فريدة عذراوي... وهبت نفسها لمساندة النساء المعنفات
بصمت المحامية والفاعلة الجمعوية والحقوقية فريدة العذراوي على حضور كبير في خدمة قضايا الفتيات والنساء المعنفات في إقليم سيدي بنور بالمغرب
حنان حارت
المغرب ـ بصمت المحامية والفاعلة الجمعوية والحقوقية فريدة العذراوي على حضور كبير في خدمة قضايا الفتيات والنساء المعنفات في إقليم سيدي بنور بالمغرب، الذي شكل لها فضاء مناسباً لإبراز موهبتها وميولاتها.
بدأت فريدة العذراوي ممارسة مهنة المحاماة منذ عام 1994؛ وتخصصت في قضايا الأسرة، حتى تكون قريبة من النساء المقهورات وتحمي حقوقهن.
وانخرطت في العمل الجمعوي والحقوقي بشكل رسمي منذ 1994؛ وبعدها تم اختيارها كعضو داخل خلية التكفل القضائي للمرأة والطفل بالمحكمة الابتدائية بسيدي بنور، ما جعلها أيضاً تكون أكثر قرباً من هموم النساء المعنفات ومشاكلهن من مختلف الفئات، وهكذا بدأت تتبلور لديها فكرة إنشاء مركز يتكفل بالنساء المعنفات المطرودات من بيت الزوجية، فأنشأت جمعية نور للإيواء والتكفل بالنساء والأطفال.
قالت فريدة العذراوي لوكالتنا "عندما كنت أصادف امرأة بالإقليم تعرضت للتعنيف وطردت من بيت الزوجية ولا تجد مكاناً تلجأ إليه، كنت أتأسف للوضعية التي تعيشها، حيث كانت تضطر إلى قضاء ليلتها بمخفر الشرطة، حتى لا تظل عرضة للتشرد، لكن رغم ذلك فهذا الوضع صعب عليها خاصة إذا كان برفقتها أطفالها، ما دفعني إلى التفكير في إنشاء مركز لإيواء النساء ضحايا العنف رفقة أطفالهن؛ لقد ناقشت الفكرة مع المسؤولين في الإقليم وتم بالفعل تشييد المركز الذي أطلق عليه اسم مركز الأم والطفل، وأسندت مهمة التسيير لجمعيتنا، وحصلنا على الدعم من الجهات المسؤولة، لكننا ننتظر الحصول على ترخيص لإيواء النساء المعنفات بشكل قانوني"، موضحةً أن الجمعية تضم مركزاً للاستماع والإرشاد تشرف عليه مساعدة اجتماعية ومحامين متطوعين.
إصرار وانخراط فريدة العذراوي في مجموعة من المبادرات الهادفة، جعل منها نموذجاً لامرأة فرضت وجودها وأثبتت قدرتها على كسب رهان التحدي والنجاح في مجموعة من مجالات عملها خاصة قضايا المرأة والعمل الجمعوي والحقوقي بهذا الإقليم.
وأشارت إلى أن ممارستها للعمل الحقوقي والجمعوي منذ سنوات، وعلاقتها بالعديد من أعضاء الجمعيات النسائية، إضافة إلى التراكم الذي حققته نتيجة ممارسة العمل الجمعوي في عدة جمعيات مختلفة، إضافة إلى الحملات التحسيسية التي كانت تقوم بها في البوادي لفائدة النساء هناك، للتعريف ببنود مدونة الأسرة وتعريفهن بحقوقهن، كان حافزاً لها في مسارها الجمعوي والحقوقي بإقليم سيدي بنور، حيث مكنها ذلك من الوقوف على أهمية العمل الجمعوي والحقوقي للمرأة في حياتها.
