رواية "حليب أسود"

لم يكن الكتاب مجرد رحلة في تجربة اكتئاب ما بعد الولادة أو سيرة ذاتية لأم مبدعة، بل هو تجربة وعي لما يمكن أن يحدث حين تتصارع الأنثى التي تلد الكلمات والأنثى التي تلد الأطفال وتأثير ذلك على كيانها.

ولدت إليف بيلغين في ستراسبورغ عام 1971 لوالدين هما الفيلسوف نوري بيلغين وشفق أتيمان التي أصبحت دبلوماسية فيما بعد، انفصل والدها عندما كان عمرها عامًا واحدًا فربتها والدتها.

نشأت الكاتبة في عائلة لا تحكمها القوانين الذكورية التقليدية وكان له الأثر الكبير على كتابتها، وتستخدم اسمها الأول واسم والدتها كاسم أدبي توقع به أعمالها، هي روائية تركية تكتب باللغتين التركية والإنكليزية، وقد ترجمت أعمالها إلى ما يزيد على ثلاثين لغة، اشتهرت بتأليفها رواية قواعد العشق الأربعون سنة 2010.

أمضت طفولتها وصباها متنقلة بين مدريد وعمان وكولونيا قبل أن تعود إلى تركيا، وهاجرت إلى الولايات المتحدة لتواصل دراستها أولًا، ثم بعد ذلك لتشغل منصب أستاذة محاضرة في جامعة أريزونا.

تزوجت إليف شفق عام 2005 وانجبت طفلين، عانت بعد ولادة طفلتها الأولى من أزمة نفسيّة عميقة حالت دون مزاولتها الكتابة للمرة الأولى في حياتها، وفيما هي غارقة في الانهيار النفسي الذي يلي الولادة، تعمّقت بكاتبات مفكّراتها لتحولها إلى كتاب "حليب أسود" تناول فيها بعمق الصراع الذي عاشته بين الإبداع والأمومة قبل الزواج وبعده، وقبل الأمومة وبعدها، بالإضافة إلى اكتئاب ما بعد الولادة.

حيث خاضت في قضايا الأمومة والكتابة والإبداع، وقدّمت قصص كاتبات مبدعات عبر التاريخ وتجاربهنّ مع الأمومة وآراءهنّ فيها، وتأثير الأمومة على حياتهنّ، وتتحدث أيضاً عن أولئك اللواتي اخترن ألّا يكنّ أمهات مخافة أن يؤثر ذلك على حياتهنّ الإبداعية.

اكتئاب ما بعد الولادة شبهته الكاتبة بالوحش الذي يلتهم دواخل كثيرات ويمنعهنّ من الاستمرار في العيش بشكلٍ طبيعي، ويحرمهنّ السعادة ومُتَع الحياة، عاشت الكاتبة هذا العذاب وشربت من مرّه وهي خائفة ومرعوبة من فقدان ناصية الكتابة، أعزّ شيء إلى قلبها وروحها. كيف لها أن تصبح أمّاً معطاءةً وحاضرةً في حياة أبنائها بينما يتوق قلبُها إلى العزلة والكتابة؟

صدرت الرواية عام 2007 باللغة التركية، فيما صدرت مترجمة إلى العربية عام 2016 عن دار مسكيلياني في تونس.