مناضلة ضد التميز العرقي حققت مكاسب في حرية المرأة

الناشطة الأمريكية دولوريس هويرتا ساعدت على تنظيم إضراب "العنب" وأبرز المفاوضين الرئيسيين في اتفاقية العمال، اكتظت مسيرتها بالنشاطات المدافعة عن العمال والمهاجرين والمرأة، أول من ابتدع عبارة "نعم، تستطيع" والتي شكلت نموذجاً يحتذى به للكثير من الأمريكيين

مركز الأخبار ـ الناشطة الأمريكية في مجال الحقوق المدنية دولوريس هويرتا من مؤسسي جمعية عمال المزارع المتحدة، وواحدة من أبرز منظمي أضراب "العنب" والمفاوض الرئيسي في اتفاقية العمال، أول امرأة يتم دخلت قاعة المشاهير الوطنية للمرأة.


"أمي هي الشخص الذي كان له الأثر الغالب على حياتي"
ولدت دولوريس هويرتا في مدنية داوسون بولاية نيو مكسيكو الأمريكية عام 1930، وهي الطفلة الثانية والابنة الوحيدة لوالديها اللذان انفصلا عندما كانت في الثالثة من عمرها، عُرفت والدتها بنشاطاتها المجتمعية وتشجيعها على التنوع الثقافي وتعاطفها مع العمال ذوي الأجور المنخفضة حتى أنها كانت تقدم لهم المسكن في بعض الأحيان، وقالت عنها في إحدى المقابلات "أمي هي الشخص الذي كان له الأثر الغالب على حياتي، لقد كانت امرأة ذكية ولطيفة جداً".
تأثرها بوالدتها دفعها إلى التفكير بالحقوق المدنية لعمال المزارع المكسيكيين والفلبينيين والعمال من الأمريكيين من أصل أفريقي، كما بات لديها اعتقاد راسخ أن المجتمع بحاجة للتغيير خاصة بعد أن اتهمتها إحدى المعلمات بالغش واعتبرته فعلاً متجذراً في التحييز العنصري، وكذلك تعرض شقيقها للضرب بوحشية على يد رجالٍ بيض.
نشطت في العديد من النوادي عندما كانت طالبة، وعلى الرغم من أن زواجاً قصيراً وأمومة وطلاق أوقف دراستها إلا أنها تابعت تعليمها في كلية دلتا بجامعة المحيط الهادئ في ستوكتون وحصلت على اعتماد تدريس مؤقت إلا أنها رأت أن هذه الوظائف غير مرضية وأنها تستطيع فعل الكثير من أجل أطفال الفلاحين الجياع والحفاة وذلك من خلال مساعدة ذويهم في الحصول على عمل أكثر أنصافاً بدلاً من محاولة تعليم أطفالهم.


من أكثر الناشطين ومنظمي العمال تأثيراً بالقرن العشرين
على خلفية نضالها لتحسين الواقع الاقتصادي لعمال المزارع المهاجرين شاركت دولوريس هويرتا في تأسيس فرع ستوكتون لمنظمة الخدمات المجتمعية عام 1955 وقامت بتدريب الأشخاص للقيام بالتنظيم على مستوى القاعدة الشعبية، وبسبب توليها مسؤوليات ومواقف لا يتولاها إلا ذكور من البيض واجهت انتقادات على أساس القوالب النمطية الجنسانية والعرقية.
كما شاركت في تأسيس جمعية العمال الزراعيين وفي ظلها ضغطت على الحكومات المحلية من أجل تحسين الأحياء التي يقطنها الأقليات والأمريكيين من أصل لاتيني وغيرهم وأعدت في ذروتها حملات لتسجيل الناخبين، وفي عام 1962 شاركت في تأسيس الرابطة الوطنية لعمال المزارع التي ادمجت فيما بعد مع اللجنة المنظمة للعمال الزراعيين لتصبح عام 1915رابطة تنظيم اتحاد عمال المزارع وأصبحت أول امرأة تنظم إلى مجلسها.
وانطلاقاً من هدفها في تحسين حياة وأجور العمال قامت بمفاوضات عام 1966 بين الاتحاد وكبرى الشركات الزراعية تمكن بفضلها عمال المزارع من المساومة مع شركة زراعية للمرة الأولى، ولأن منظمة الخدمات المجتمعية رفضت طلبها بتنظيم رابطة عمال المزارع استقالت منها وتابعت عملها في الرابطة التي نمت نشاطاتها بفضل المهارات التنظيمية لدولوريس هويرتا.
في إحدى المقابلات أكدت أن سبب رغبتها في مساعدة عمال المزارع جاء بعد إلقائها نظرة على أسلوب معيشتهم حيث أنهم يعملون في ظروف قاسية، "يتقاضون أجوراً زهيدة أو لا شيء وليس لديهم حقوق وينامون على الأرض أو على صناديق من الخشب ومياه غير نظيفة ولا يملكون دورات مياه كما يعملون من طلوع الشمس حتى غروبها دون فترات استراحة، كما أنهم كانوا يهاجرون حيث تكون مواسم المحاصيل مما يجبرهم على اصطحاب أطفالهم للعمل معهم في الحقول وبالتالي لا يتلقون تعليماً مناسباً"، كما أوضحت أنه في كثير من الأحيان تتعرض النساء لاعتداءات جنسية من قبل أصحاب المزارع لكنهن لا يفصحن عن ذلك خوفاً من طرد عوائلهن من العمل.


إضراب العنب واتفاقية اتحاد عمال المزارع
في عام 1965 قادت المقاطعة الوطنية لمنظمة عمال المزارع المتحدة أثناء إضراب "العنب" في ديلانو ونقلت محنة عمال المزارع إلى المستهلكين مما أجبر كل مسؤولي صناعات العنب في كاليفورنيا على اتفاقية اتحاد عمال المزارع عام 1970، كما نشطت في الضغط على المسؤولين للحصول على قوانين تهدف لتحسين حياة العمال.
تعرضت دولوريس هويرتا للضرب على يد ضابط شركة في سان فرانسيسكو على خلفية مشاركتها في احتجاجات سلمية مناهضة لسياسات جورج دبليو بوش وبرنامجه الرئاسي، مما تسبب لها بإصابات داخلية وعدة كسور، وفازت بالحكم على خلفية الهجوم وحصلت على تعويضات استخدمتها لصالح عمال المزارع.
أنشأت عام 2002 مؤسسة حملت اسمها تعمل على تأمين فرص قيادية لتنظيم المجتمع وكذلك المشاركة المدنية وفي المجالات السياسية وتهتم بمجالات الصحة والبيئة والتعليم وتعزيز دور الشباب والتنمية الاقتصادية، وأولت اهتمام كبير لقضايا التحيز الجنسي ورعاية الأطفال والتحرش الجنسي. 
تميزت بمهارات التفاوض وشخصيتها الصارمة على طاولة المفاوضات وصنفت أنها واحدة من أهم ثلاث نساء في العالم بمجلة السيدة عام 1997 وهي أول من تلقت جائزة إليانور روزفلت لحقوق الإنسان كما أنها واحدة من بين أهم 100 امرأة في القرن العشرين إلى جانب الأم تيريزا ومارغريت تاتشر، كما تلقت العديد من الجوائز منها وسام الحرية الرئاسي عام 2012 وتم تخصيص يوم 10 نيسان/أبريل من كل عام يوم دولوريس هويرتا في كل من ولاية كاليفورنيا وواشنطن.