زواج القاصرات كابوس يلاحق النساء والفتيات

يهدد زواج القاصرات حياة ومستقبل الفتيات والنساء، ويسلبهن قدرتهن على اتخاذ القرارات ويحرمهن من حقهن في التعليم وتصبحن أكثر عرضة للعنف والتمييز وسوء المعاملة.

روشيل جونيور

السويداء ـ عانت آية قطيني من مدينة السويداء السورية بسبب زواجها المبكر الذي حرمها من حقوقها كطفلة، كما أن إصابتها بمرض عضال وانفصالها عن زوجها وتحمل مسؤولية طفلها ضاعف من معاناتها في مدينة تفتقر للكثير من الخدمات للمرضى والأرامل والمطلقات.

بينما يُعتبر العنف الجنسي ضد المرأة وما تعانيه من انعدام في الأمن الغذائي وصعوبة الحصول على الخدمات الصحية الكافية من الظواهر الخطيرة المنتشرة بين النساء وخاصة منذ بداية الأزمة التي تعانيها سوريا منذ أكثر من 13 عاماً، إلا أن ظاهرة زواج القاصرات مشكلة أخرى مثيرة للقلق تؤرق المجتمع، لا سيما وأن المعاهدات والقوانين الإنسانية الدولية تتناول زواج الأطفال بوصفه شكلاً من أشكال العنف القائم على نوع الجنس، وانتهاكاً لحقوق الإنسان.

وقد احتلت ظاهرة زواج القاصرات في مدينة السويداء السورية حيزاً من الاهتمام، خاصة بعد ارتفاع نسب الزواج في الآونة الأخيرة بسبب سوء الأوضاع المعيشية، حيث قالت إحدى ضحايا الزواج المبكر وهي آية قطيني من قرية ريمة حازم، إنها تزوجت في سن مبكر حيث أن عمرها لم يكن يتجاوز الأربعة عشر عام، وأنجبت طلفها الأول بعد عام من زواجها، مؤكدةً أنها لم تعش طفولتها كباقي بنات جيلها وحتى فترة شبابها لم تستمتع بها بسبب إصابتها بالسرطان.

وأكدت أن زواجها المبكر أثر بشكل كبير على صحتها النفسية، وإصابتها بمرض السرطان لم يكن سببه الزواج إلا أنه فاقم من معاناتها، حيث أنها حملت على عاتقها مسؤولية عائلتها من تربية وتنظيف وطهي وغيرها في سن مبكر وهي لم تكن قادرة على تحمل ذلك بسبب مرضها، في الوقت الذي كان يجب أن تعيش طفولتها.

وأضافت أنها كانت تحلم بأشياء كثيرة لكن الواقع حال دون تحقيقها، حيث أنها بعد ستة أشهر من ولادة طفلها أصيبت بسرطان البلعوم الأنفي، وبدأت أعراضه تظهر عليها بشكل واضح بعد فترة الولادة، وأصبحت تعاني بشكل مضاعف، ولم تعد لديها القدرة على تربية ابنها لذلك اضطرت لإرساله إلى أهلها ليتحملوا مسؤوليته، وبعد أن اشتد المرض عليها وقعت خلافات كثيرة بينها وبين زوجها ما أدى لانفصالها عنه وعودتها إلى أهلها.

وأكدت آية قطيني أن زواجها بسن مبكر ناجم عم عدم وعي، بعد أن رأت بنات جيلها تزوجن في سن مبكر ما دفعها هي الأخرى للقبول بأول شخص يتقدم لها، كما أن انتشار ظاهره الزواج المبكر أحد أسباب إقبال الفتيات على هذا النوع من الزيجات، إلى جانب الوعود التي يقدمها الزوج المتمثلة بحياة يعمها الاستقرار والأمان وأن يكون لها السند الذي تحلم فيه، لافتةً إلى أن كل ذلك مجرد إغراءات لتقع ضحية لهذا الزواج، فمنذ العام الأول كثرت الخلافات بينهما ووقع الانفصال لتعود إلى أهلها ليتحملوا مسؤوليتها وابنها إلى جانب تلقيها المساعدة من مركز نور الخيري كون علاجها باهظ الثمن ولا تقوى على تحمل تكاليفه خاصة أن زوجها السابق لم يعد يتحمل مسؤولية طفلها.

وأضافت أنها منذ شهرين خضعت لعملية استئصال الفك وكانت جميع الأدوية على حساب الجمعية حتى الأنبوب الأنفي وكافة التحاليل، مؤكدةً أنه لولا الخدمات التي قدمتها الجمعية لتدهورت حالتها الصحية.