ظاهرة تعنيف الأطفال في المدارس تثير الجدل في العراق
ماهي إلا أسابيع قليلة مرت على الدوام الحضوري في المدارس العراقية بحسب قرار وزارة التربية حتى تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى أدوات رصد ونشر لحالات تعنيف الطلبة في المدارس الابتدائية والمتوسطة
غفران الراضي
بغداد ـ بالإضافة إلى الشكاوى بسوء المعاملة وخاصة في المدارس الحكومية.
تقول (ب.م) وهي والدة أحد الأطفال في الدراسة الابتدائية أن طفلها أصبح كارهاً الذهاب للمدرسة بسبب التوبيخ المستمر وسوء التعامل والعقاب "ذهبت إلى معلمة ابني للوقوف على سبب هذا التعامل السيئ معه وفوجئت بأن المعلمة تقول إن ما تفعله لتأديبه".
من جانب آخر تجد أن وزارة التربية مقصرة بشأن البنى التحتية للمدارس وقلة الأبنية التي جعلت الصف الواحد يحوي أكثر من ٤٠ طالب مما يؤثر على تعليمهم والتعامل معهم.
بينما تعتقد (ح.خ) التي كانت قد رفعت شكوى ضد معلمة ابنتها في وزارة التربية بسبب تعرضها للضرب المبرح المسبب للكدمات الظاهرة على وجه الطفلة التي تبلغ من العمر ١٠ سنوات، أن التعليم قد انحدر وعانى فشل حقيقي خلال الأعوام الأخيرة، وتضيف "تعنيف طفلة بعمر العشر سنوات بسبب واجب مدرسي يعتبر جريمة ولا يمثل أساس التربية والتعليم والمعلم الذي يلجأ للتعنيف هو معلم فاشل".
وتعتبر تجاوب وزارة التربية مع أسر الطلبة المعنفين ومراقبة الكادر التدريسي ليس كافياً إذا لم تضع حلاً لمشكلة ارتفاع عدد الطلبة بالنسبة للمدارس وفتح باب التعيين للكوادر التدريسية الكفؤة واختبار نفسي تقوم به الوزارة لمعرفة مدى تحمل وانضباط المدرس قبل التعيين لتفادي وقوع أحداث تعنيف مماثلة في المستقبل.
وفي تصريح للمتحدث باسم وزارة التربية حيدر فارق أشار إلى أن الوزارة تتعامل بجدية مع كل حالات التعنيف وتراقب المسيء وتصدر عقوبة تناسب الفعل مؤكداً في الوقت ذاته على أهمية عدم تعميم ما يحصل من تصرفات فردية معدودة على سمعة ومكانة التربوي العراقي.
أما بخصوص البنى التحية للمدارس وقلة عدد الأبنية يؤكد أن المخصصات لوزارة التربية لا تكفي لطباعة الكتب إلا بنسبة ٥٠ بالمئة، وموضوع ترميم وبناء المدارس مرتبط بمجلس النواب ومجلس الوزراء وهناك تلكؤ في توقيع عقود البناء والاتفاق مع الشركات المحلية والعالمية.
ومن جانب آخر تعتقد هدى طارق التي تعمل مدرسة في مجموعة مدارس ريادة أن "تعنيف الطلبة ظاهرة خطيرة من شأنها إعاقة مسار التعليم في العراق ووضع عقبة أمام التعليم، التعنيف بحد ذاته خطر جداً عندما يأخذ موقعه داخل الهيئات التدريسية ويعرقل محاولة النمو والدفع بعجلة التعليم في العراق".
بينما تعتقد أن أفضل أسلوب متبع مع الطلبة الغير ملتزمين هو التشجيع ويبدأ الثواب قبل العقاب "التحفيز يتم عن طريق مكافئة الطالب المجتهد ليكون قدوة للطالب الغير ملتزم فيسعى للوصول إلى مرتبته من جهة والمحافظة على التزام الطالب المجتهد من جهة أخرى".
بينما هناك أساليب أخرى تعتمدها هدى طارق تتعلق بأسلوب عقاب لا يخدش الطالب وكرامته أمام زملائه "الطالب المشاكس أو الغير ملتزم قد استبعده من مكافئة أو هدية أو من رحلة مدرسية أو حتى استبعاده من نشاط اللعب والمرح".
وفي الحالات الصعبة من استمرار الإهمال والسلوك السيئ تلجأ هدى طارق إلى مخاطبة الأهل وفتح مجال التعاون بين الأهل والمعلمين لتحسين واقع الطالب على المستوى السلوكي والمعرفي. مؤكدةً أن هناك حالات تتوجب معرفة حقيقة ما يعشيه الطالب من تفاصيل حياة تجعله يتعامل بإهمال مع واجباته المدرسية أو سوء سلوك ومحاولة تصحيحه، وفي الحالات الأكثر تعقيداً يتم تكوين لجنة مشتركة من الأهل والكادر التدريسي لمحاولة إيجاد حل لمشكلة الطالب.
حيث تجد ندى طارق أن للأهل دور كبير في تغيير سلوكيات الطالب وأن يعترف الأهل بمشكلة ابنهم للعمل على حلها بأفضل الطرق المتاحة.
وفي الختام تجد هدى طارق أن كل هذه الخطوات المتبعة في آلية التعامل مع الطلبة وحل مشكلاتهم ليست سهلة، بل صعبة تحتاج لجهد وإيمان بمهنة التربية والتعليم "دورنا هو التربية قبل التعليم ولا ننسى بأننا مسؤولين عن بناء جيل كامل".