صفحات من حياة نوال السعداوي... الصوت النسائي الأكثر جدلاً

"أنا سأموت وأنت ستموت... الأمر المهم هو كيف ستعيش حتى يأتي أجلك" اتخذت من هذه المقولة قاعدة لحياتها

مركز الأخبار ـ "أنا سأموت وأنت ستموت... الأمر المهم هو كيف ستعيش حتى يأتي أجلك" اتخذت من هذه المقولة قاعدة لحياتها. ونتيجة لتحديها التابوهات والعادات الاجتماعية الذكورية استبعدت عن الساحة الثقافية المصرية والعربية، وهُددت بالقتل. كسبت عداء الكثيرين ولكنها في نفس الوقت أصبحت اسماً لا ينسى.

"لا أخاف الموت، وأكتب لأنني أجد لذة وسعادة في الكتابة" صاحبة هذه الكلمات غادرت الحياة في الـ 21 من آذار/مارس عن عمر ناهز الـ 90 عاماً، ليرتبط تاريخ وفاتها باحتفالات المرأة في آذار/مارس 2021، وهي التي كرست حياتها ومشروعها الفكري لقضايا تحريرها، مما جعل اسمها يرتبط بكثير من المواقف الفكرية النسوية المثيرة للجدل.

عند ذكر اسم نوال السعداوي ترتسم صورة امرأة تقدمت في العمر وقد غزا الشيب شعرها، إلا أن تفكيرها ومسار آرائها بقي على شبابه لا يشيب، امرأة يهمها كل ما هو خفي وسري، جمعت بين الطب والأدب وقضية الحقوق للدفاع عن المرأة.

مواقف صعبة وآراء صادمة أعلنتها بشجاعة نادرة في مجتمع محافظ، مواجهة بذلك الثالوث المحرم في المنطقة "الدين والجنس والسياسة"، إضافة لذكورية الساحة الثقافية وتخلف المجتمع، مهمة شاقة خرجت نوال السعداوي منها أيقونة متجسدة.

عاصرت الحكم الملكي حتى عام 1952، وشهدت على ولادة جمهورية مصر التي استمرت خمس سنوات فقط، والوحدة العربية بين سوريا ومصر التي دامت 13 عاماً، وأخيراً مصر منذ 1971.

في فترة مبكرة من حياتها تولت مسؤولية عائلتها

ولدت نوال السعداوي في 27 تشرين الأول/أكتوبر عام 1931، في قرية كفر طلحة بمركز بنها بمحافظة القليوبية (دلتا مصر)، كانت الابنة الثانية بين تسعة أبناء. كان والدها موظفاً حكومياً صاحب دخل محدود، بينما والدتها تنتمي لعائلة ثرية. أسرة نوال حاولت تزويجها وهي لم تتجاوز العاشرة، وحين رفضت، وجدت دعم والدتها. شجعها والداها على التعليم.

بعد وفاة والديها تولت مسؤولية العائلة بمفردها، كانت مثال حي على قوة التحمل، وبالرغم من توليها مسؤولية أخواتها إلا إنها استطاعت أن تلتحق بكلية الطب البشري في جامعة القاهرة وتخرجت منها عام 1955، وتخصصت في الأمراض الصدرية. انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتنال درجة الماجستير في علوم الصحة من جامعة كولومبيا عام 1966، ولكن سرعان ما تحول اهتمامها إلى الطب النفسي.

بدأت حياتها المهنية كطبيبة أمراض صدرية في مستشفى القصر العيني، وهو ما جعلها على تماس مع قضايا المرأة، حيث كانت تشاهد ما تتعرض له النساء من مشاكل نفسية وجسدية بسبب التعنيف، فهي كما كتبت في مؤلفاتها "أدركت منذ سن مبكرة أن البنات كن يحظين بتقدير أقل من البنين"، وهو ما كان له تأثير بالغ في مسيرتها الأدبية والنضالية.

اهتمت نوال السعداوي خلال الأعوام (1973 ـ 1976)، بدراسة شؤون المرأة ومرض العصاب في كلية الطب بجامعة عين شمس، وما بين (1979 ـ 1980) عملت كمستشارة للأمم المتحدة في برنامج المرأة في إفريقيا والشرق الأوسط.

وفي عام 1982، أسست جمعية تضامن المرأة العربية، وساهمت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، وكذلك جمعية التربية الصحية وجمعية للكاتبات المصريات.

