عيد إيزي: نعمة وبركات الشروق

بداية دوران العالم حول الشمس خلق الحياة على الأرض وعلى الكون كله، وخلقت نعمة الشمس، الفصول، والأقمار، لجميع الكائنات الحية. عيد إيزي الذي يتم الاحتفال به بعد صيام ثلاثة أيام، هو عيد واحتفال بنعمة شروق الشمس وبركاته.

ستي روز

شنكال ـ لدى البشر معرفة قوية بالطبيعة. تلك المعرفة هي التي تجعل الناس يفهمون الطبيعة، وتبني الروح الاجتماعية والتواصل الاجتماعي وتوحد الإيمان. ومن خلال معرفة حقيقة الطبيعة تمكن الناس عبر التاريخ من الوصول إلى اليوم الراهن من خلال الطقوس الدينية. يعتقد الإيزيديين أن مفهوم الإيمان والمعتقد لديهم مشابه للآريين. حيث تشكل وحدة المعتقد والحياة وحقيقة الطبيعة الخلايا الجذرية للتنشئة الاجتماعية.

أحد الأعياد الرئيسية في الديانة الإيزيدية والذي يحتفل به بعد ثلاثة أيام من الصيام هو عيد إيزي. يؤمن المجتمع الإيزيدي أنه في أي وقت يرغب الإنسان فيه يمكنه الصوم لإرضاء الله. يستخدم الإيزيديون اسم إزدا للرب. يعتقد الإيزيديون أن إزدا هو أحد أسماء الله المعطاة للإيزيديين. يقولون إن الرب حصل على كل أسمائه من سره ومعجزاته. لهذا يصوم الإيزيديون من أجل سر ومعجزة الرب في الكون. أي أن الصوم يتم من أجل إزدا الرب.

 

لا يتم إراقة الدماء لمدة ثلاثة أيام ولا تقطع الزهور والأشجار

وعن صيام وعيد إيزي قالت الأم ميان شنكالي "يبدأ الناس بصوم إيزي في بداية أول أربعاء من الشهر الثاني عشر. وهو يدل على شروق الشمس الفعلي. يعلم العلماء أوقات جميع أيام صيامنا وأعيادنا. هؤلاء الناس يفهمون لغة الطبيعة أكثر من غيرهم. تتم الاستعدادات لصيام إيزي يوم الثلاثاء. لا يقتل أو يذبح أي حيوان أثناء فترة الصيام، أي يجب عدم إراقة الدم خلال أيام الصيام الثلاثة ويوم العيد. لهذا السبب قبل يوم الصيام تذبح الأغنام وتحضر للطعام. كما لا يمكن قطع شجرة أو زهرة أو شجيرة".

 

مسار العالم الذي يدور حول الشمس

وصيام إيزي يعني بداية دوران العالم حول الشمس، وخلق الحياة على الأرض وعلى الكون كله، وخلقت نعمة الشمس، الفصول، والأقمار، لجميع الكائنات الحية. ينظر الناس إلى الشمس ويحددون الوقت من اليوم. كما عرف المجتمع الإيزيدي أيضاً خلق العالم في هذه المرحلة، وآمن بكل مكونات الكون. لقد اعتبروا أن تكوين أربعة فصول في السنة في جميع أنحاء العالم نعمة عظيمة. ويعتبر علاقة الشمس بالأرض أمراً مقدساً. يؤمنون بحقيقة أن الحياة في الكون تقوم على الشمس، فلا حياة بدونها. يعتبرون الأسبوع الأول من الشهر الثاني عشر كارثة باعتباره يحتوي على أقصر يوم في العام. حيث يعتقدون بأن الشمس قد خاصمت الحياة، والناس، وأن الطبيعة قد أفسدت. خاصة عندما يكون الكون في أدنى نقطة له وقريباً جداً من السماء، يتسارع دوران العالم حول الشمس وتصبح الأيام أقصر. وبحسب الوقت يدل هذا الشهر أيضاً على بداية فصل الشتاء. لا يتبع الإيزيديون التقويم الحالي بل يحسبون الفصول حسب الشمس. لذلك، يتخذون أول يوم أربعاء من شهر كانون الأول/ديسمبر بداية لتقويمهم.

 

الخير والبركات على الأرض

يرى الإيزيديون أن قصر اليوم هو بداية كارثة، ويبدؤون بالصوم لتصحيح الوضع. ويصلي المجتمع الإيزيدي من أجل إزدا أمام "الأضرحة المقدسة"، ويواجهون الشمس ويغنون الأناشيد الدينية، ويرتلون صلوات وأدعية مثل "سامحنا، احمي الناس والطبيعة من الكارثة". عند الصيام يستيقظون مع شروق الشمس فيشعرون بالقرب من الشمس. في نهاية اليوم الأول من الصيام يستمر غروب الشمس لمدة 10 دقائق، وفي اليوم الثاني يتضاعف الوقت، وفي اليوم الثالث يكون اليوم أطول بثلاث مرات. يعتقد الإيزيديون أن الشمس قد غفرت للعالم، وستمطر بركاتها على الأرض مرة أخرى، مما يجعلهم سعداء للغاية. وقد أطلقوا على العيد الذي يحتفلون به عيد إيزي.

