عزيزة يحضيه كرست حياتها للدفاع عن الإبداع النسائي في المغرب
امرأة مغربية، كانت تحارب عبر الثقافة، التي كانت سلاحها المداد، والحرف وسيلتها للتعبير عن ذاتها وعن ألم المرأة
حنان حارت
المغرب ـ امرأة مغربية، كانت تحارب عبر الثقافة، التي كانت سلاحها المداد، والحرف وسيلتها للتعبير عن ذاتها وعن ألم المرأة، واجهت السرطان بالكتابة وحولته من مرض ينهك الجسد والروح إلى كنز للكتابة والإبداع، فانتصرت عليه.
جعلت الرقي بالإبداع النسائي في المغرب من أولوياتها، حملت لواء جمع شمل صاحبات الأقلام الجادة من مختلف جهات المملكة، والاحتفاء بإبداعاتهن وكتابتهن، والتعريف بهن، ضمن رابطة كاتبات المغرب، التي أسستها عام 2012، أنها الراحلة عزيزة يحضيه أبنة الصحراء، الإعلامية والشاعرة التي خطفها الموت، وغيبها عن المشهد الثقافي المغربي في كانون الثاني/يناير 2022.
كل من كان يعرفها عن قرب يكتشف رقتها وهدوئها وحبها للشعر وتفانيها في العمل من أجل تحقيق أهدافها، وتطوير مشروعها الثقافي.
الراحلة عزيزة يحضيه من مواليد مدينة طانطان جنوب المغرب، واحدة من النساء المغربيات اللواتي كرسن حياتهن لخدمة قضايا الثقافة والأدب وقضايا المرأة على وجه الخصوص، لا سيما من موقعها كمؤسسة ورئيسة لرابطة كاتبات المغرب.
كانت تحمل هم النهوض بالأدب النسائي المغربي، فجاء المخاض لولادة الرابطة، والتي استطاعت من خلالها عزيزة يحضيه على مدى عشر سنوات أن تؤسس لمجتمع نسائي مبدع من خلال تمثيل 70 فرعاً على الصعيد الوطني.
وعن الراحلة تحدثت الروائية والقاصة ونائبة رئيسة رابطة كاتبات المغرب زهرة عز، لوكالتنا قائلةً "رحيلها ترك خلخلة في المشهد الثقافي المغربي، ونحن نحتفي باليوم العالمي للنساء، نستحضر ذكرى هذه المرأة الاستثنائية، التي تركت غصة كبيرة في حلقنا جميعاً، وتركت فراغاً في المشهد الثقافي، لكن كعضوات في الرابطة نعاهدها بأننا عازمات على المضي قدماً بحلمها، لنكافح جميعاً من أجل نصرة قضايا المرأة الأديبة".
وأضافت "كانت عزيزة يحضيه ترى في الإبداع رسالة مقدسة، تدافع بحب ونبل عن مسارها الإنساني الراقي فكانت فكرتها الخلاقة، ومولودها المميز تأسيس رابطة كاتبات المغرب، كانت تبحث عن إنجازات المبدعات أينما وجدن؛ فأسست فروعاً في مختلف المدن المغرب، كما حاولت أن يكون للرابطة ذلك الصدى العالمي، فتجاوزت بها حدود الوطن، وأسست فروعاً أخرى في دول أوروبية: فرنسا، بلجيكا وإيطاليا".
حاولت الراحلة عزيزة يحضيه احتضان المبدعات في الأنواع الأدبية المختلفة، بما فيها المقالة والشعر والقصة والرواية والنقد، كما أشرفت على رأس الرابطة، وعلى العديد من المبادرات الأدبية الوازنة التي تروم إلى نشر ثقافة الإبداع والتميز وإثراء المشهد الثقافي جهوياً ووطنياً وإقليمياً، والتي كان آخرها مبادرة جائزة الكاتبة المغاربية.
