قصة صاحبة فكرة تنظيم الأسرة وأول ممثلة لمصر في الأمم المتحدة
قادت الناشطة والسياسية المصرية عزيزة شكري حسين معركةً لمكافحة الختان إلى جانب نشرها ثقافة تنظيم الأسرة على المستوى المحلي، وكرست حياتها للعمل الاجتماعي، وهي أول مصرية تتولى منصب رسمياً في الأمم المتحدة باسم بلادها.
مركز الأخبار ـ عزيزة شكري حسين أيقونة نضال المرأة المصرية في العمل الاجتماعي وحماية النساء، وأول مصرية تمثل بلادها في الأمم المتحدة، شاركت في صياغة الاتفاقية الدولية لمنع التمييز ضد المرأة كما قادت حركة تنظيم الأسرة.
تنظيم الأسرة وأهميته بالنسبة للمرأة
في مدينة ميت غمر المصرية سطرت الناشطة النسوية عزيزة شكري حسين بحروف من ذهب اسمها في التاريخ الحديث لمصر المولودة عام 1919 وكان لوالدها الطبيب دوراً في تحررها من المجتمع الذكوري وبذلك استطاع تغيير ملامح العمل الوطني والاجتماعي.
درست لمدة خمس سنوات في مدرسة فرنسية بمصر ثم انتقلت إلى الكلية الأمريكية بالقاهرة وبقيت في نظامها الداخلي لمدة سنة ثم التحقت بنظامها الخارجي عندما بلغت التاسعة من عمرها وخرجت منها وهي تبلغ الـ 16 عاماً.
سافرت بصفتها زوجة السفير أحمد حسين الذي لم تنجب منه أطفال، وزارت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1952 قبل تولي زوجها منصب السفير، وقد تم دعوتها من قبل مجموعة "أصدقاء الشرق الأوسط" لإلقاء محاضرات عن مختلف المواضيع وعلى رأسها المرأة المصرية والقضية الفلسطينية وكذلك المراكز الاجتماعية والضمان الاجتماعي.
وعلى خلفية تأسيس زوجها مراكز اجتماعية بمصر وخلال زيارتها لجزر الكاريبي بدعوة من الأمم المتحدة للقيام بدراسات وأبحاث في المراكز الاجتماعية في هذه الجزر، انتهزت الفرصة لتفعيل حوار في الولايات المتحدة في إطار التبادل الثقافي والحضاري، وبعد عودتها إلى مصر ونزولاً عند رغبة الحكومة مثلت مصر في الأمم المتحدة إلى جانب عملها مع العديد من الجمعيات المدنية في إطار تنظيم الأسرة ومناهضة ختان الإناث.
في عام 1954 عينت مرة أخرى في لجنة المرأة في الأمم المتحدة، فكانت بمثابة الفرصة بالنسبة لها لطرح فكرتها حول تنظيم الأسرة إلى جانب حديثها عن الممارسات الضارة ضد المرأة، أثارت هذه الفكرة دهشة المشاركين حيث أن الكثير من الدول المتقدمة آنذاك كانت تخشى الحديث عن هذه الموضوع، وبذلك رأوا أن عزيزة شكري حسين مؤهلة للترشح لتكون عضواً بلجنة المرأة بمنظمة الأمم المتحدة المنصب الذي بقيت فيه لمدة 17 عاماً، لقد كانت سبباً في إدراج تنظيم الأسرة على جدول أعمال الأمم المتحدة لما له من تأثير قوي على المرأة.
وفي ظل عملها في الأمم المتحدة سافرت إلى سنغافورة لحضور مؤتمر برعاية "الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة" بغية التعرف أكثر على مبادئ وأهداف عملية تنظيم الأسرة على المستوى العالمي، وكانت اللجنة المشتركة لتنظيم الأسرة التي ضمت عدة جمعيات وليدة التعاون مع الاتحاد الدولي، حيث هدفت اللجنة للعمل والتعاون المشترك بين الجمعيات التي انضوت تحت رايتها ونتج عن هذا الاندماج والتناسق "الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة" حيث اختار الاتحاد الدولي عزيزة شكري حسين لتمثيل بلادها.
ونظراً لتمتعها بروح متزنة ودماثة الخلق مع قوة وصلابة وعقل حاد الذكاء متجاوز لزمانها، تم تعيينها كنائبة لرئيس الاتحاد وذلك قبل أن تتولى منصب الرئاسة فيه كما عرض عليها من العام ذاته أن تتولى منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية إلا أنها قابلت ذلك بالرفض معتبرةً نفسها على إطلاع كافي على الحياة وأن البيروقراطية والمسؤوليات هدر للحياة.
نظرتها الثاقبة لمستقبل المرأة المصرية
كرست عزيزة شكري حسين حياتها ومسيرتها في سبيل تنظيم الأسرة لما لهذا المجال من أهمية بنظرها معتبرةً أنه السبيل لتصبح النساء أفضل قدرة على استكمال تعليمهن وتعزيز استقلاليتهن في أسرهن وكذلك قدراتهن على الكسب وبالتالي تقوية أمنهن الاقتصادي ورفاههن وأسرهن، كما رأت أن إتاحة السبل إلى خدمات تنظيم الأسرة هو حق من حقوق الإنسان إلى جانب كونه يحقق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء وبالتالي الحد من الفقر، لذلك قامت بتأسيس مشروع متكامل لتنظيم الأسرة بالإضافة لمشروع أسرة المستقبل وآخر للأحوال الشخصية الذي تولته الناشطة نجيبة عبد الحميد.
وبهدف تعديل بنود من قانون الأحوال الشخصية المجحفة بحق المرأة المصرية، تعاونت عزيزة شكري حسين مع رجال الدين المستنيرين والقانون ومجلس الشعب، وبعد أن احتجت على قانون يمنع المرأة من الطلاق على أساس الضرر قامت بإرسال تلغراف لرئيس الحكومة.
دفاعها المستميت عن قضايا المرأة ونصرتها كان أبرز أسباب إلحاقها بنوال السعداوي ويحيى درويش في لجنة المرأة العاملة في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى جانب عملها في اللجنة القومية للسكان وتمثيل بلادها في العديد من المؤتمرات المعنية بشؤون الأسرة والسكان حيث ترأست وفد مصر في المنتدى الدولي للمرأة والسكان والتنمية.
انشغالها في تقديم الخدمات للأهالي جعلها ترفض منصب وزير الشؤون الاجتماعية مواصلة جهودها كمتطوعة في الوزارة، وقبل أن تتولى رئاسة الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة شاركت في صياغة اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
واعترافاً بدورها وجهودها في تغيير وضع الأسرة والمرأة سواء محلياً أو عالمياً من خلال مشروعها في تنظيم الأسرة، حصلت عام 2000 على جائزة الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة كما قامت منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة بتكريمها ومنحها ميداليتها لتكون بذلك إلى جانب الأم تريزا وأنديرا غاندي، وقد تركت سيرة ومسيرة استثنائية برحيلها عن هذه العالم عام 2015.