وتولت العديد من المناصب مثل المدير العام لإدارة التثقيف الصحي بوزارة الصحة المصرية، والأمين العام لنقابة الأطباء المصرية، وعضوة المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية، ورئاسة تحرير مجلة الصحة، والتحرير في مجلة الجمعية الطبية لفترة من الزمن.

"الزواج مؤسسة عبودية"

رغم وصفها الدائم لمؤسسة الزواج بالمؤسسة العبودية والظالمة، إلا أن نوال السعداوي تزوجت ثلاث مرات، أولها كان من زميلها وصديقها الدكتور أحمد حلمي، وحدث الانفصال بعد عامين بسبب إدمانه ومحاولته قتلها، أنجبت منه ابنتها منى حلمي وهي صحفية وأديبة تسير على خطى والدتها. وبعد الانفصال عادت نوال السعداوي لتتزوج من رجل يعمل في القانون، وانتهى هذا الزواج بعد فترة قصيرة جداً، فقالت نوال عن سبب الانفصال "وحين صاح زوجي الثاني: أنا أو كتاباتي؟! قلت: كتاباتي، وانفصلنا".

ثم تزوجت للمرة الثالثة من الروائي والسياسي شريف حتاته، الذي تم اعتقاله لمدة 13عاماً في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وأنجبت منه ولد وبنت إلا إنهما انفصلا في عام 2010 بعد ثلاثة وأربعين عاماً من الزواج.

نشاطها السياسي والأدبي... "مذكراتي في سجن النساء"

عاشت نوال السعداوي 90 عاماً، فكانت شاهدة على 6 أنظمة اختلفت أيديولوجياتها لكنها اجتمعت بكونها بعيدة عن إرادة الشعب كما قالت في لقاءاتها.

بدأت رحلتها مع الكتابة في مرحلة الشباب، لكنها كتبت روايتها الأولى في عمر الثلاثة عشرة. بعد عامين من العمل في مجال الطب بدأت بالعمل على مشروعها الأدبي ونشر أفكارها وثقافتها، فكانت مجموعتها القصصية "تعلمت الحب" التي صدرت عام 1957، من أولى مجموعاتها القصصية. كما أن "مذكرات طبيبة" أولى رواياتها وقد صدرت عام 1958.

لم تبخل في مؤلفاتها بالتنوع، فما بين المؤلفات العلمية والمقالات الفكرية، تأتي السيرة الذاتية، وكذلك الرواية، وإن كان لا يمكن أن نطلق على ما سمته رواية، كونه لا ينتمي إلى فن الرواية بإخلاص.

قدمت نحو 80 مؤلفاً أدبياً وفكرياً، وترجمت أعمالها لأكثر من لغة. أصدرت عشرات الكتب التي تُرجم بعضها للغات أجنبية، كما خضعت بعض مؤلفاتها للمنع من التداول بسبب ما أثارته من جدل واسع مثل "أوراق من حياتي" و"سقوط الإمام" الذي نشر عام 1987.

والأخير تمت ترجمته لأكثر من 10 لغات واتسم بالرمزية السياسية، والمقصود بالإمام هو الزعيم السياسي الذي يستخدم الدين ويوظفه لأغراض خاصة به .

وهي الرواية التي صادرها مجمع البحوث الإسلامية منذ صدورها، فانحيازيات الكاتبة التي تذهب إلى إدانة مطلقة لكل صور القمع والعسف تتبدى منذ الإهداء الذي ذهب لنساء عانين من ممارسات السلطة وهن الإيرانية شهربانو شيراز التي تم اغتصاب طفلتها في السجن، ثم السودانية فاطمة تاج السر، التي قطعت السلطات يد طفلها بتهمة السرقة تحت راية الشريعة ثم كوليت عيتاني اللبنانية، وكذلك اعتدال محمود السجينة المصرية التي قضت معها فترة في السجن، عندما اعتقلت نتيجة لأفكارها وكتاباتها وآرائها التي أثارت جدلاً واسعاً في مصر في أحداث سبتمبر الشهيرة عام 1981، وهي حملة اعتقالات طالت المعارضين السياسيين لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في عهد حكم الرئيس المصري محمد أنور السادات (1970ـ 1981).

