مشاركة فاعلة للنسوية البحرينية في إعلاء صوت الديمقراطية

لعبت المرأة البحرينية دوراً بارزاً في الاحتجاجات المطالبة بالحرية والمساواة عام 2011 على الرغم من الانتهاكات وأعمال العنف التي تعرضت له في الساحات، إلا أنها أصبحت نموذجاً قيادياً من أجل الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان.

مركز الأخبار ـ الناشطة في مجال حقوق الإنسان البحرينية مريم خواجة أبرز المطالبين باحترام الحقوق الأساسية والقيام بإصلاحات سياسية في البحرين، تعرضت للاعتقال وسوء المعاملة ونفيت خارج بلادها، تواجه الآن خطر السجن مدى الحياة في حال عودتها.

 

مريم الخواجة صوت الحرية والمساواة

اتسمت مسيرة مريم الخواجة بالجرأة والشجاعة فبالرغم من الخطر والتهديد الذي تواجهه من قبل السلطات البحرينية دائماً تخرج للعلن وتلفت انتباه العالم للسياسة المجحفة التي تتبعها السلطات بحق السجناء السياسيين وسجناء الرأي والمطالبين بالحريات الأساسية في البحرين، وانتقدت غياب المعاملة الإنسانية في الاحتجاجات السلمية وعدم توفر بيئة صحية وآمنة في السجون البحرينية بما يقتضي القانون الدولي.

مريم الخواجة ولدت في سوريا عام 1987 لأم سورية وأب بحريني هو الناشط عبد الهادي الخواجة أبرز منتقدي الحكومة البحرينية كما أنه من أوائل المشاركين مع ابنتيه في احتجاجات عام 2011 المطالبة بالديمقراطية والإصلاح وحكم عليه عسكرياً بالسجن مدى الحياة.

تحمل الجنسية الدنماركية بعد أن حصلت أسرتها على لجوء سياسي عندما كان عمرها سنتين، عادت إلى البحرين مع عائلتها عام 2001 بعد أن سُمح لهم بذلك، تخرجت من الجامعة عام 2009 إلا أنها لم تتمكن من الحصول على عمل في أي مجال يذكر بسبب انتقاد والدها للحكومة، على الرغم من أنه لم يكن لديها آنذاك أي نشاطات سياسية تذكر حتى يتم حرمانها من أبسط حقوقها إلا وهو حق العمل.

إلا أنها لم تجلس مكتوفة اليدين تجاه الأحكام التعسفية التي جعلت من دراستها تذهب مهب الريح، لذلك نشطت في الاحتجاجات والحملات المناصرة لحقوق الإنسان كما عملت مترجمة للصحفيين الذين توافدوا للبحرين للإطلاع على أوضاعها الإنسانية، عام 2006 كانت فرد من الوفد الذي قصد مبنى الأمم المتحدة لتسليم عريضة تطالب بإقالة رئيس الوزراء البحريني ومحاسبته نتيجة انتهاكه لحقوق الإنسان، لذلك تعرضت مريم لحملة تشويه شرسة في وسائل الإعلام البحريني عام 2008 فقط لأنها تحدثت في الكونغرس الأمريكي عن انعدام الحرية الدينية في بلادها.

التحقت قبل عام واحد فقط من انطلاق المسيرات البحرينية المطالبة بالديمقراطية والملكية الدستورية، بمركز البحرين لحقوق الإنسان الذي أسسه والدها مع مجموعة من الناشطين/ات وشغلت منصب رئيس مكتبه للعلاقات الخارجية ثم أصبحت نائبة لرئيس المركز الذي قامت بمهامه خلال فترة اعتقاله.

