المدينة، وأصبحت صوت الفقراء في مجلس الأوصياء.

وقدمت استقالتها من المجلس لأنه امتنع عن المطالبة بحق المرأة في التصويت، وفيما بعد عملت في تسجيل المواليد والوفيات في شولتون أون مدلوك سلطت الضوء على الظروف التي عانت منها النساء والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، كما حاولت اقناع النساء بأن حصولهن على حق التصويت والاقتراع يجب أن يكون من أولوياتهن.

 

الاتحاد السياسي والاجتماعي للمرأة

رأت إيميلين بانكهرست أن الوعود التي قطعها البرلمان والأحزاب السياسية بشأن حق المرأة في الاقتراع بقيت وعوداً لذلك زاد لديها الإيمان بضرورة التخلي عن الأسلوب السياسي ما دفعها لتأسيس الاتحاد السياسي والاجتماعي للمرأة، وجمعت التواقيع على العرائض وألقت الخطب الهادفة إلى توعية المرأة بحقها في الاقتراع وعقد جلسات نسائية متزامنة مع جلسات الحكومة الرسمية.

وركز الاتحاد على الأفعال وليس الأقوال، ففي عام 1905 تم تعطيل مشروع قانون الاقتراع للمرأة فقامت مع عدد من النساء بالاحتجاج العلني خارج البرلمان، وفيما بعد تعرضت للاعتقال عندما أرادت دخول البرلمان وتقديم قرار احتجاج لرئيس الوزراء.

خلال فترة تواجدها في السجن رأت أشكال مختلفة من التعذيب والتجويع وهو الأمر الذي زاد من إصرارها وعزيمتها لمتابعة ما بدأت به، وكانت قد سجنت سبع مرات قبل التصديق على حق المرأة في التصويت، في إحدى المرات وأثناء مثولها أمام القضاء قالت للمحكمة "نحن هنا ليس لأننا خارجون عن القانون بل بسبب جهودنا لوضع القانون".

بقي الاتحاد السياسي والاجتماعي للمرأة منفصل عن الأحزاب السياسية المستقلة التي لم تضع في أولوياتها حق المرأة في الاقتراع ما أدى لمواجهة العديد من منظمي الحزب الذين اتهموا إيميلين بانكهرست ورفيقاتها بأن الاتحاد كان سبباً في خسارة الحزب للانتخابات الجزئية الأخيرة.

وقامت مع 300 امرأة بالاحتجاج في ميدان البرلمان، ونتيجة العنف الذي قوبلن به قمن بتحطيم نوافذ البرلمان ووضعت إحدى المحتجات فأس في عربة رئيس الوزراء كتب عليها "حق المرأة في التصويت"، واستخدمن العبارة نفسها في ملاعب الجولف التي كان يستخدمها أعضاء البرلمان، وتم اعتقال عدد منهن وأثناء مثولهن أمام القضاء ذكرت إيميلين بانكهرست بأن أفعال الشغب التي قمن بها قام بها أيضاً السياسيون الرجال لكي يحصلوا على حقوق مدنية وقانونية، وبعد صدور الحكم عليهن بالاحتجاز لعدة أشهر في السجون قمن بالإضراب عن الطعام.

 

طريق وعر سلكته المرأة لنيل حق التصويت

اقنعت إيميلين بانكهرست الاتحاد السياسي والاجتماعي بضرورة إيقاف أعماله أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، وعلى أثر ذلك حصلت هدنة بين الحكومة البريطانية والاتحاد وتم الإفراج عن المعتقلات ووضع الاتحاد في الخدمة العسكرية.

وألقت الخطب ونظمت المسيرات واقنعت الحكومة بضم المرأة إلى العمالة، وأصبحت ترى أن نيل حق المرأة في التصويت بات قريباً وذلك بعد أن أزال قانون تمثيل الشعب قيود الملكية على حق الرجال وبذلك تم ضمان حق المرأة في التصويت بشرط أن تكون قد تجاوزت الثلاثين عاماً.

ومع ذلك أصرت أن تبقى المؤسسات الخاصة بالمرأة مستقلة، وقام الاتحاد بتبني قوانين الزواج المتكافئ ووفر فرص العمل المتكافئة للنساء، ومع حدوث هدنة عام 1918 كثفت نشاطاتها في الحملات السياسية خاصة بعد تمرير مشروع قانون يسمح للمرأة بالترشح في مجلس العموم.

بعد عودتها إلى بريطانيا عام 1926 انظمت إلى حزب المحافظين لتأكد على أن اكتساب المرأة حق التصويت سيتم من خلال الفكر، كما رشحت نفسها لانتخابات مجلس النواب وكانت قد عزفت عن مناصرة حزب العمال المستقل، وكرست نفسها لبرامج تمكين المرأة.

ضعفت حملة إيميلين بانكهرست الانتخابية في البرلمان بسبب تدهور وضعها الصحي، وتوفيت عن عمر ناهز 69 في دار لرعاية المسنين، وفي العام نفسه قام قانون تمثيل الشعب الصادر عن حكومة المحافظين بمد حق التصويت ليشمل النساء اللواتي تجاوزت أعمارهن الـ 21 عاماً، وتم تكريمها بعد وفاتها بعامين من خلال تمثال وضع في حديقة فكتوريا تاور جاردنز في العاصمة البريطانية لندن.