زينب ساروخان... رمز النضال والتضحية

صقلت زينب ساروخان شخصيتها لتكون امرأة مدافعة عن قضية شعبها ووطنها، واتخذت طريق العمل الحزبي للسعي وراء حرية المرأة وإيصال قضيتها إلى الرأي العام.

دلال رمضان

الحسكة ـ تعرفت زينب ساروخان منذ نعومة أظفارها إلى حركة التحرر الكردية، وبحثت عن الحرية من أجل بناء مجتمع يسوده الديمقراطية والمساواة وتبنت قضية شعبها والمرأة بشكل خاص حتى وصلت إلى مرحلة الشهادة.

ولدت زينب ساروخان في مدينة الحسكة بشمال وشرق سوريا عام 1981، ودرست وتخرجت من معهد العلوم، ومن ثم عملت كمدرسة باختصاصها في مدارس مدينة الحسكة قبل بدء الأزمة السورية عام 2011، لديها ثمانية أخوات وأربع أخوة، كبرت وترعرعت في عائلة وطنية، فكان منزل والدها مكاناً لالتقاء الوطنين.

بدأت العمل في حزب الاتحاد الديمقراطي مع انطلاق ثورة روج أفا، وفي المؤتمر السادس للحزب انضمت إلى المجلس العام له، وفي الدورة السابعة لمؤتمر الحزب أصبحت رئيسة مشتركة لمكتب العلاقات، ومن ثم انتخبت في هيئة المرأة في إقليم الجزيرة لمدة عامين بالإضافة إلى عملها في حزب الاتحاد الديمقراطي ومكتب المرأة فيه، ومن ثم انتخبت رئيسة مشتركة لمكتب العدل والإصلاح للإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة لمدة ثلاث أشهر حتى تاريخ استشهادها، كما أنها ساهمت في تأسيس داراً للأيتام في مدينة الحسكة ومركز حماية للمرأة.

استهدفت زينب ساروخان في الـ 27 أيلول/سبتمبر عام 2022، أثناء جولتها الاعتيادية على مراكز الإصلاح والتأهيل مع زميلها يلماز شيرو، على الطريق الواصل بين ديريك وكركي لكي بشمال وشرق سوريا بطائرة تركية مسيرة.

ومنذ اندلاع الثورة في مناطق شمال وشرق سوريا استهدفت العديد من النساء القياديات والإداريات بدءاً من هفرين خلف وشهيدات مجزرة حلنج عام 2020، وزينب ساروخان وغيرها الكثيرات، فالاحتلال التركي إلى يومنا هذا وبين الحين والآخر يستهدف النساء ذوات التأثير والفكر الحر في المنطقة، فالنساء في شمال وشرق سوريا من أبرز المشاركات في بناء الإدارة الذاتية، ولديهن باع طويل في العمل السياسي والمجالات القضائية والدبلوماسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية.

وحول مسيرة الشهيدة زينب ساروخان تقول والدتها حليمة حسين البالغة من العمر 80 عاماً من مدينة الحسكة بأن زينب ساروخان تعرفت على حركة التحرر الكردية منذ صغرها "نحن من عائلة وطنية تعرفت على حركة التحرر الكردية منذ بدايتها، فكان منزلنا مكاناً للاجتماعات وللزيارات، فزينب منذ أن كانت طفلة كانت تحب الانخراط في العمل الجمهوري وحضور الاجتماعات والتعرف على الحركة والانضمام إلى فعالياتها، لقد كنت أخاف عليها كثيراً فكنت دائماً أقول لها بأنكِ صغيرة ويجب عليكِ الانتهاء من الدراسة ومن ثم العمل في هذا المجال لكنها كانت ترفض"، مشيرةً إلى أنه "مع بدء الأزمة السورية وثورة 19 تموز/يوليو في مناطق شمال وشرق سوريا بدأت الانخراط في العمل في حزب الاتحاد الديمقراطي".

وأضافت "لقد كانت تعشق عملها حيث كانت تنجزه بكل حب واجتهاد، وتقضي معظم أوقاتها في العمل، تجولت في مختلف مناطق سوريا وكانت رمزاً للنضال والعطاء والمقاومة".

وبنبرة حزينة قالت "نبأ استشهادها لا يزال يتردد على مسمعي، فإلى هذه اللحظة لم أصدقه، لقد كنت أنتظر عودتها إلى المنزل بفارغ الصبر، لكنها لم تعد، خيالها لا يفارقني، جميع التفاصيل في المنزل تذكرني بها، لكني لا أستطيع فعل أي شيء، فهي اختارت طريق الشهادة الذي يعتبر أعظم طريق للنصر".

وتساءلت "هذه أرضنا وأرض أجدادنا ونعيش فيها، فلماذا تحاربنا تركيا فيها بكافة الطرق الوحشية والأسلحة المتطورة والمحرمة دولياً بموافقة الدول العالمية والضامنة في المنطقة؟"، مؤكدة "نحن كأمهات الشهداء نريد محاسبة قتلة أولادنا ومنهم أردوغان الذي ارتكب مئات الجرائم بحقنا في محاكم دولية، ولن نترك أرضنا وسوف ندافع عنها".