حصلت عزيزة يحضيه على دكتوراه في الإعلام والاتصال بمدريد، وصدرت لها كتابات في العديد من المنابر الإعلامية، وعملت كأستاذة ومستشارة إدارية بأحد معاهد الصحافة الخاصة بالدار البيضاء.
كلمتها المشهورة كانت "أن الثقافة مدخل استراتيجي لكل إصلاح تنموي"، تقول زهرة عز وهي تستذكر اللقاءات التي كانت تجمعها بالراحلة "كانت دائماً تركز وتردد في أي لقاء: لا يمكن الحديث عن الرقي والتحرر، إلا إذا كان للمرأة مكانتها التي تستحقها باعتبارها نصف المجتمع".
وأضافت "كانت عزيزة يحضيه تؤمن أن المرأة الأديبة أكثر إصغاء إلى صوت المرأة فهي تشخص على وجه كامل قضية المرأة والمكانة التي تستحق من وجهة نظرها، لقد كانت تؤمن بأن الإبداع النسائي هو محاولة لسماع صوت المرأة من داخل تجربتها الخاصة وكذلك الاعتماد بـ " الدستوبيا" التي تنطلق من التأمل في مستقبل الأقليات والنساء المهمشات".
صدر للراحلة عزيزة يحضيه العديد من الدواوين الشعرية، ومنها "حناء صحراء الزعفران" (1993)، و"بوح طانطان" (1998)، و"هديتي لك سيدي".
تقول زهرة عز عن الرئيسة السابقة لرابطة كاتبات المغرب "لقد آمنت طوال حياتها أن رسالتها هي لم شمل المبدعات المغربيات، داخل إطار حتى يتسنى لهن الدفاع عن وجودهن من خلال القصة والشعر والرواية والمسرح، لقد كانت تساهم في إغناء الأدب الموضوعاتي النسائي، فالأهمية لا يمكن حصرها في موضوع المرأة، بل أيضاً في الصور الجمالية لأنها صادرة عن ذوات نسائية لها رؤية خاصة".
تسلمت الراحلة عزيزة يحضيه سنة 2020، من الأمانة العامة لجوائز كلوبال العالمية، درع جائزة المسؤولية الاجتماعية مرفوقة بشهادة التكريم.
وعن مطالبها التي كانت تحاول تمريرها في كل مناسبة أوضحت زهرة عز "من بين مطالبها كانت تمكين الكاتبة المغربية من حقوقها الثقافية واحترام حقها المشروع في المشاركة بالحياة الثقافية وحمايتها والوفاء بها".
أصيبت عزيزة يحضيه بمرض السرطان، لكنها واجهته بصبر وعزيمة فانتصرت عليه، ورغم التأثير الذي يتركه كانت بشوشة، طموحة ومتفائلة.
ومن جهتها قالت الشاعرة والإعلامية مليكة وليالي والتي تعد من الصديقات المقربات للراحلة "لم تكن من النوع المستسلم، وكانت صاحبة المهمات الصعبة، كانت شخصية قوية وصبورة، وحملت على عاتقها هم المرأة المبدعة، وكرست حياتها ووقتها بالكامل للرابطة والفعل الثقافي، كانت تصارع من أجل البقاء، وكانت حريصة على مشروعها الثقافي".
وأضافت "عزيزة يحضيه كانت طفلة في جسد امرأة، مؤمنة بحقها في الحياة، اختارت الكتابة لتنجو من الوجع، تحدت ذلك المرض الخبيث وحولت وجعه لقصائد تكتبها وتتحدث فيها عن معاناة النساء، وعن حبها للبلاد".
قبل شهر من وفاتها التقتها مليكة وليالي، وعن هذا اللقاء الأخير الذي جمعهما قالت "كانت جد متفائلة وكانت تفكر في المستقبل، تجاذبنا أطراف الحديث وتحدثت لي عن مشاريعها المستقبلية، لقد كان هذا آخر لقاء بيننا قبل أن يغيبها الموت عن المشهد الثقافي".