"كمائن العتمة" تجسيد لمعاناة المرأة في المجتمع الذكوري

"كمائن العتمة" رواية للشاعرة والكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي، ترصد فيها واقع المرأة ومعاناتها في المجتمعات الذكورية والقيود التي تفرض عليها وتكبّلها، طبعت ونشرت لأول مرة عام 2012، ونشرت للمرة الثانية عام 2013.
تتطرق الكاتبة من خلال الرواية إلى قصة فتاة تدعى "سارة" تقبع داخل عتمة لا نهائية، معزولة عن العالم الخارجي، تخوض معارك نفسية مع نفسها في العتمة التي فرضت عليها من قبل المجتمع الذكوري اللامبالي لمشاعرها وطموحاتها، والتي رافقتها منذ طفولتها وحرمتها من رسم مسار حياتها بنفسها، "كانت تلك العتمة قد أحاطتني منذ الطفولة وغشيت كل حواسي، فلم أعد أستطيع أن أتلمس طريقي بأي وسيلة كانت، وكان الخوف وحده محيطي الذي يحدد أبعادي، ويجمعني مع غرفتي وأدواتي وكتبي".
هذه العتمة التي تعيشها سارة ستوقعها في كمائنها لتجلس على كرسي الاعتراف، وتبدأ جلسة السرد الطويلة التي تبوح فيها بكل ما يجول في ذهنها، وما يعتمل في روحها من غضب وحزن، وتعترف في عدة مواضيع بتفاصيل من حياتها تسترجعها في عتمتها، سجنها الاجتماعي الذي وجدت نفسها فيه إثر لقائها بشاب لم تر فيه فتى أحلامها وسلطة الأب والأخوة في مواجهة ضعف الأنثى والأم العاجزة عن الدفاع.
تدفعها رغباتها للجوء إلى نوع من أنواع السرية، حيث تفعل ما تشاء في غرفتها بعيداً عن أعين المحيطين بها، والمجتمع الذي يتحكّم بها، وتؤكد ذلك بقولها "في غرفتي كنت أمارس حياتي بجنون باذخ، وكانت غرفتي مساحة من الحياة المحرّمة التي لا يستطيع أن يتخيلها أحد".
لم تكتفي الكاتبة بإبراز شخصية سارة وحسب، بل تحدثت عن عدة نساء عانين كذلك من ظلم المجتمع والعائلة، كلاً منهن يعشن داخل غرفهن حياة في عالم بعيد عن واقعهن كل البعد، إلا أن الحرب النفسية المندلعة في نفسهن دفعت بالبعض منهن إلى الوقوع في أخطاء عدة، فـ سارة وهي بطلة الرواية دفعتها الضغوطات التي تعرضت لها للجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي والتحدث مع أناس غرباء عنها.
لم تعلم أنّ عالم مواقع التواصل الاجتماعي عالم آخر مختلف عن الواقع، فتفاجأت وأصيبت بصدمة من الشخص الذي كانت تتواصل معه بسرية عندما التقته، فالذي رأته كان مختلفاً عما رسمته في مخيلتها.
فازت الرواية بجائزة العويس للإبداع عام 2013.