زينب الغنيمي... رحلة عطاء لا تنتهي للنهوض بالمجتمع الفلسطيني

طوال السنوات السابقة لم تتوانى زينب الغنيمي عن خدمة المجتمع الفلسطيني للارتقاء به، وتقديم الدعم للنساء على وجه التحديد للتحسين من واقعهن المعاش

رفيف اسليم
غزة ـ ومواجهة الظلم الواقع عليهن عبر تقديم الخدمات والاستشارات القانونية للمتوافدات إليها من كافة محافظات القطاع، وذلك عن طريق إنشاء مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة برفقة مجموعة من الزملاء الحقوقيين وناشطات نسويات.
لكن ما ورد في السطور السابقة ليس القصة الكاملة لزينب الغنيمي من العمل السياسي والنضالي والمجتمعي, والتي حاولت وكالتنا تسليط الضوء عليها.
زينب الغنيمي مستشارة وباحثة قانونية عملت في وزارة العمل الفلسطينية كمدير عام التشغيل كما عملت في مجال العلاقات الدولية وعضو في المجلس الإداري بالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، لتلتحق بالانتخابات التشريعية الفلسطينية خلال عام (2006) ضمن قائمة مستقلة ثم تنهي جهودها في العمل الحكومي بتأسيس مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة.
تصف زينب الغنيمي رحلة كفاحها بالمتواضعة بعدما أشارت إلى أنها قامت بصياغة بعض القوانين بالدستور الفلسطيني وعدلت الكثير منها كقانون العمل الفلسطيني الذي تم تعديله في عام (2000)، لافتةً إلى أنها صاغت قانون الانتخابات الذي يقر بوجود ما نسبته 25% للمرأة الفلسطينية حسب نظام الكوتا ولولاه لما تمكنت النساء من الترشح والانتخاب حتى اليوم بسبب رفض المجتمع الفلسطيني بأن تمثله امرأة ففرضت تواجدها ضمن القوائم المرشحة. 
ولم تكتفي بما سبق فصاغت زينب الغنيمي قانون الطفل الفلسطيني وقانون الضمان الاجتماعي الذي تم تجميده بعد صدوره، وعدلت في قانون الإجراءات الجزائية، كما عملت على إصدار قانون رفع سن الزواج خلال عام (2009) ورفع سن الحضانة للأم الأرملة الذي لم يطبق سوى في قطاع غزة وبقي مجمد بالضفة الغربية، معدلة جزء من قانون العقوبات الخاص بقتل النساء على خلفية الشرف وملغية المادة (18) منه.
ودققت زينب الغنيمي مسودة قانون العقوبات الفلسطينية التي اكتملت عام (2011) من منظور النوع الاجتماعي، إضافة للمشاركة بالعديد من الندوات القانونية والحملات الخاصة بكافة القوانين والمتابعة مع ديوان القضاء الأعلى في فلسطين لسن قانون الخلع الخاص بالنساء بشكل رسمي ورفع سن الحضانة لغير الأرامل، لافتة أن هناك الكثير من القوانين والقضايا العالقة التي يستمر العمل لإنجازها حتى اليوم.
بدأت رحلة زينب الغنيمي حسبما حدثتنا منذ الطفولة فنشأتها في أسرة فلسطينية جميعها نساء بين أخواتها السبعة وعمتها ذات الشخصية القوية المستقلة, وتعليم والداها لها كيف تنال حقوقها ممن حولها آثر على  شخصيتها وجعلها ترغب في مساعدة كافة النساء لفعل الشيء ذاته فاتجهت لدراسة القانون في دولة مصر العربية وتولت قيادة اتحادات شؤن الطلبة لقيادة العمل السياسي الطلابي كعضو هيئة إدارية.
وتذكر زينب الغنيمي أنها كانت على خطوط التماس مع "الاحتلال الإسرائيلي" طوال فترة دراستها للثانوية بمدرسة الزهراء فخاضت المظاهرات المنددة بأفعاله الهمجية لتعتقل في أول مرة وهي لا تبلغ من العمر سوى (15) عام برفقة عدد من النساء اللواتي خضن تنفيذ عملية عسكرية وتحال لمحكمة عسكرية، مشيرة أنها حتى عندما ذهبت للدراسة بالجامعة في مصر بقي الاحتلال مترصدها ليصدر قرار (1977) بإبعادها قسريا عن قطاع غزة.
فيما لم تكن تلك الأحداث عائق في حياة زينب الغنيمي لتنتقل من مصر إلى لبنان بسبب صدور قرار آخر باعتقالها هناك وتبدأ في لبنان حسبما أفادت لنا حياة جديدة من خلال العمل في مجال الصحافة مستغلة خبرتها بالقانون والعلاقات التي قامت بتشبيكها مع منظمة التحرير الفلسطينية وجهات أخرى، مشيرةً أنها خلال تلك الفترة قامت بحضور العديد من المؤتمرات العلمية في الكثير من الدول العربية والأجنبية منها مؤتمر العمل والمرأة الدولي.
اندمجت زينب الغنيمي في العمل السياسي الوطني خلال فترة تأسيس السلطة الفلسطينية خاصة أن الدور القيادي في ذلك الوقت لم يكن حكراً على الرجال فسعت للعمل ضمن كوادرها وقدمت لها الكثير إلى أن تم اختيارها في عام (2012) كوزيرة في حكومة الوفاق الوطني لكنها رفضت مطالبة بإعطاء الطاقات الشابة الفرصة كي يقودوا مجتمعاتهن ويستطيعوا العطاء كما فعلت هي بالسنوات السابقة.
وترى زينب الغنيمي أن القيود المفروضة على النساء في المجتمع الفلسطيني هي محاولات غير سوية لتخفيف من الحالات الخارجة التي ظهرت كالعنف أو التحرش فتم اختيار الطريقة الأسهل على حساب النساء كمنع الحرية في الاختيار وتقييد الحركة وفرض ثقافة الفصل بين الجنسين في الوقت الذي يعايش به الجيل الجديد الانفتاح على العالم الخارجي من خلال الانترنت بكل عناصره الايجابية والسلبية.
وترجع بنا زينب الغنيمي لمركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة لتوضح أن المركز يقدم عدة خدمات للنساء وهي الدعم القانوني والتمثيل القانوني المجاني أمام المحاكم ومتابعة تنفيذ القرارات التي يتم الحصول عليها من قبل المحكمة الشرعية, والدعم النفسي والوساطة الاجتماعية لحل المشكلات ومشاهدة الأطفال في مقر المركز أو فروعه التي تمت افتتاحها مؤخرا لتسهيل الوصول للنساء.
وقالت زينب الغنيمي في ختام حديثها أنها ساهمت بتأسيس أول مركز مختص باستضافة النساء المعنفات في عام (2011) المسمى ببيت الأمان قبل أن تسمح لها الحكومة في قطاع غزة بافتتاح مركز حياة التابع لمركزها، مشيرة أنها خلال السنوات السابقة استقبلت عدد كبير جداً من النساء كما سعت من خلال التشبيك مع المؤسسات النسوية بالعمل على تخفيف حدة العنف الممارس ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني.