أمينة كارا... حياة تتسم بالنضال والمقاومة
قُتلت أمينة كارا "أفين كوي" إحدى قيادات الحركة النسائية الكردية، في مسرح مجزرة عام 2013 بنفس المؤامرة. تحدثت ابنة أخيها هيلين كارا عن كفاحها وقالت إن أفين كوي بذلت جهود كبيرة ليس فقط للشعب الكردي ولكن أيضاً للبشرية جمعاء.
برجين كارا
مخمور ـ أصبحت أفين كوي "أمينة كارا" وهي إحدى رائدات الحركة النسائية الكردية، قيادية ابتداءً من مكان الانضمام قلابان وصولاً إلى الجبال وروج آفا وأوروبا. كانت واحدة من النساء القدوة للمرأة الكردية والشرق الأوسط بأكمله. بعد 10 سنوات في المكان الذي قُتلت فيه المناضلة ساكينة جانسيز، وقعت مؤامرة ثانية في باريس في 23 كانون الأول/ديسمبر 2022، واستهدفت القيادية الكردية أفين كوي.
ولدت أمينة كارا الملقبة بـ "أفين كوي" عام 1974 في قرية هلال التابعة لبلدة قلابان في شرناخ بشمال كردستان. كانت شاهدة على حركة 15 آب التي انطلقت بقيادة القائد معصوم قورقماز (عكيد)، مثل كل شابة كردية، كان لهذه الحركة تأثير كبير عليها أيضاً وبدأت كفاحها في ذلك الوقت.
لقد عانت أفين كوي ورأت وحشية واحتلال الدولة التركية وهي طفلة وشهدت في سن مبكرة كيف تحرق الدولة التركية القرى وتعذب الشعب الكردي بلا ضمير. بعد أن رأت هذا الواقع الذي يعيش فيه الكرد والمرأة، قررت أن تنضم إلى النضال من أجل حرية شعبها، وتوجهت في عام 1988 إلى جبال كردستان.
عن حياة أفين كوي تقول ابنة أخيها هيلين كارا لوكالتنا التي نددت بالمجزرة الثانية في باريس "مرة أخرى في مدينة باريس وفي 23 كانون الأول 2022 وقعت مجزرة ثانية بطريقة غير إنسانية وجبانة وغير أخلاقية. لذلك، كان هذا الحادث مؤلماً جداً بالنسبة لنا كشعب كردي وكعائلتها. لقد كان استشهادها مؤلماً جداً، فنحن نعلم أن الدولة التركية هي عدونا منذ سنوات طويلة والأساليب التي تستخدمها لتدمير الشعب الكردي غير أخلاقية ولا تعترف بأي معايير، فهي تستخدم كل الأساليب المحظورة واللاإنسانية. كان هذا الحادث أحدها، وقد تسبب في الكثير من الألم وأظهر الكثير من المواقف العظيمة للشعب. نحن كشعب كردي فخورون بهذا".
"موقف الشعب الكردي من المجزرة قيم جداً"
كانت أفين كوي ترى أن حرية الشعب الكردي في حرية المرأة، ولهذا ناضلت وقاتلت وعملت بجهد ضد الاحتلال التركي لمدة 34 عاماً في جميع قرى وجبال بوطان وزاغروس، من جبال هركول في شمال كردستان إلى الرقة ومن هناك إلى شنكال. كان لأفين كوي مساهمة كبيرة في تطوير ثورة روج آفا. بالإضافة إلى أنها كانت من المقاتلين الذين حاربوا داعش ولعبت دوراً حاسماً في هزيمته. حاربت وحشية وتخلف داعش على أساس نهج حرية المرأة وأظهرت ممارسة ناجحة. أصيبت خلال الحرب ضد مرتزقة داعش، وتوجهت إلى فرنسا لتلقي العلاج.
وعن نضال عمتها أفين كوي تقول هيلين كارا "إذا تحدثنا عن نضال الشهيدة أفين، فهي حقاً كانت حياة مليئة بالنضال والمقاومة والعمل الجاد. وبهذا خلقت لنفسها مكانة في قلب كل شخص، وفي قلوب الشعب الكردي وكل الإنسانية التي كانت تناضل من أجل الحرية والنضال. هذا الاستشهاد أصبح قضية وطنية للشعب الكردي، هذه المجزرة حدثت ضد قضية الشعب الكردي ونضال المرأة الحرة، اليوم موقف الشعب الكردي ضد هذه المجزرة قيم جداً. كعائلة يمكننا القول إن الشهيدة أفين عندما تتحدث عن ذكرى الشهداء تقول "الشهداء مصدر قوة نضالنا وكل شهيد يقربنا من الحرية أكثر". الآن، الشيء الضروري الذي يقع على عاتقنا هو أننا يجب أن نكون جديرين بهذه الكلمات، والسير على خطاها".
