رواية "الشتاء المرير" المرأة بين موروثات التقاليد وأغلال المجتمع
عمل روائي ناقد للأديبة الأردنية الفلسطينية آسيا "خولة" عبد الهادي، صدرت الرواية عام 2010 عن دار الدروب في عمان
، الرواية بمثابة اعترافات واستقراء لواقع المرأة العربية في ظل عادات وتقاليد ومفاهيم بالية لازالت سائدة وتلقى التشبث والاستحكام من غالبية أطراف المجتمع، والتي حطت من قدر المرأة العربية.
جسدت الأديبة آسيا عبد الهادي الممارسات القامعة للمرأة من خلال مجموعة من قصص رواها عدد من النساء، تمثلت جميعها في بطلة الرواية رجاء والتي تظهر في رجاءاتٍ متعددة، فهي الكاتبة التي تقع في حب الشاعر وزوجة الطبيب وابنة المناضل. حيث قامت الأديبة بوضع جميع الرجاءات في ميزانٍ واحد لتؤكد على المعاناة التي تشترك بها النساء مهما اختلفت الطبقات الاجتماعية القائمة فيها.
وفي سياق هذه الممارسات القامعة التي روي منها آلاف القصص إلا أنه هناك قصصاً لم تبصر النور بعد، وهناك رجاء التي تقف بثبات في معترك الحياة وسط مجتمعٍ ذكوري قامع لها ولكل النساء غيرها، ورغم كل المأساة والصعوبات التي تواجهها لا تكل عن محاولة تصحيح الخلل في البنية الاجتماعية، لتصطدم بواقعٍ أشد بأساً مما هي فيه، لتكتشف أن التسلط والقهر لا يأتي من الرجل وحده وإنما أيضاً من الأنثى، بما يؤكد أن ثقافة الكبت والاستبداد هي نتاج ظروف اجتماعية وتقاليد متوارثة.
هناك أيضاً رجاء الزوجة إذ لا يرتوي زوجها من شتمها ورجمها بأبشع الألفاظ بل يهين جسدها وينهال عليها بالضرب المبرح، في حين أنها تلقى احتراماً وحباً من المحيط ما يجعل روحها تتشظى، والتي تبقى مكبلة بقيوده صبراً منها لبقائها إلى جانب أبنائها إذ لم تكن تريد لعلاقتهما المضطربة أن تؤثر سلباً على الأبناء.
تقف رجاء أمام ذاتها في مواجهةٍ حادة، لتعترف أمام نفسها بأن لها يدّ في كل ما جابهته، فالرضوخ والخنوع والعمياء والعطاء اللامحدود واضمحلال الذات الذي مارسته بسخاء انقلب عليها ولم يتبقى لها شيء، فهي بعد كل هذه التضحيات فارغةً ممتلئة بالثقوب التي تملأ قعر روحها بالألم والخيبة، فكيف للإنسان أن يضع الأكبال في يديه بنفسه وهو في عرق ينبض.
ولكن لابدّ لليلِ أن ينجلي، فيتوفى زوجها وتتقاذفها رياح التغيير لتأخذها إلى بدايةٍ جديدة حياةٍ تكون هي وحدها سيدة نفسها فيها.