 

الأربعاء الأول من شهر 12 كانون الأول

لفتت ميان شنكالي الانتباه إلى الصيام في المجتمع الإيزيدي وذكرت أنه يتم صوم إيزي في أول أربعاء من الشهر الثاني عشر من قبل الفقراء "نحن نصوم صوم إيزي مع الفقراء لأنهم يصومونه في وقته. كان الصوم الإيزيدي يجمع كل الإيزيديين معاً. لكن مع مرور الوقت، تم تغيير هذا من قبل بابا شيخ وهو أعظم سلطة روحية للإيزيدية. الإيزيديون يقولون للصوم الذي حدده الأب الشيخ "الصوم الوطني". هذا الصوم ليس وفقاً للشمس بل وفقاً للتقويم الذي تحدده الدولة. يقام الصوم الوطني في يوم الأربعاء الثاني من الشهر الثاني عشر".

 

دورة وشروق الشمس

كما يقول بعض الإيزيديين أن هذا التقسيم لم يكن من قبل بابا شيخ بل أنشأه الشيخ إلياس قبل 50-60 عاماً نتيجة لاتفاق في مصر. الإيزيديون الذين هم غرباء عن العلاقات السياسية والدولة، لا يعطون الكثير من الأهمية لهذه الاتفاقية التي أبرمها الشيخ إلياس. الإيزيديون الذين يرون قرار الشيخ إلياس هذا صحيحاً، يصومون ويحتفلون بهذا الصيام وعيد إيزي حسب الحسابات المصرية. تصوم الطبقة الفقيرة وفقاً لدورة الشمس وشروقها، ويعتقدون أنه العيد والصيام الأكثر أهمية.

وعن الطقوس التي يتم اتباعها خلال صيام إيزي تقول ميان شنكالي "يتم تحديد الصيام حسب الحي الذي تقطن  فيه والجيران. أي إذا كان جارك من الطبقة الفقيرة، فإنك تصوم أيضاً، إذا كان جارك صائماً، فأنت تصوم كذلك. حقوق الجيران مهمة عند الإيزيديين".

 

تقديم الصدقة من أجل الموتى "العطية"

في الصوم يتم توزيع الطعام للتصدق على روح الميت أو ما يسمى "عطية" على العائلات المحتاجة. يتم تحضير أطعمة مختلفة لكل يوم من أيام الصيام. في اليوم الأول يدعى الأصدقاء والجيران لتناول اللحوم الحمراء. في اليوم الثاني يتم صنع الكبة في كل منزل تقريباً. في اليوم الثالث يطبخون أمعاء الذبائح.

 

"زايين"

خلال هذا الصيام وبحسب إحدى الطقوس، يجب على "زايين'' أو الأم، إحضار ابنتها المتزوجة إلى منزلها. تصوم النساء في منزل أمهاتهن. ومعنى "زايين" الفتاة التي ولدت في ذلك البيت. حتى إذا كانت المرأة متزوجة منذ 20 عاماً، عندما تأتي إلى منزل والدتها، فإنها تصبح "زايين". حتى لو لم تأتي إلى منزل أهلها كـ "زايين"، فإنها تأتي إلى منزل والدتها في العيد. تُمنح الهدايا لـ "زايين" ويمكنها العودة إلى منزلها في نهاية يوم العيد.

 

عندما تشرق الشمس يتوجهون إلى زهمران ويصلون

بعد 3 أيام من الصيام يتم الاحتفال بالعيد. وعن الاحتفال بعيد إيزي تقول ميان شنكالي "في اليوم الأخير من الصوم، تتم زيارة زهميران أو المقابر. مع غروب الشمس تضاء الشموع في المقابر. تم إنشاء طرق إلى جميع المراقد المقدسة ويذهب جميع الإيزيديين في شنكال لزيارة المقابر صباح العيد. عندما يذهبون إلى زهميران يجلبون معهم الكثير من الطعام، ويقدمونه للأشخاص الذين زاروا المقبرة ويقدمون التهاني للمجاورين الذين يحرسون المقبرة".

 

هم متحدون حول الإيمان

خلال أيام الصيام يجتمع الأهل والأقارب، وفي العيد يتعانق المتخاصمون مع بعضهم البعض.

تمنت الأم ميان شنكالي أن يتحد المجتمع الإيزيدي بأكمله حول عقيدتهم "لقد خلق الأعداء الكثير من الفساد بيننا. يريدون أن يجعلونا أعداء لبعضنا البعض. يجب أن نرد على هذا. العديد من الإيزيديين وأصدقائنا معتقلين بلا جريمة أو ذنب، أطالب بإطلاق سراحهم في هذه المناسبة وفي هذا العيد. أتمنى عيد إيزي سعيد على كل الإيزيديين".