حرية الملونين عنوان مسيرة يوري كوتشياما

شاركت في حركات الأمريكيين الآسيويين والسود والعالم الثالث من أجل الحقوق المدنية وحقوق الإنسان والدراسات العرقية وانتفضت ضد حرب فيتنام، هي الناشطة السياسية من أصل آسيوي الأمريكية يوري كوتشياما.

مركز الأخبار ـ يوري كوتشياما ناشطة أمريكية في مجال الحقوق المدنية، تأثرت بتجربة عائلتها اليابانية الأمريكية في معسكرات الاعتقال، دافعت عن العديد من القضايا بما فيها الانفصالية السوداء والحركة المناهضة للحرب وتعويضات المعتقلين اليابانيين الأمريكيين وحقوق السجناء السياسيين.

 

العنصرية وعدم المساواة

ولدت يوري كوتشياما في سان بيدرو بكاليفورنيا عام 1921 والديها من المهاجرين اليابانيين، نشأت في حي أغلب قاطنيه من البيض، التحقت بمدرسة سان بيدرو الثانوية وعملت فيها كأول ضابطة في الهيئة الطلابية وكتبت لصحيفة المدرسة التي تخرجت منها وهي بعمر السبعة عشر عاماً، ثم التحقت بكلية كومبتون حيث درست اللغة الإنكليزية والصحافة بالإضافة للفن وتخرجت منها عام 1941.

شكل قصف اليابان للقاعدة البحرية الأمريكية في ميناء بيرل هاربور في جزيرة أوهايو في كانون الأول/ديسمبر من عام 1941، وإعلان الكونغرس الأمريكي الحرب على اليابان ودخولها الحرب العالمية الثانية، نقطة تحول في حياتها حيث اعتقل عملاء من المكتب الفيدرالي والدها بحجة أنه يشكل تهديداً محتملاً على الأمن القومي خاصة بعد عثورهم على صور للسفن البحرية اليابانية في منزل العائلة وكذلك صداقاته المقربة مع شخصيات يابانية بارزة، بعد فترة وجيزة من وفاة والدها الذي أطلق سراحه بعد شهرين من الاعتقال أصدر رئيس الولايات المتحدة آنذاك فرانلكين روزفلت أمراً يقضي بإخراج ما يقارب 120 ألف شخص من أصل ياباني من ساحل المحيط الهادي واحتجازهم في معسكرات متفرقة في جميع الولايات.

تم إجلائها مع باقي عائلتها إلى إسطبل للخيول أولاً ثم إلى مركز الاحتجاز سانتا أنيتا الذي بقيت فيه لعدة أشهر قبل أن تُنقل إلى معسكر الاعتقال التابع لهيئة إعادة التوطين الحربي في ولاية أركنساس وبقيت هناك عامين متتاليين، وفاة والدها وتجارب الإجلاء جعلتها تدرك جيداً الانتهاكات الحكومية التي ربطتها بالمنخرطين في النضالات السياسية.

عند انتقالها إلى نيويورك التقت ببيل كوتشياما وهو من قدامى المحاربين في إحدى الوحدات القتالية في الجيش الأمريكي تزوجا عام 1946 وعاشا في مساكن عامة لمدة عشر سنوات، وفي عام 1960 انتقلت مع عائلتها إلى حي هارلم حيث شاركت في حركات الأمريكيين الآسيويين والعالم الثالث من أجل الحقوق المدنية وحقوق الإنسان والدراسات العرقية ضد الحرب في فيتنام للدفاع عن النفس.

 

صوت الملونين والأقليات

بصفتها من مؤسسي مجتمع "Young Lords" كانت يوري كوتشياما عنصراً رئيسياً في المنظمات التي تقدم الدعم مثل منظمة الأمريكيين الآسيويين من أجل العمل، كما سعت لبناء حركة أمريكية آسيوية أكثر سياسية وديمقراطية من شأنها أن تناضل من أجل تحرير السود، حيث قالت "لقد وضعت العنصرية جميع الشعوب العرقية في مواقف مماثلة من القمع والفقر والتهميش".

وأثناء مشاركتها في احتجاج على اعتقال حوالي 600 من عمال البناء من الأقليات في بروكلين على خلفية اعتراضهم على ظروف العمل القاسية، التقت عام 1963 بالناشط الأمريكي من أصول أفريقيا مالكولم إكس عندما كان عضواً في منظمة (ONI) التي ركزت اهتمامها على الشتات الأفريقي، بعد التحاقها بمدرسة مالكولم إكس للتحرير والانخراط في منظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية غير الدينية، وتبنت وجهة نظره حول "حقوق الإنسان" بدلاً من الحقوق المدنية.