"كل محادثاتنا كانت تدور حول كيف يمكن للمرأة أن تنظم نفسها"
تعرفت أفين كوي من خلال فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان الذي يركز على حرية المرأة، على ذاتها، حيث تدربت على ثقافة بوطان، فقد كانت امرأة حرة، لم تكن تعرف ما هو التعب، لقد فهمت معنى الحرية جيداً. في الوقت نفسه، كانت رائدة في كفاح النساء. كان لها مساهمة كبيرة وعملت في تعزيز خط المرأة الحرة وخلق وعي المرأة وإرادتها. لقد قدمت مساهمة كبيرة في الجيش النسائي وأدت مهاماً بالغة الأهمية.
وأشارت هيلين كارا إلى أن أفين كوي كانت من قادة النضال من أجل الحرية "عندما انضمت أفين إلى النضال من أجل الحرية، كنت صغيرة جداً ولم أكن أعرف ما يعنيه ذلك، بعد أن كبرت أدركت أن لدينا فرد من العائلة شاركت في ثورة كردستان. لأول مرة، زارت المناضلة أفين المخيم في عام 1998 عندما جاءت من منطقة القيادة، التقيت بها وتعرفت عليها. لقد التقينا عدة مرات، وكانت جميع محادثاتنا حول كيف يمكن للمرأة أن تنظم نفسها، وما يمكن أن تفعله المرأة عندما تظهر قوتها، وكيف يمكن أن يكون لها إرادة، وقيادة المجتمع، وأن يكون لها موقف هادف. لطالما قالت إن المرأة يجب أن تعرف نفسها أولاً وقبل كل شيء، وأن يكون لديها الإرادة لتكون قادرة على حماية نفسها وكرامتها، لذلك عليها أن تثقف نفسها وأن تمتلك المعرفة. إذا كانت لديها أبحاثها الخاصة، ستكون بحاجة إلى بذل جهود من أجل حياة أكثر وضوحاً".
"أفين كوي كانت أحد رواد النضال من أجل الحرية"
وعن لقائها بعمتها أفين كوي تقول "التقينا عام 2017 في روج آفا. في ذلك الوقت، ولأن الثورة كانت قد حدثت للتو، كان هناك العديد من الوظائف والأنشطة في ذلك الوقت، وكان المجتمع ومؤسساته منظمين حديثاً، وقد تطلب الأمر بالفعل الكثير من العمل والجهد. لهذا السبب، احتلت المناضلة أفين كوي مكانة في مصدر الثورة، لانشغالها بعملها لم يكن لدينا الكثير من الفرص للمناقشة. ولكن عندما كنا نلتقي معاً، في الحقيقة كان لها تأثير كبير، خاصة طاقتها وقوتها وطريقة تفكيرها وحياتها. لم أنظر إليها على أنها عمتي، كنت أعتبرها رفيقة تعمل وتحارب من أجل نضال الناس والمجتمع، ونحن أبناء هذا النضال، ويجب علينا التفكير في ذلك بهذه الطريقة".
عملت بقلبها وعقلها ضد الاحتلال وكرست حياتها كلها من أجل الحرية. منذ اللحظة التي التحقت فيها بصفوف الحرية حتى نهاية حياتها، كانت تناضل دائماً. سارت على خطى ساكينة جانسيز والشهيدات في بوطان، لذلك ومثل كل شهداء حركة الحرية الكردستانية، سيبقى اسمها دائماً خالداً في صفحات التاريخ.
ذكّرت هيلين كارا أن أفين كوي كانت واحدة من قادة النضال من أجل الحرية "حياتها كانت عبارة عن نضال فقط، حتى أنها شاركت في ثورة روج آفا، وكانت أحد الأشخاص الذين قادوا الحرب ضد داعش، أصبحت شخصيتها القوية القادرة على محاربة كل أشكال التخلف والنضال وعدم التراجع هدفاً للعدو. نعلم أن العدو باستهدافهم لها اليوم، إنما استهدف خط المرأة الحرة واستهدف قيادات نضال النساء من أجل حرية كردستان بشخص المناضلة أفين كوي".
"نريد الكشف عن ملابسات الحادثة"
إلى جانب العلاج، بدأت أفين كوي العمل مرة أخرى في باريس وحاولت باستمرار توحيد الشعب الكردي. لكن في 23 كانون الأول/ديسمبر عام 2022، وخلال الاستعدادات للذكرى العاشرة لمجزرة باريس عام 2013، تعرض مركز أحمد كايا الثقافي الكردي لهجوم مسلح مرة أخرى في نفس المدينة. نتيجة للهجوم، فقد اثنان من المناضلين إلى جانب أفين كوي حياتهم.
أكدت هيلين كارا ابنة شقسق أفين كوي على ضرورة إكمال عمل المناضلة أفين كوي، "موقفنا كعائلة هو نفس موقف الشعب الكردي الذي يكافح منذ أيام، ويقاوم في مكان مختلف كل يوم. نريد أيضاً تسليط الضوء على هذا الحادث والكشف عن ملابساته وسنعمل وفقاً لذلك. يجب أن نهتم بالقضية وأن نكون قادرين على أن نكون جديرين بها".