لور مغيزل... مسيرة نضالية حافلة في القضاء على التمييز ضد المرأة

الحقوقية اللبنانية لور مغيزل ارتطمت بالواقع المرير الذي عاشته المرأة في بلادها فلجأت إلى الحداثة القانونية لإلغاء بنود التمييز ضد المرأة من القوانين اللبنانية، وأطلقت حركة اللاعنف التي شكلت المرجع القانوني لجمعية تنظيم الأسرة.

مركز الأخبار ـ لور مغيزل ناشطة لبنانية في مجال حقوق المرأة بلبنان والعالم العربي، لها أدوار عدة في تعديل القوانين الشاملة على بنود فيها تمييز ضد المرأة، أول من أوصى بتأسيس جهاز حكومي عالي المستوى يهتم بشؤون المرأة، كما شغلت عدة مناصب حقوقية.

 

شعارها المساواة والإنصاف 

النساء في لبنان لم تشاركن إلى حد ما في الحروب التي حصلت في البلاد خاصة خلال الربع الأخير من القرن الماضي، إلا أن دور المرأة تمثل في السعي للحفاظ على الهياكل الاجتماعية انطلاقاً من عائلتها ورعاية المصابين وذوي الاحتياجات الخاصة نظراً لنقص الخدمات الاجتماعية والطبية، حيث تطوعت النساء في منظمات الرعاية الاجتماعية لمساعدة الناس في توفير الخدمات الأساسية، كما أنهن تحملن العبء الأكبر من تداعيات الحروب والتشريد القسري.

ومن النساء اللواتي سعين لإنصاف المرأة في لبنان والعالم العربي لور مغيزل التي ولدت في مدينة حاصبيا جنوب لبنان عام 1929، تلقت تعليمها في مدرسة راهبات القلبين الأقدسين الداخلية في مدينة جونية ثم توجهت لمدرسة الجامعة الوطنية في مدينة عالية، وحصلت بعد ذلك على شهادة في القانون من جامعة القديس يوسف في العاصمة اللبنانية بيروت بالإضافة لشهادة في القانون الفرنسي من جامعة ليون.

بعد نيل لبنان الاستقلال عن الانتداب الفرنسي عام 1943 أحرزت حقوق المرأة في البلاد تقدماً على يد الاتحاد النسائي اللبناني واتحاد التضامن للمرأة المسيحية الذي كانت لور مغيزل عضواً فيه، وبعد تسع أعوام على الاستقلال تم دمج الاتحادين تحت مسمى المجلس اللبناني للمرأة، لكن مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 ورغم توقف برامج عمل الناشطات في المجلس، حافظت على التزامها بالمناداة بحقوق الإنسان وإعلاء حقوق المرأة التي اعتبرتها السبيل الوحيد لتوفير خدمات الرعاية لضحايا الحرب من خلال نشاطاتها الاجتماعية المتعددة.

وتميزت عن غيرها من الناشطين المعاصرين وذلك لتعهدها في النهوض بحقوق المرأة معتبرةً إياها مسألة معاملة عادلة ومتساوية لجميع المواطنين وجزء من الحملة الواسعة لدعم مؤسسة حقوق الإنسان في لبنان، ورفضت المشاركة في العمل العسكري، وارتكز دورها على الأنشطة القانونية والدفاع المستميت عن حقوق المرأة والسعي لإيجاد طرق بديلة للمساهمة في إعمار البلاد، وشاركت مع اثنين وعشرين شخصاً من مختلف المدن اللبنانية في مسيرة السلام التي انطلقت من كلية بيروت الجامعة والتي شكلت حركة لدعم مظاهرات اتحاد العمال، واردفت الحركة حملة أخرى بعنوان "وثيقة السلام المدني" جمعت فيها 70 ألف توقيع من المدنيين المعارضين للحرب.

ولإعداد قضايا المرأة في إطار الحقوق القانونية العامة اتبعت خمسة نُهج هي الحقوق السياسية والأهلية القانونية بالإضافة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق بموجب قانون العقوبات والحقوق بموجب قانون الأحوال الشخصية، وقد استثمرت شهادتها في القانون فمنح عملها المرأة حقوقاً قانونية متنوعة وجديدة خارج نطاق القضايا التقليدية المتمثلة بالرؤية العامة والحقوق المدنية.

وفي هذا السياق كان لها دور في عام 1983 منح حق شراء وبيع وسائل تحديد النسل بشكل قانوني وبعد خمسة أعوام شاركت في حصول المتقاعدين على استحقاقات التقاعد وتحديد سن التقاعد المؤسسي وتوحيده عند الرجال والنساء بعد أن كان على النساء التقاعد قبل خمس سنوات من نظرائهن، ويعد من أكبر إنجازاتها التي قامت بها في مسيرتها المهنية هو تأسيس الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان عام 1985 التي أعطت لاحتياجات وتطلعات المرأة اللبنانية أولوية واهتماماً في السياق العام والخاص بالإضافة لتسهيل إمكانية حصول المواطن اللبناني على حقوق الإنسان الأساسية، ونشرت الجمعية بنود حقوق المرأة من خلال وضع سوابق مؤثرة عبر نظام المحاكم.

 

حقوق المرأة محور مسيرتها

 وكان لـ لور مغيزل دور في تعديل قوانين الحقوق في المعاملات التجارية وامتيازات الخدمة الاجتماعية التي تؤثر على المرأة بشكل كبير إلا أنها تهمل في المحاكم، وامتد عملها إلى أبعد من القوانين الوطنية المؤثرة على المرأة حتى وصلت لدعم تنفيذ المعاهدات الدولية في لبنان، كما كان لها دور في نيل المرأة حقها الدبلوماسي في الحفاظ على الجنسية اللبنانية والوظائف المدنية في حال زواجها من أجنبي وكذلك حقها في الحصول على تأمين على الحياة حتى للمتزوجة.

ولعل إحدى كبرى مساهماتها في مجال حقوق المرأة هو تعاونها مع الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان في عام 1990 في الضغط على الحكومة اللبنانية لإقرار تبني البند الدستوري الذي يعيد التزامها بدعم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد تقنياً من قبل الحكومة عام 1948، وقد وضح البند سابقة قضائية تنص على أن المعايير الإنسانية الدولية يمكن أن تحل محل القانون الوطني، وهو الأمر الذي مهد الطريق لاعتماد الحكومة اللبنانية عام 1996 اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي وقعت عليها عملياً 114 بلد بينها خمس دول عربية منها لبنان، وتوفيت بعد عام واحد من تبني لبنان هذه الاتفاقية.