زيادة الضغوط على النساء ومهاجمة الحق في الإجهاض
بدأت المؤسسات الحكومية والأمنية في إيران عام 2024 بزيادة الضغوط على النساء، وهذه المرة تشير الدلائل إلى الاعتداء على الحق في الإجهاض.
كلارا جيلاني
كرماشان ـ كتبت "سيمون دي بوفوار" في مقال لها منذ سنوات "تجري مليون امرأة عملية إجهاض في فرنسا كل عام وتعرضن أنفسهن سراً لمواقف خطرة، في حين يعتبر هذا الفعل عملاً بسيطاً جداً في إطار العلوم الطبية. هؤلاء النساء يفعلن ذلك بصمت، لكني أعلن أنني واحدة من هؤلاء النساء، لقد أجهضت جنيني. نريد الحرية في إجراء عملية الإجهاض، تماماً كما نريد حرية الوصول إلى وسائل منع الحمل".
نشر مقال الكاتبة والفيلسوفة الفرنسية في 5 نيسان/أبريل 1971، في مجلة "نوفيل أوبسيرفاتوري" وبقي في أذهان الناس تحت اسم البيان 343، والآن بعد مرور أكثر من نصف قرن على نشر هذا المقال، ما زالت النساء هنا، في إيران، محرومات من هذا الحق الأساسي ويحاكمن على ارتكابه.
وطلب رئيس مجمع الباسيج الطبي في كرماشان من جميع الهيئات الإدارية في المحافظة الحضور للعمل على معالجة مسألة الإجهاض.
ورغم أن خطاب الحكم في إيران لم يصر على أي من جوانبه بقدر ما يصر على كراهية النساء المستمرة، إلا أنه في السنوات القليلة الماضية، خاصة بعد ثورة Jin Jiyan Azadî أضافت السلطات أبعاداً جديدة إلى خطابها الذي لا نهاية له.
إن المرأة التي ليس لها مكان في النظام الاقتصادي بإيران، ولا مكان لها في بنيتها السياسية، وليس لها أي حقوق في نظامها القضائي، محرومة الآن من أبسط الحقوق الأساسية والطبيعية لكل إنسان، وهو الحق أن يمتلكن أجسادهن، ليظهرن مرة أخرى أن النساء في خطاب السلطة لا ينبغي أن يكن سوى آلة تربية.
وقالت النسوية الإنكليزية سيلويا بانكهرست "يجب أن نحرر نصف المجتمع، حتى يتمكن من المساعدة في تحرير النصف الآخر". وهذه هي الممارسة التي تبنتها السلطات الإيرانية لكن بمفهوم معاكس من خلال انتهاك حق المرأة في امتلاك جسدها، ويحاول النظام الحاكم السيطرة على المجتمع بأكمله من خلال استغلال نصف المجتمع قدر الإمكان.
إن السياسات السكانية للسلطات التي تم الإعلان عنها من خلال منصات مختلفة ومن قبل أشخاص مختلفين، وخاصة القيادة الإيرانية، خلال السنوات الماضية، واجهت إخفاقات عميقة، والآن يحاول رئيس جمعية الباسيج الطبية في كرماشان تطبيق هذه السياسات.
إن سياسات القوة تظهر دائماً أن السلطة تبني نفسها وتستمر من خلال السيطرة على أجساد النساء اللواتي لم يكن لديهن أي حقوق في اختيار نوع الملابس، والطلاق، والحضانة، والمهر، والميراث، والشهادة في المحكمة، ومغادرة البلاد وعشرات القضايا الأخرى، الآن لم يعد لهن أي حقوق وسلطة حتى على أجسادهن.
وفق تقرير الأمم المتحدة الإجهاض غير الآمن هو السبب الرئيسي لوفيات الأمهات في جميع أنحاء العالم، ومن الواضح أنه في إيران، على الرغم من هذه القوانين المناهضة للنسوية، فإن الأمهات اللاتي ليس لديهن القدرة الاقتصادية على الإنجاب وحتى اللواتي تحملن رغماً عنهن أو تتعرضن للاغتصاب تتجهن للإجهاض رغم المخاطر، وبطبيعة الحال فإن وجود مثل هذا القانون يشكل تهديداً كبيراً للصحة الجنسية والخصوبة لدى المرأة.