يوم مع النساء في الهضاب

تواجه نساء القرى التابعة لمدينة جولميرك العديد من الصعوبات أثناء توجههن إلى الهضبة لحلب الأغنام، نتيجة وعورة الطرقات الأمر الذي يعرض حياتهن للخطر.

مدينة مامد أوغلو

جولميرك ـ تتوجه النساء اللواتي تعملن في حلب الأغنام في مدينة جولميرك بشمال كردستان، إلى الهضبة من بداية فصل الربيع حتى بداية فصل الخريف لتحلبن الماشية وتقضين نصف يومهن على الهضبة وهن تقمن بعملهن، بعد أن تستيقظن في ساعات الصباح الباكر وتقمن بأعمالهن المنزلية.

 

تعيش النساء وفق الحياة الكومونالية

في مدينة جولميرك التي لا تملك النساء فيها فرص العمل بخلاف تربية الحيوانات والنحل، تذهب النساء إلى الهضبة لحلب الأغنام يومياً حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر، وتعتبرن ذلك من تقاليد وثقافة المنطقة كما تكسبن قوت يومهن من هذا العمل وتحضرن من خلاله مؤونة فصل الشتاء، وعلى الرغم من صعوبة ومشقة الطريق، إلا أنهن تسرن فيه بحيوية ونشاط كما تنشدن الأغاني والدبكات على الطريق لجعله أسهل، وتعملن معاً بشكل كومونالي.

وتوجد في كافة قرى كفر تقريباً نساء تمتهن حلب الماشية وتعملن بها. إن الطرق التي كانت تسلكها النساء للوصول إلى الهضبة في الماضي بالخيول والآن بالمركبات بعيدة جداً، ولا تزال تستخدم الخيول في بعض الهضاب التي لا يمكن للمركبات الوصول إليها، ومن إحدى القرى التي تذهب النساء إلى هضباتها بواسطة الجرارات هي خرفاتا (بوتوكجفتليك)، فبعد قيامهن بأعمالهن المنزلية، تستقلن الجرار وتتوجهن إلى الهضبة من خلال عبور طريق طويل، ومخيف كذلك.

وتواجه النساء على هذه الطرقات صعوبات عديدة كونها منحدرة ومليئة بالحفر الأمر الذي يعرض حياتهن للخطر نتيجة تجاهل البلديات لمطالبهن في إنشاء طريق لهن، وذكرت هؤلاء النساء بأن هذا الطريق يستغرق حوالي 40 دقيقة، كما تجبرن على تغطية وجوههن حتى أعينهن لحمايتها من الغبار المتصاعد على الطريق.

وبعد الانتهاء من هذا الطريق الصعب، والوصول إلى هضبة "ميدانا بلك"، تقوم النساء قبل البدء بعملهن، بإخراج كافة الأطعمة التي أحضرنها من المنزل وتتناولن الطعام مع بعضهن البعض، ومن ثم تقمن برقصات على الأغاني التي تنشدنها معاً، وبعدها تبدأن بعملهن في حلب الأغنام والذي يستغرق قرابة ساعتين.

 

"الهضبة محظورة منذ سنوات"

قالت إحدى النساء اللواتي تعملن في حلب الأغنام خديجة إرن إنها تكسب قوت يومها من خلال بيع الحليب أو صناعة الجبن، وعن صعوبة الطريق تقول إن "الهضبة مكان جميل ورائع لنا ولماشيتنا كون مناخها معتدل، الجانب السلبي الوحيد هو أن طريقنا بعيد وسيئ بعض الشيء، نتعب كثيراً حتى نصل إلى الهضبة، لكننا مجبرون على ذلك لأنه لا يوجد عشب في القرية لإطعام ماشيتنا".

وأضافت "نأتي بماشيتنا إلى الهضبة من أجل إعطاء المزيد من الحليب، ومن ثم نأخذ الحليب إلى القرية ونصنع منه إما الجبن أو الزبدة ونبيعها، على الرغم من صعوبة عملنا، إلا أننا اعتدنا عليه من أجل تأمين احتياجاتنا من خلال المال الذي نجنيه".

وأشارت إلى أن هذه الهضبة بقيت محظورة لسنوات، وبسبب هذا الحظر لم يكن بإمكان النساء الذهاب إليها، وبعد مرور 10 سنوات أصبحن تذهبن إليها من جديد "بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهنا على الطريق، إلا أنها تبقى أرضنا وهضبتنا التي لا غنى لنا عنها، كما أننا لا يمكننا رعاية أغنامنا في القرية. إن ذهابنا يومياً إلى الهضبة ليس مجرد عمل وحسب، بل إنه جزء لا يتجزأ من طبيعة الحياة التي نعيشها هنا".

 

"عندما نكون معاً ننسى مشاكلنا"

بدورها قالت فيدان دوروك إن تواجدهن معاً خلال هذه الأوقات الصعبة المليئة بالتعب يمنحهن القوة والإرادة، لافتةً إلى أنهن تقمن بعملهن وتساعدن بعضهن البعض "نأتي إلى هنا في الصباح الباكر، ونصل إلى المنزل في المساء، الطريق الذي نسلكه للهضبة سيء للغاية، في كل مرة نذهب إليها تغطينا الغبار بالكامل، ولكن عندما نصل ننسى كل تلك الصعوبات التي مررنا بها ونتشارك معاً الأحاديث في محاولة التخفيف من التعب، كما نساعد بعضنا أثناء حلب الأغنام"، مشيرةً إلى أن حلب الأغنام وتربية الحيوانات مصدر دخلهم الوحيد في القرية.