استثمرت نوال السعداوي فترة سجنها في سجن النساء بالقناطر لتستلهم منها أهم كتاباتها، حيث قامت بتأليف كتابها الشهير "مذكراتي في سجن النساء"، كتبت مذكراتها بواسطة مناديل ورقية وقلم لرسم الحواجب هربته إليها عاملة جنس سجينة.

قامت بإصدار كتابها عام 1983، بعد خروجها من السجن أي عقب شهرين من اغتيال محمد أنور السادات، ولكن بالرغم من إطلاق سراحها خضع نشاطها للرقابة وحظرت كتبها، وخلال السنوات التالية، تلقت تهديدات بالقتل من جانب متشددين، كما رفعت ضدها دعاوي قضائية، لتضطر في نهاية المطاف إلى العيش في منفى بالولايات المتحدة. وهناك واصلت نشاطها ضد ما وصفته بالنفاق الغربي.

الواقع الذي رصدته الرواية، هو نفسه الذي كانت تقاومه الكاتبة وتشهد مجازاته اليومية، واقع رفضت نوال السعداوي أن تكون إحدى ضحاياه، فقاومته.

العودة إلى مصر

سافرت نوال السعداوي إلى الولايات المتحدة عام 1988، عملت كمدرسة في جامعة ديوك وقسم اللغات الأفريقية في شمال كارولينا وجامعة واشنطن.

شغلت العديد من المراكز المرموقة في الحياة الأكاديمية، سواء في جامعة هارفارد وجامعات ييل وكولومبيا والسوربون وجورج تاون، وجامعتي ولاية فلوريدا، كاليفورنيا. إلى أن عادت إلى مصر عام 1966.

سرعان ما أثارت ضجة في البلاد بعد عودتها، وأثارت الانتباه بإعلانها اعتزام ترشحها للانتخابات الرئاسية في مصر عام 2004. ولكن لم تقبل بسبب شروط التقديم الصارمة، ولكن بالرغم من ذلك شاركت في الانتفاضة الشعبية في ميدان التحرير ضد حكم الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011، وطالبت بإلغاء التعليم الديني في المدارس. 

صراع مع السلطة الأبوية

"يجب أن أكون أكثر صراحة، يجب أن أكون أكثر عدوانية لأن العالم بات أكثر عدوانية، ونحن بحاجة إلى أن يتحدث الناس بصوت عالٍ ضد الظلم". بكلماتها الحادة ولهجتها الواثقة وكتاباتها الصريحة وتصادمها المباشر والمعلن مع الكثير من المسائل المتعلقة بالدين والجنس والسياسة، أصبحت نوال السعداوي اسماً مرموقاً في عالم الفكر والثقافة والأدب، لكنها في الوقت نفسه اكتسبت الكثير من الأعداء أيضاً وبوجه خاص من التيار الديني.

فعبر عدة جمل شديدة التكثيف لخصت الكاتبة موقفها من فكرة الألوهية، حيث الإله بالنسبة إليها ليس تلك الكتلة الميتافيزيقية الرهيبة التي ترتكب باسمها المجازر والحروب، ويساق باسمها العبيد إلى المحارق، فالألوهية بالنسبة إلى نوال السعداوي تتواجد في الوجوه والأفعال وفي مدى مطابقة نواهي تلك الألوهية للسلوكيات اليومية الأداء الفطري والمدبر.

لم تتعرض نوال السعداوي فقط لملاحقات السلطة بل أيضاً إلى اعتداءات متكررة من رجال الدين والمتطرفين، فكما كانت تقول "جريمتي الكبرى... أنني امرأة حرة في زمن لا يريدون فيه إلا الجواري والعبيد، ولدت بعقل يفكر في زمن يحاولون فيه إلغاء العقل".

انتقدت السلطات المتعاقبة على مصر، وقالت في أحد لقاءاتها أن "كل نظام سياسي يفسر الدين كما يشاء". في إشارة إلى استهداف المرأة من قبل السطلة التي تتخذ من الدين ذريعة لها.

أقيمت ضدها العديد من دعاوى التكفير وإثارة الفتن الطائفية والدعوة إلى الفسق وازدراء الأديان، اتهامات كثيرة واجهتها نوال السعداوي، لكنها لم تتراجع عن نضالها المستمر بالقلم والموقف من خلال الأدب والفكر وكانت من أشد المناهضين لاستغلال الدين سياسياً. بسبب آرائها رفعت ضدها العديد من القضايا، حتى وصلت إلى حد رفع دعوى عام 2008 من قبل أحد المحامين، طالب فيها بسحب الجنسية منها لكن محكمة القضاء رفضت الدعوى.

