ظاهرة الهجرة وتأثيرها على شعب أفغانستان
في أوقات وظروف مختلفة، أُجبر الشعب الأفغاني على الهجرة، وهذه الظاهرة أثرت عليهم بشكل كبير، والآن يوجد عدد كبير من اللاجئين الأفغان في مخيمات في بلدان أخرى.
بهاران لهیب
كابول ـ مع اندلاع الحرب وتصاعد العنف في أفغانستان، ارتفعت مستويات الهجرة بشكل غير مسبوق، وأظهرت إحصائيات من المنظمات الدولية للاجئين، كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن أكبر نسبة من اللاجئين في العالم هم من أفغانستان.
تعددت العوامل التي دفعت الشعب الأفغاني إلى الفرار من البلاد لإنقاذ أرواحهم، منها الحرب والقصف من قبل قوتين عالميتين (سوفياتية وأمريكية)، والقمع السياسي واعتقال أعداد كبيرة من المعارضين السياسيين من قبل الأنظمة الاستبدادية، ممارسة الإبادة الجماعية بسبب العرق والدين، الفقر، البطالة، ونقص في المرافق الاجتماعية خاصة المدارس والجامعات.
ومع اندلاع ثورة 1978، أُجبر الشعب الأفغاني على مغادرة البلاد ولجأوا أولاً إلى إيران وباكستان، بينما لجأ البعض الآخر إلى الدول الغربية، حتى سكان القرية الواحدة أجبروا على الفرار من البلاد بشكل جماعي نتيجة تعرض قريتهم للقصف.
ويشار إلى أنه في السنوات الأولى للانقلاب غادر عدد كبير من المثقفين والمعارضين الأفغان بلادهم.
وبعد النجاح في إخراج السوفييت من أفغانستان، دارت الحرب الأهلية بين عامي (1989 ـ 1992)، التي كان سببها هو تأزم الوضع بين الفصائل الأفغانية المختلفة التي حاربت ضد السوفييت، وتدفق مهاجرون من المدن الكبرى، وخاصة العاصمة الأفغانية كابول، إلى باكستان وإيران.
وبعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان عام 1996، اندلعت الحرب في شمال أفغانستان. ونفذت حركة طالبان عدة مجازر في هذه المناطق، مما أجبر الأهالي على الفرار من منازلهم. ولأن غالبية السكان كانوا من الطاجيك والهزارة، أضرمت طالبان النار في منازلهم وحقولهم.
بعد سيطرة أمريكا على أفغانستان، وإخراج طالبان منها، عملت على إعادة الشعب الأفغاني إلى بلده، لكن ما يمكن ملاحظته اليوم بعد عشرين عاماً، أن نسبة الهجرة لم تنخفض. وفي عام 2014 خفضت الولايات المتحدة عدد قواتها في أفغانستان وبدأت ما يسمى محادثات السلام مع طالبان، لكن الوضع الأمني كان يتدهور يوماً بعد يوم.
وفي آب/أغسطس 2021، سيطرت طالبان مرة أخرى على أفغانستان، وبدأت موجة أخرى من اللجوء للأفغان عبر مطار كابول، خلال الفترة الممتدة من 15آب/أغسطس إلى 1 أيلول/سبتمبر، تم إجلاء عدد كبير من الأشخاص.
إلى جانب ذلك يجب علينا أن نلاحظ أنه في الكثير من الحالات كان السبب والدافع وراء هجرة العائلات الأفغانية هي الهروب من ضغط المجتمع الرجعي، فإبان حكم الجماعات الجهادية التي تزامنت مع الحرب الأهلية، نزح عدد لا يحصى من العائلات من أفغانستان إلى باكستان وإيران خوفاً من اغتصاب النساء والفتيات من قبل تلك الجماعات.
في الأيام الأولى لنظام طالبان، بسبب عدم السماح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة، أُجبر الآباء على الذهاب إلى باكستان لتعليم بناتهم. حتى الآن، يتطلع معظم الآباء إلى مغادرة البلاد، وأحد الأسباب هو الافتقار إلى المدارس والمرافق التعليمية للفتيات فوق الصف السادس.