فيان بيمان حولت مقاومة كوباني بالأغاني الشعبية إلى ملحمة أسطورية

فيان بيمان بروحها ونضالها أصبحت صوت مقاومة كوباني، فلم تكن مقاتلة فقط، بل شاعرة ومغنية، وصوت المقاومة التي انطلقت من كوباني، كفاح وبطولة فيان بيمان حول مقاومة كوباني بالأغاني الشعبية إلى ملحمة أسطورية.

دلوفان أسمين

يعتبر الأول من تشرين الثاني/نوفمبر يوم مقاومة كوباني الذي جمع الإنسانية، حيث وقف الملايين من خمس قارات وما لا يقل عن 30 دولة و92 مدينة إلى جانب الثورة التي انطلقت ضد داعش. القصص التي جمعت شعوب العالم كتبت في سجلات هذا العصر.

في 15أيلول/سبتمبر 2014، بدأ داعش بمهاجمة مقاطعة كوباني في إقليم شمال وشرق سوريا من ثلاث جهات، وتوجه الآلاف من مرتزقة داعش إلى كوباني بعد تصريح أردوغان بأن "كوباني تسقط، وستسقط". وخلال مقاومة كوباني لم تترك شعوب العالم كوباني وحدها، لأنهم كانوا يعلمون بخطورة ما سيرتكبه داعش.

مطامع داعش وأردوغان بدخول كوباني لم تتحقق، لأن مقاومة وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب والمقاتلين من أجل الحرية (الكريلا) والشعب دمرت أحلامهم، ومن أجل دعم المقاومة ضد داعش، أعلنت اللجنة المدنية التركية التابعة للاتحاد الأوروبي (EUTCC) ومبادرة Peace Camping، ضد داعش وبدعوة "النفير العام العالمي من أجل كوباني والإنسانية" الأول من تشرين الثاني/نوفمبر "يوم التضامن العالمي مع مقاومة كوباني".

أثناء مقاومة كوباني منحت المرأة اللون للحظات المقاومة، وأطلقت المقاتلات النار للانتقام للنساء. وفي شوارع كوباني ارتفعت أصوات زغاريد النساء وغنائهن وكان من أبطال هذا النضال المقاتلة والمغنية فيان بيمان التي أصبحت أغنيتها الشعبية بعنوان "Wey li Minê, Dewrane" ملحمة لمقاومة كوباني.

تعرف الشعب الكردي على فيان بيمان من خلال صوتها وأغانيها الشعبية. كانت فيان بيمان شجاعة ومتمردة، تماماً مثل موطنها. وتمثل المعنى النقي للحياة. وكانت إحدى نساء النار والشمس، جعلت من قلبها عاصمة الآلهة ووضعت آلاف المعاني في مسيرتها وحياتها الثورية. بالنسبة لها لم يكن مهماً أن يعيش المرء طويلاً، المهم أن يتمكن من ملء لحظاته بآثار ذات معنى.

ولدت كلستان تالي جينكانلو، الملقبة بفيان بيمان عام 1988 في مدينة ماكو شرق كردستان. وكان سكان المنطقة الحدودية من الجبال والمنحدرات الشديدة متمردون، فعندما يواجه مشكلة ويواجهون هجمات يتوجهون على الفور إلى جبال كليداخ وتندورك وأكري الصغير. وكل قصص وملاحم وبطولات هذه الجغرافيا يتم التعبير عنها بالغناء الشعبي والأغاني.

ولذلك فإن تاريخ هذه الجغرافيا يصل إلى الأجيال القادمة من خلال الكلمات، ويتعلم الناس تاريخ بلادهم بهذه الطريقة. وتعلمت فيان بيمان أيضاً تاريخها المليء بالألم والمعاناة بصوت مزمار الرعاة وكلمات وأغاني المسنين. وكلما ذهب مقاتلو الحرية إلى الحدود (سرحد)، كانت تلك الخرسانة على قبر الكرد تتصدع، وينضم مئات الشباب إلى صفوف الحرب من أجل انتقامهم التاريخي ومن أجل إحياء الكرد من قبورهم. ولهذا الغرض، في عام 2005 قررت فيان بيمان الانضمام.

وحدت فيان بيمان جمالها مع جبال كردستان، فالجبل هو القبلة بالنسبة للنساء المقاتلات. ولذلك فإن المرأة التي لا تقبل الظلم والاضطهاد والقهر والاحتلال تتجه إلى هذه القبلة. أصبحت جبال كردستان عشاً لسارة وزيلان وبريتان. وضعت تلك الآلهة المقدسة عرشها على الجبال ونادين النساء التواقات للحرية بصوتهن المهيب. فيان بيمان من بلد الشمس، بنت نفسها في الجبال في خطواتها الأولى وعبرت عن حبها للجبال بصوتها وصفت حب الصداقة، والارتباط برفاقها الشهداء بالأغاني الشعبية، وصوتها الجبلي.

وتعرف الشعب الكردي على فيان بيمان من خلال أغنية Fermandarê Min وهي أغنية للقائدين الأسطوريين الشهيد كورتاي فراشين والشهيد عادل بليكا وأغنية بعنوان Wey li Minê, Dewranê لمقاومة كوباني.

عندما هاجم داعش كوباني بإذن الدولة التركية، كان أردوغان يعد الساعات والثواني وينتظر سقوط كوباني، توجه مقاتلو (الكريلا) من جبال كردستان إلى كوباني بنداء القائد عبد الله أوجلان، وتوجهت فيان بيمان أيضاً من بوطان إلى كوباني وأخذت زمام المبادرة التاريخية في هذه الحرب أيضاً. كانت قائدة ورفيقة وفنانة حرب، في تلك اللحظات الصعبة كانت فيان بيمان تعمل وتتحرك بروحها وأغانيها وإيمانها الذي لا نهاية له بالنصر. وفي أصعب لحظات الحرب قالت "سننتصر وننقذ كوباني. وسنهدي هذا النصر للقائد أوجلان والشهداء، وسنحتفل بالنصر والحرية في يوم تحرير كوباني".

وبهذا الإيمان لم تتوقف عن نضالها للحظة واحدة. وتحققت آمال وإيمان فيان بيمان، وتم تحرير مدينة كوباني من داعش، وأهدى مقاتلوا الحرية انتصار مدينة المقاومة للقائد أوجلان والشهداء.

قضت فيان بيمان مسيرتها بشجاعة وحب الوطن والصداقة الحقيقية والنضال والإرادة. لم تمشط شعرها مع ريح الجبل فحسب، بل أشرقت روحها أيضاً بمياه الجبل. سارت نحو العدو بأغاني ثورية وكان هدفها الرئيسي هو الانتقام لشعبها وبلدها، وفي السادس من نيسان/أبريل 2015 استشهدت فيان بيمان وانضمت إلى قوافل الخالدين في قرية مجو بمدينة رأس العين/سري كانيه وكتبت اسمها في تاريخ بطولة شعبها.