 

الحراك السلمي بداية الطريق للديمقراطية

شاركت مريم الخواجة عام 2011 بالمسيرات والاحتجاجات المناهضة للحكومة والمطالبة بالديمقراطية مع والدها وشقيقتها الناشطة زينب خواجة المهددة أيضاً بالاعتقال، قدمت مريم الخواجة تغطية لحظة بلحظة للمظاهرات السلمية التي تجاهلتها العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية، حيث كانت تقيم في دوار اللؤلؤة الذي احتشدت فيه المظاهرات لتكتب تغريداتها على موقع توتير بصورة نشطة، لذلك واجهت تهديدات بالقتل من قبل أشخاص تدعمهم الحكومة التي شنت حملة ضدها عبر موقع توتير "أكس" اتهمتها بنشر الأخبار الكاذبة والراديكالية والعمل لصالح جهات معادية.

لم تكتفي بذلك فقط بل سافرت للعديد من الدول للحديث في المؤتمرات عن القمع والقتل الذي تعرض له الحالمون بقدر أكبر من الحرية السياسية والمساواة في البحرين، وبسبب حملة الاعتقالات التي تعرض لها أعضاء مركز البحرين لحقوق الإنسان اجبرت على البقاء خارج البلاد، إلا أن ذلك لم يثني من عزيمتها فقد لعبت دوراً بارزاً في المجال العام حيث تحدثت في المنتديات العالمية عن قضية اعتقال السياسيين والناشطين ومن ضمنهم والدها وطالبت بالضغط على الحكومة البحرينية للإفراج عنهم.   

وعلى خلفية ضلوعها في الاحتجاجات المناهضة للتمييز الطائفي والفساد وقمع المطالبين بالإصلاح السياسي وخلال محاولتها زيارة والدها لفقت بحقها تهمة اعتداء على شرطية في المطار عام 2014 كما اتهمت بدخول البلاد بشكل غير مشروع وإهانة الملك، وأطلق سراحها بكفالة وغادرت البلاد وحكم عليها غيابياً لمدة عام واحد ولا تزال السلطات تؤكد أن اعتقالها أمر قانوني.

هذه الاتهامات بحق مريم الخواجة كانت عبارة عن رسالة تحذيرية آنذاك موجهة لنشطاء حقوق الإنسان الموجودين خارج البلاد والناقدين لنظام الحكم في حال فكروا بالعودة فإن السجن مصيرهم، ويذكر أنها واجهت هذه التهم بالتزامن مع يوم المرأة البحرينية وكذلك تكريم عدد من القيادات النسائية في البلاد، ولأنها لم تكن تعترف باستقلالية المحكمة وأن الاتهامات ملفقة ضدها لم تعد إلى البحرين حتى عام 2023 وذلك للمطالبة بالإفراج عن النشطاء السياسيين ومن ضمنهم والدها المسجون منذ 12 عاماً.

ولطالما عبرت عن خوفها من التعرض للاعتقال في حال عودتها للبحرين، فقد ذكرت في أحد منشوراتها على حسابها الخاص "أريد لفت الانتباه إلى أكثر من 800 شخص مضربين عن الطعام في البحرين الآن، أنا أخاطر بالحكم بالسجن مدى الحياة، على حد علمي، هناك تهمة تم توجيهها ضدي بموجب قانون الإرهاب، وهي تهمة غامضة ما يعني أنه حتى عمل المدافع عن حقوق الإنسان يمكن اعتباره إرهاباً".

والجدير ذكره أن العديد من الناشطات خصوصاً والنساء عموماً المشاركات في الحراك الشعبي عام 2011 والفترة التي تلته لتحسين مستقبل البلاد وأشراك المرأة بدور أكبر في البحرين، تعرضن لانتهاكات تمثلت بالضرب ونزع الحجاب أمام الملأ والاعتقال الذي خضعن فيه لأبشع أشكال التعذيب منها الصعق بالكهرباء، ولفقت بحقهن العديد من التهم وتم فصل الكثير منهن عن العمل، على الرغم من أن مشاركتهن كانت مرافقة الوفود الإعلامية أو قيامهن بالإسعافات الأولية أو تنظيم الندوات السياسية وغيرها من الأمور التي تندرج تحت مسمى السلمية.