كما أنها كانت تكن عداء شديداً "للسلطة الأبوية" التي فرضت على المرأة داخل الأسرة وخارجها، كانت شديدة الانتقاد تجاه دعوات عودة المرأة للمنزل وعدم اختلاطها بالرجال وابتعادها عن المجال العام، مؤكدة أن ذلك يتعارض مع منطق أن المرأة في الكثير من الدول العربية هي مصدر الدخل الأساسي للأسرة.

ملفات وقضايا المرأة بين سطور رواياتها

عمل نوال السعداوي في الطب لم يمنعها من اللحاق بشغفها في الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالنساء، إذ عرف عنها آرائها التي اخترقت فيها المحظورات في المجتمع الشرقي، لتصبح واحدة من أكثر الكاتبات المصريات المثيرات للجدل، حيث لاقت شهرة على صعيد الشرق الأوسط والعالم كله.

معركة شرسة خاضتها نوال السعداوي ضد ختان الإناث بداية من عام 1972 بإصدار كتابها الشهير "المرأة والجنس" الذي صدر لأول مرة عام 1968، هاجمت فيه تشويه الأعضاء الجنسية للمرأة وقمعهن، وعلى إثره فقدت وظيفتها في وزارة الصحة المصرية، وفي عام 1973 أغلقت مجلة الصحة التي أسستها قبل ذلك بسنوات.

كافحت طيلة حياتها لتصحيح مفهوم ربط العذرية بالشرف، وعبرت عن قناعتها باعتبار أن الشرف "ينبع من العقل والفكر"، ولا علاقة له بعذرية المرأة كما هو متعارف عليه في المجتمعات، مؤكدةً أن زمن عبودية المرأة لمجرد الجسد فقط أدى لإلصاق المرأة بالجنس.

أمضت حياتها في مشاكسة الساسة ورجال الدين بمعركتها ضد قمع المرأة والمحظورات الاجتماعية والجنسية، هاجمت بشراسة كل من أشار إلى أن "ختان النساء يحافظ على الأخلاق"، قائلة "هل تنبع الأخلاق المستقيمة من بتر الأعضاء"، وخلصت إلى أن العقل هو العضو الأول المهيمن على الرغبات والشهوات، مشيرةً إلى أن الختان قد يؤدي إلى إشعال الشهوة وليس إخمادها.

في كتابها "الوجه العاري للمرأة العربية" الذي صدر عام 1977، تحدثت نوال السعداوي عن واحدة من أسوأ تجارب طفولتها، وهي تجربة الختان حين كان عمرها ستة أعوام فقط، واصفة حجم الألم الجسدي والنفسي الذي تعرضت له بسبب تلك العملية، لتصبح واحدة من أهم القضايا في حياتها باعتبارها "أداة لقمع النساء"، فكانت من أشرس المعارضين لهذه الظاهرة الشديدة الرسوخ في المجتمع المصري.

غير أنها لم تتوقف عن آرائها، ولم يقتصر دفاعها عن قضيتها إلى إصدار كتاب فقط، بل خرجت في العديد من وسائل الإعلام لتروي قصة ختانها، في سابقة تعد الأكثر جرأة في تناول هذه القضية.

كتابها وعلى الرغم من كونه صادماً ومتحرراً من قيود مجتمعية عديدة، حيث وثقت من خلاله تجاربها، إذ كانت شاهدة على جرائم اعتداء جنسي و"جرائم شرف" ودعارة خلال عملها كطبيبة في إحدى القرى، إلا أنه كان شديد الإفادة للأجيال الجديدة من النساء وأدى إلى تغيير الكثير من المفاهيم المتعلقة بالمرأة، وقد أثارت الرواية حالة من الغضب، واتهمها النقاد بـ "تعزيز الصور النمطية للمرأة العربية".

وبعد عقود من السجال، تم تجريم ختان الإناث في مصر عام 2008 ومؤخراً خرج دار الإفتاء المصرية بفتوى تحريم ختان الإناث، وتغيرت تشريعات وقوانين ألقت بأطباء وآخرين في السجن بسبب تلك الممارسة غير الإنسانية، وبالرغم من ذلك أدانت نوال السعداوي استمرار انتشارها.

