عالمة الفلك فيرا روبين

قامت عالمة الفلك فيرا روبين باكتشافات جديدة في مجال العلوم، كما ناضلت ضد الذكور المتحيزين جنسياً. وباكتشافها للمادة المظلمة الذي كان حدثاً علمياً استثنائياً حققت الكثير من التطورات المهمة

مركز الأخبارـ .
كانت فكرة "هل الطريقة تحدث فرقاً؟ ولكن، هل العنصر أيضاً يحدث فرقاً كافياً بنفس الطريقة أم لا، هذا أيضاً سؤالٌ أخر" بداية رحلتها العلمية. في الوقت الذي كانت تعمل فيه على منحنيات دوران المجرات لاحظت أن هناك اختلافاً في زاوية المجرات. اكتشفت التناقض بين حركة الزاوية المتوقعة للمجرات والحركة المرصودة من خلال منحنيات الدوران المجري. أصبحت هذه الظاهرة معروفة باسم "مشكلة دوران المجرة" بعد أبحاث فيرا روبين. تم وصف ما قدمته من قبل صحيفة نيويورك تايمز بأنها "ساعدت الذاكرة الكونية في تغيير مقياس كوبرنيكان". حازت في عام 1993على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية. وإلى جانب هذه الأبحاث والأسماء تعد فيرا روبين أيضاً مناضلة قوية ضد التمييز الجنسي الاجتماعي.
ولدت رائدة دوران المجرات فيرا روبين في الثالث والعشرين من شهر تموز/يوليو عام 1928 في مدينة فيلادلفيا في مقاطعة بنسلفانيا الأمريكية. كان والداها مرتبطان بالعلوم ارتباطاً وثيقاً. هاجرت عائلتها قبل ولادتها من أوروبا الشرقية إلى أمريكا. في سن العاشرة قامت بأول تجربة لها وهي بناء تليسكوب من الورق المقوى. لم تكن تعي بعد أن العلوم كانت محصورة بأيدي الرجال.
درست علم الفلك في كلية فاسار عام 1948. بعدها أرادت التسجيل في برنامج الدراسات العليا في جامعة برينستون ولكنها لم تكن تعرف أن هذا القسم لا يقبل النساء بين طلاب الدراسات العليا في علم الفلك. لذا تابعت دراسة الماجستير وأصبحت طالبة دراسات عليا في جامعة كورنيل وحصلت على الدكتوراه من جامعة جورج تاون تحت إشراف مستشارها البروفسور الدكتور جورج جامبو. أطروحة الدكتوراه الخاصة بها كانت تدور حول فكرة "أن المجرات تتجمع معاً بدلاً من الاعتقاد الشائع بأنها تتوزع بشكل عشوائي في الفضاء" وأرادت إثبات نظريتها تلك. بعد عشرين عاماً تم قبول نظرية فيرا روبين. 
بعد حصولها على الدكتوراه انضمت إلى فريق قسم المغناطيسية الأرضية في معهد كارنيجي. لكن لم يكن يُسمح للنساء بالانضمام إلى هذا القسم، حتى أنه لا يسمح للنساء بالدخول والمرور عبر مكان العمل. وعلى الرغم من أن هذه المفارقات الجنسية كانت تزعجها وتسبب لها المضايقات إلا أن حبها للعلم كان فوق كل شيء ولم تستسلم أبداً. وبسبب هذه الأساليب المتبعة ضد المرأة، كانت تتابع نضالها ضد النظام الأبوي أينما ذهبت. 
 
"انظروا يوجد مرحاض نسائي الآن"
فيرا روبين أول امرأة عملت في مرصد بالومار في كاليفورنيا عام 1964.كانت المرة الأولى التي تستخدم فيها امرأة التلسكوب ذو 82 إنش. ولكن مشكلة الفكر الذكوري الأبوي كانت قائمة ومستمرة في المرصد أيضاً. وكمثال على ذلك لم يكن هناك مرحاض أو مرافق خاصة بالنساء في مبنى المرصد. لذا ابتكرت فيرا روبين مرحاضها الخاص وعلقت ورقة ملونة على شكل تنورة نسائية مكان اللافتة الموجودة على باب مرحاض الرجال وكتبت عليها "انظروا يوجد مرحاض للنساء الآن". لكن المشكلة لم تكمن في عدم وجود مرافق خاصة بالنساء فقط، حصلت فيرا روبين على فرصة للقاء عالم الفيزياء الفلكي الشهير جورج جامبو. لكنها لم تكن تستطيع الذهاب إلى مكاتب الطوابق العليا للقائه والاجتماع به. لذا كانت تضطر إلى الاجتماع به في ساحات بهو المرصد.
 
وجود العنصر المظلم غير المنظور السائد عن الكون
قدمت فيرا روبين اكتشافات جديدة في مجال العلوم من جهة وحاربت الذكور المتحيزين جنسياً من جهة أخرى. فقد حققت العديد من التطورات المهمة باكتشافها للمادة المظلمة الذي كان حدثاً علمياً استثنائياً. فمن المعروف أن الكون يتمدد ولكن لم يكن سبب تمدده معروفاً. لقد فتح العنصر المظلم الطريق أمام أشياء كثيرة لم تكن معروفة في العلم. وفي مجال الفيزياء الفلكية كانت فيرا روبين المرأة التي ناضلت من أجل المساواة بين المرأة والرجل. وقد أحدث وجودها تغييراً في هذا المجال. فبالإضافة إلى إثبات وجود العنصر المظلم أثبتت أيضاً قدرة النساء على التواجد في مجال علم الفلك.
كان اكتشاف العنصر المظلم إنجازاً كبيراً في علم الفلك في القرن العشرين. وصفت عالمة الفلك إيملي ليفيسك هذا الاكتشاف في مجلة علم الفلك قائلة "إن وجود المادة المظلمة قد غير تماماً مفاهيمنا عن الكون".
كان إثبات وجود المادة المظلمة المعتمة نتيجة لجهود ودراسات دامت لسنوات على المجرات البعيدة. تتبعت فيرا روبين وزميلتها مشكلة منحنيات دوران المجرات. وكشفت عن التناقض بين حركة الزاوية المتوقعة للمجرات بناءً على الضوء المرئي والحركة المرصودة. وأظهرت حسابات فيرا روبين أن المجرات يجب أن تحتوي على كمية كبيرة من الكتلة غير المرئية، وأصبحت نتائجها أول نتائج مقنعة تثبت نظرية المادة المظلمة. كان اكتشاف المادة المظلمة هو الإجابة على السؤال الذي يقول "لماذا يتمدد الكون"؛ لأن المادة المظلمة "كانت الكتلة المفقودة للكون".  
توفيت في السادس والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2016 عن عمر يناهز 88 عاماً. تقول فيرا روبين التي احتلت من خلال اكتشافاتها مكانتها في كل من مجالي البحث عن المجرات وحقوق المرأة "كنا نرى عالماً جديداً، واجهنا ألغازاً وصعوبات لم نتخيلها أبداً. لم تُكتشف أسرار الكون بعد. هذه الأسرار تنتظر علماء مجتهدين".