وشغلت منصب المرشد للنهاية الراديكالية للحركة الأمريكية الآسيوية التي نمت أثناء وبعد حرب فيتنام بمنتصف ستينيات القرن الماضي وهي حركة اجتماعية سياسية أكدت على التضامن بين الشعوب الآسيوية من جميع الأعراق وكذلك التضامن المتعدد بين الأمريكيين الآسيويين والأمريكيين الأفارقة وكذلك الأمريكيين من أصل إسباني.

كما انضمت إلى حركة العمل الثوري وهي منظمة ماركسية لينينية قومية سوداء وكانت المجموعة الأولى التي طبقت الفلسفة الماوية على ظروف السود في الولايات المتحدة، وكانت واحدة من عدد قليل من غير السود الذين تمت دعوتها للانضمام إلى جمهورية أفريقيا الجديدة عام 1968، ثم انضمت إلى فصيل الجيش الملكي النيبالي، وقررت إسقاط "اسم العبد" الخاص بها وهو ماري واستخدام اسم يوري فقط.

وانضمت إلى مجموعة البورتوريكيين الذين استولوا مع عدد من النشطاء الآخرين على تمثال الحرية عام 1977 لمدة تسع ساعات، ودعمت ما اعتبرتهم سجناء سياسيين وضحايا القمع لمكتب التحقيقات الفيدرالي منهم الناشط والصحفي الأمريكي من أصل أفريقي موميا أبو جمال، وكانت صديقة مؤيد الناشط الأمريكي من أصل أفريقي وعضو سابق في جيش التحرير الأسود أساتا شاكور، كما دعمت الشاعرة النسوية مارلين باك التي سجنت على خلفية اتهامها بمساعدة أساتا شاكور على الهروب من السجن عام 1979 وتفجير مجلس الشيوخ في 1983 احتجاجاَ على التدخل العسكري للولايات المتحدة في لبنان وغرينادا.

وفي ثمانينيات القرن الماضي وبصفتها من منظمي لجنة الأمريكيين اليابانيين في الساحل الشرقي من أجل الإنصاف والتعويضات دعت مع عدد من النشطاء إلى تقديم تعويضات واعتذار حكومي مقابل حبس الأمريكيين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، كما قادت الحملة لجلب لجنة إعادة التوطين مما أجبر الرئيس رونالد ريغان على توقيع قانون الحريات المدنية عام 1988 ومنح فيه مبلغ مالي لكل ناج من الاعتقال الياباني الأمريكي، واستخدمت يوري كوتشياما هذه النقطة للمطالبة بتعويضات للأمريكيين من أصل أفريقي.

ولم يقتصر نشاطها على نصرة قضية اليابانيين الأمريكيين والأفارقة، بل نشطت أيضاً في معارضة التنميط والتعصب ضد المسلمين والشرق أوسطيين وجنوب آسيا حيث اعتبرت قضيتهم مشابهة لقضية الأمريكيين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية.

 

جوائز عديدة لمسيرة حافلة بالنضال

نشطت يوري كوتشياما في المجال الاجتماعي حيث أنها درست اللغة الإنكليزية للطلاب المهاجرين وتطوعت في مطابخ الحساء وملاجئ المشردين في مدينة نيويورك، وقالت في أحد البرامج التلفزيونية "الإرث الذي أود أن أتركه هو أن يحاول الناس بناء الجسور وليس الجدران"، ردت على تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب هجمات 11أيلول/سبتمبر 2001 وصرحت أن "هدف الحرب على الإرهاب هو أكثر من مجرد الحصول على النفط والوقود، فالولايات المتحدة عازمة على السيطرة على العالم، من المهم نحن جميعاً أن ندرك أن الإرهابي الرئيسي والعدو الرئيسي لشعوب العالم هو حكومة الولايات المتحدة".

نشرت مذكراتها عام 2004 وفي العام التالي كانت واحدة من 1000 امرأة تم ترشيحهن بشكل جماعي لجائزة نوبل للسلام، وفي عام 2007 تم وضعها مع مالكولم إكس لأول مرة من قبل لاعبي الشرق والغرب في مسرح ديفيد هنري هوانج في لوس أنجلوس في مسرحية لأحد المسرحيين اليابانيين الأمريكيين، وبعد ثلاث سنوات حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة ولاية كاليفورنيا إيست باي.

بعد أكثر من خمسين عاماً من النشاط لإنهاء الحرب والعنصرية والكراهية، توفيت عام 2014 وبعد فترة وجيزة من ذلك أدرك متحف الهجرة سميثسونيان لآسيا والمحيط الهادي الأمريكي ندرة المواد التي توثق مسيرتها فقام بتنظيم معرض رقمي وصفه بأنه "تحية" لها، كما أن البيت الأبيض قام بإحياء ذكرى وفاتها على موقعه الإلكتروني لتكريس "حياتها للسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية، ليس فقط لمجتمع الأمريكيين الآسيويين وجزر المحيط الهادئ ولكن لجميع المجتمعات الملونة".