وترى فريدة العذراوي أن أغلب النساء غير واعيات بأهمية العمل الجمعوي والحقوقي، مشيرة إلى أن ﺍﻟﻌمل الجمعوي يعتبر ضرورة ملحة، من أجل بلورة ممارسة نسائية تتجاوز التهميش الذي تعرفه قضايا المرأة، لكن للأسف النساء غير واعيات بذلك.
وعن أسباب عدم وعي أو عزوف النساء عن المشاركة في العمل الجمعوي والحقوقي، أكدت المحامية والحقوقية فريدة العذراوي أن ذلك يرجع إلى ضعف وعي المرأة بأهمية الفعل الجمعوي والحقوقي، مبرزة أن النساء تصنف إلى فئات؛ الأولى: تضم نساء قرويات لا علم لهن باﻟﻌمل الجمعوي، والفئة الثانية مزيج من نساء أميات انخرطن في الجمعيات بهدف الإستفادة من دروس محو الأمية، ونساء منخرطات من أجل الحصول على مساعدات مادية أو تعلم حرفة ما، وهناك فئة عبارة عن موظفات يعتبرن ﺍﻟﻌمل الجمعوي يتطلب وقت وتضحية وأنه ممارسة خاصة بالرجال، وهناك من يعتبره مجرد إطار لملء الفراغ، وبالتالي رغم انخراط هذه الفئة فهي لا تلتزم بالحضور والنضال.
وأكدت أنه في المقابل هناك شريحة نسائية تؤمن بأن ﺍﻟﻌمل الجمعوي والحقوقي، إطار حقيقي للدفاع عن قضية المرأة والنهوض بها، لكن هذه الفئة تشكل نسبة قليلة جداً.
ولفتت إلى أنه رغم المكتسبات التي تحققت للمرأة المغربية، إلا أنها لازالت تعاني من إكراهات وصعوبات، خاصة بالنسبة للمرأة القروية، مشيرة إلى أنه رغم الدور الكبير الذي تلعبه النساء في القرى، إلا أنهن يعانين في حياتهن اليومية، ما يحول دون تمتعهن بحقوقهن الكاملة، وذلك يعود إلى الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وعن وضعية المرأة القروية قالت فريدة العذراوي "المرأة القروية تعمل داخل وخارج البيت فبالإضافة إلى تربية الأبناء والأعمال المنزلية، فإنها توكل لها الأعمال الشاقة ففي بعض الأحيان تساعد الرجل في عملية الحرث، والجني والحصاد وجمع التبن والحشائش لتغذية الماشية، كما تتكفل المرأة القروية بجلب الماء اللازم للمنزل من البئر، وغيرها من الأعمال، ورغم كل ما تقوم به، فإن الرجل يبخس عملها ولا يعترف بمجهوداتها"، مضيفة "كثيراً ما صادفت نساء قرويات يتأسفن لعدم تقدير مجهوداتهن من طرف الزوج، وعدم إعطاء أهمية لأي شيء يقمن به".
وأوضحت الناشطة الحقوقية فريدة العذراوي أنه حان الوقت لتغيير النظرة التقليدية لوضع المرأة القروية من خلال القيام بمجموعة من الأنشطة التحسيسية والتوعوية في محاولة لكسر الثقافة التقليدية السائدة التي تعيق إبراز الوضع الحقيقي للنساء في القرى.
وأكدت أنه لابد من وجود برامج حكومية لفك العزلة عن المرأة القروية، التي تعيش منغلقة على ذاتها دون أن تعرف ما يجري من حولها، حيث يكون الرجل دائماً مسيطر عليها لا يعطيها الحق في إبداء رأيها للتعبير عن معاناتها الشخصية، كما أنها لا تجد الفرصة حتى بالإهتمام بنفسها.
وشددت على أن الاهتمام بالمرأة القروية يفرض إقرار برامج من أجل تمكين المرأة اقتصادياً، وذلك لمواجهة الفقر والهشاشة باعتبارها المدخل الحقيقي لبداية النهوض بأوضاع المرأة القروية.