يعيش الأشوريون في تل تمر خوف تكرار المجازر

تحدثت مريم يعقو عن مخاطر اعتداءات الدولة التركية على الآشوريين في مدينة تل تمر بشمال وشرق سوريا، وبينت أن الآشوريين الذين نجوا من مجازر سيفو وسيميل في أعوام (1915-1917) وفروا إلى سوريا ما زالوا يواجهون خطر تكرار المجازر.

سوركل شيخو 
الحسكة -
أثناء الحرب العالمية الأولى، قتل العثمانيون وبشكل ممنهج أكثر من مليون ونصف أرمني بالتحالف مع ألمانيا والنمسا. يقول أكثر من 126 عالماً وباحثاً أن الإبادة الجماعية للأرمن خلال الحرب العالمية الأولى هي حقيقة تاريخية ولا يمكن إنكارها. لقد استطاع المسيحيون الذين تعرضوا للمجازر وسياسات الإبادة الجماعية قبل عام 1913 أن يحافظوا على ثقافتهم وتاريخهم وحضارتهم من الضياع وإيصالها إلى يومنا هذا. فقد استقر الأرمن والآشوريون والسريان الذين نجوا بأرواحهم من مذبحة سيفو في سيميل الواقعة بين العراق وإيران ولكن بعد عدة سنوات، وفي عام 1933 تعرضوا لمذبحة أخرى، مما أدى إلى مقتل مليون شخص. أولئك الذين تمكنوا من النجاة من المجزرة فروا وعبروا الحدود إلى الأراضي السورية واستقروا على ضفاف نهر الخابور. لقد قاموا مع عدة عشائر كردية ببناء وإنشاء 33 قرية وهم يعيشون فيها.
بعد اندلاع الصراع السوري في عام 2011، بدأت أعداد كبيرة من الآشوريين الذين يعيشون في منطقة تل تمر بمقاطعة الحسكة الموجة الأولى من الهجرة. لكن الألم الأكبر والذي لا يمكن أن يُنسى كان هجمات عصابات داعش على منطقة تل تمر في 23 شباط/فبراير عام 2015. فقد كان لهجوم داعش تأثير أكبر على الشعب الآشوري منه على الشعب الكردي والعربي، حيث تم اختطاف أكثر من 200 آشوري من أطفال ونساء ورجال وكبار السن من منازلهم في ذلك الصباح. ومع هذا الهجوم بدأت الموجة الثانية من الهجرة وهذه المرة زادت أعداد المهاجرين بشكل كبير جداً.
أصبحت الشوارع المليئة بالحياة والأحياء، فارغة يوماً بعد يوم، وأصبحت كشبه جزيرة مهجورة أو صحراء قاحلة. لقد شهد الأشوريون من أهالي قرى تل تمر أكبر كارثة. فرحلة الألم والهجرة والاختطاف والمجازر لم تتوقف هنا، ففي التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 شنت الدولة التركية المحتلة هجماتها على المناطق الشمالية والشرقية من سوريا ليواجه الأشوريون خوف تكرار المجازر مرة أخرى. وحول هذا الموضوع حدثتنا ماري يعقو التي تعيش في قرية تل جمعاية عن ذلك.
 
 
صعوبة وشدة تذكر المجزرة
قالت مريم يعقو عن ذكريات والدتها وجدتها في المجازر التي حصلت، "لقد نفذ العثمانيون حملات إبادة جماعية كبيرة بحق شعبنا وقتلوا الكثير من الناس، كما أن بعضهم فقدوا حياتهم في طريق رحلة الهرب والهجرة إلى العراق وسوريا من العطش والجوع. لم يتخلصوا من الهجمات في العراق أيضاً، لذا توجهوا إلى سوريا واستقروا على ضفاف نهر الخابور، حيث يعيش الآشوريون منذ أكثر من 88 عاماً. لقد قطعوا رؤوس أبناء شعبنا بشكل وحشي وقتلوهم بالسيوف. لقد ارتكب العثمانيون المجازر وفرقوا شعبنا، فاستقر بعضهم هنا. واحدة من أكثر أساليب المذابح وحشية والتي لا يمكن لأحد أن ينساها، هي بقر بطون الحوامل بالسيوف وإخراج أجنتهن، وفي بعض الأحيان قتلهم معاً".
 
المجازر التي ارتكبتها عصابات داعش بحق الأشوريين
وأضافت مريم يعقو "عندما دخلنا إلى الأراضي السورية واستقرينا في تل تمر، كانت الزراعة مصدر دخلنا الرئيسي. لذلك عملنا ليل نهار، فتزوج أبناؤنا وأنجبوا أطفالاً وأحفاداً وبهذا الشكل تمكنا من زيادة أعدادنا حتى لا نباد هنا أيضاً. ولكن مع اندلاع الحرب السورية بدأت الهجرة، وهاجر معظم الآشوريين إلى الخارج بسبب عمليات القتل والخطف، ومع اختطاف 200 آشوري في 23 شباط/فبراير عام 2015 واجهنا مجزرة أخرى. لقد عانينا الكثير وتألمنا جداً عندما رأيناهم يختطفون النساء والرجال والأطفال والشيوخ. كما أحرق داعش قرانا، أحرقوا الكنائس وفجروها بالقنابل، لقد شعرت حينها أننا نتعرض لمجزرة أخرى".
 
"مرة في تركيا، والآن هنا أيضاً يريدون إبادتنا" 
ذكرت مريم يعقو أن مراكز المرتزقة التابعين للاحتلال التركي تقع على مقربة ثلاثة كيلومترات فقط من قريتها ووصفت أعمالهم وممارساتهم بالقول "هاجمتنا الدولة التركية مرة أخرى قبل عام ونصف، ليس لدينا شيء، نحن فقط نملك الإرادة. لن نتخلى عن أرضنا ومنزلنا ولن نتركه للمحتلين، لقد ولدنا هنا وسنموت هنا أيضاً. لقد احتلت عصابات الدولة التركية أرضنا التي تبلغ مساحتها 6 دونمات والتي زرعناها بساتين فاكهة. ليس للدولة التركية أي حق على أراضينا، ولتعلم الدولة التركية أن الأرض التي نعيش عليها هي أرض أجدادنا. دمروا كنائسنا في تركيا، أليس من حقنا أن نطالب بحقوقنا؟ هذه هي المرة الثانية التي تهاجمنا فيها تركيا وتريد إبادتنا، مرة في تركيا ضد أجدادنا والآن تريد إبادتنا هنا. نحن لا نريد أن تتكرر المجازر". 
 
"يجب إيقاف المجازر"
وختمت مريم حديثها بالقول "لا نريد تكرار الأحداث والمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني والآشوري والسرياني في تركيا، فوجودنا وعدمه سيكون على هذه الأرض".