سطرت في كتابها الرائد في أدب السيرة الذاتية "مذكرات طبيبة" الذي صدر في مطلع ستينات القرن الماضي، ما قاسته وتقاسيه كل فتاة وامرأة تنشأ ولا تجد غير أفكار وعادات تقتل فيها كل حب للحياة ونفسها وذويها، تسوقها لكره وحقد نحو مجتمع لا تجد فيه رجاء، مجتمع يزرع الخوف في قلب كل فتاة حالمة.

كانت نوال السعداوي شديدة الجرأة في الكثير من أطروحاتها، سابقة بذلك الكثير من رائدات العمل النسوي. فكانت من أوائل من طالبوا بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث ورفضت تعدد الزوجات، كما كان لها آراء قوية ضد حجاب المرأة، إذ رأت أن الحجاب "من صور العبودية وضد الأخلاق والأمن ولا يعبر عن الأخلاق".

دائما ما تساءلت "لماذا المرأة تغطى والرجل لا يغطى؟ لماذا أنا ضد الحجاب؟ لأنه ضد الأخلاق، لو أنا أردت أن أظهر بمظهر الشريفة أشتري حجاباً بـ 50 قرشاً أو 50 جنيهاً وأشتري الجنة بهذا المبلغ. أنا أريد أن أدخل الجنة بأخلاقي وسلوكي وليس بقماش على رأسي".

كثيراً ما طالبت نوال السعداوي بتحرير المرأة العربية مما وصفته بالعبودية للرجل من خلال استقلالها مادياً ونفسياً واجتماعياً من أجل أن تمتلك حرية القرار، وأن على المرأة أن تدرك أنها في سبيل ذلك ستدفع ثمن تلك الحرية بدلاً من أن تدفع ثمن العبودية التي تعيشها، وهو ما تناولته بالتفصيل في كتابها "قضايا المرأة المصرية السياسية والجنسية".

وفي كتابها "تأملات في السياسة والمرأة والكتابة" تقول نوال السعداوي إن "العدالة أو الديمقراطية لا تتحقق إلا بعد أن تصبح الحرية والمساواة أسلوب حياة في البيت والشارع والمدرسة والعمل والترفيه واللعب".

إنجازاتها وجوائزها

كرمت نوال السعداوي بكثير من الجوائز المهمة، على غرار "لشبونة بين الشمال والجنوب" و"إينانا الدولية" من بلجيكا، و"ستيغ داغيرمان" من السويد، و"رابطة الأدب الأفريقي"، و"جبران" الأدبية، وجائزة من جمعية الصداقة العربية -الفرنسية، وأخرى من المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية.

كما وحصلت على جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوروبا ونالت جائزة شون ماكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا.

ونالت درجات شرفية عدة من جامعات مختلفة حول العالم. وفي عام 2020 أدرجتها مجلة التايمز الأمريكية ضمن قائمة أكثر 100 امرأة تأثيراً في العالم، وفي عام 1981 خصصت غلافها الخارجي لصورتها في مواكبة لتعرضها للسجن.

فيما اختارتها صحيفة "الغارديان" البريطانية، كواحدة من أهم الكاتبات في أفريقيا في المجال الاجتماعي والسياسي، ومن بين أفضل 5 روائيات وأديبات القارة السمراء عام 2018.

ولعل من أشهر مؤلفاتها التي تعد من تراث الكتابات النسوية روايتها "امرأتان في امرأة" و"الخيط وعين الحياة" و"الأنثى هي الأصل" و"المرأة والصراع النفسي"، وبجانب ما أثارته من غضب، نالت اعترافاً عالمياً واسعاً، وتُرجمت أعمالها إلى أكثر من 40 لغة.

وبالرغم من كل ذلك التكريم الدولي والحفاوة في الأوساط العالمية التي كانت تقابل بها، إلا أنها كانت دائماً ما تشعر بالمرارة بسبب عدم حصولها على أي تكريم مناسب في بلدها.

رغم التاريخ الطويل من التعسف، نجحت نوال السعداوي صاحبة مشروع تنويري ثقافي نسوي واجه القمع الذي يقع ضد المرأة، خصوصاً فيما يتعلق بمفاهيم الشرف، والمساواة المفقودة بين الرجل والمرأة، في أن تكون واحدة من الأيقونات الإبداعية المصرية والعربية، بل والعالمية أيضاً.