يارا الزيناتي: النساء هن الأكثر عرضة للفساد المبني على النوع الاجتماعي

"إساءة استعمال السلطة للحصول على منفعة قد تكون جنسية تتعرض لها النساء من قبل موظف يشغل سلطة، وذلك من الصعب التبليغ والإفصاح عنه كالتهديد، الابتزاز، التحرش"، هذا ما أوضحته يارا الزيناتي عن الفساد المبني على النوع الاجتماعي.

نغم كراجة

غزة ـ أكدت منسقة مشروع "نِد" يارا الزيناتي على وجود قصور في ممارسة وتطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد المبنية على النوع الاجتماعي، مشددةً على أن تجريم كافة أشكال الفساد الاجتماعي يساهم في تحقيق العدالة والإنصاف للنساء الفلسطينيات.

يعتبر الفساد من أبرز الآفات التي تواجه المجتمعات في عصرنا الحالي وخاصة المجتمع الفلسطيني، والنساء هن الأكثر عرضة للفساد المبني على النوع الاجتماعي، ومن المفترض وجود استراتيجيات وسياسات للحد من هذه الآفة، وتكاثف الجهود لفضح ممارسات الفساد بحق النساء في جميع القطاعات.

وقالت منسقة مشروع "نِد" نساء ضد الفساد يارا الزيناتي "أبسط تعريف للفساد هو سوء استخدام السلطة الممنوحة في المنصب العام لتحقيق مصالح ذاتية على حساب المصلحة العامة، أما بالنسبة لمصطلح الفساد المبني على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له النساء يكمن في إساءة استعمال السلطة للحصول على منفعة قد تكون جنسية من قبل موظف يشغل سلطة، وذلك من الصعب التبليغ والإفصاح عنه كالتهديد، الابتزاز، التحرش...الخ، أو يعيق وصولها للعدالة والوظائف".

وأضافت "لا شك أن الفقر وارتفاع نسبة البطالة من أهم التداعيات والأسباب في ممارسة الفساد ضد النساء، وهن أكثر فئة معرضة له، ولا زالت المرأة تعاني من حرمانها لحقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية رغم أنها تناضل من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين والعدالة".

وأوضحت يارا الزيناتي المخاطر والآثار المترتبة على الفساد الاجتماعي، فتقول "بشكل عام الفساد له آثار سلبية كبيرة على المجتمع فمن بيده السلطة يحرم الأشخاص العاديين حقوقهم وعدم حصولهم على فرص عمل متساوية، كذلك يعملون على تهميش الفئات الأقل حظاً بشكل أكبر من المجتمع كالنساء والأطفال، وبما أن النساء هن المتصدرات في تلقي الخدمات والمعيلات لأسرهن في جميع القطاعات فإن تعرضهن للفساد المبني على النوع الاجتماعي يقلل من فرصة حصولهن على الخدمات، وأحياناً تضطر للسكوت عن الفساد مقابل أن تحصل على خدمة معينة".

وعن التدابير الوقائية لمنع الفساد المبني على النوع الاجتماعي، تقول "إن أردنا التحدث عن التدابير الوقائية سنركز على المؤسسات سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وبشكل عام تعزيز قيم النزاهة من خلال إيجاد مدونة سلوكيات وأخلاقيات العاملين في المؤسسة، وسياسة لتضارب المصالح ومنع الهدايا، ولابد أن يكون هناك سياسات يضمن وجودها في المؤسسة مثل آلية التبليغ عن قضايا التحرش أو الرشوة الجنسية أو أي نوع من أنواع وأشكال الفساد الاجتماعي. ثانياً يجب أن تحرص المؤسسة على أن تكون البيئة مناسبة وآمنة للنساء، وفي نفس الوقت يلزم وجود إجراءات عقابية للمعتدين وعدم التهاون".

وأضافت "التدابير الوقائية لمنع الفساد الاجتماعي لا تقتصر فقط داخل المؤسسة بل أيضاً على المستوى الخارجي في المجتمع مثل تنفيذ حملات مناصرة حول التوعية عن الفساد المبني على النوع الاجتماعي، وورشات معينة وأنشطة تثقيفية عن الحالات التي تعرضت للفساد الاجتماعي من أجل معرفة التدابير الوقائية اللازمة والحد منه".

ونوهت إلى أنه لابد من تطوير نظام الشكاوى للنساء في المؤسسات مع مراعاة السرية والخصوصية، لأن غالبيتهن لا يقدمن شكاوى خوفاً من عدم تلقيهن الخدمة، والسبب الرئيسي هو عدم التوعية نحو الفساد الاجتماعي مما يدفعهن للصمت، لافتةً إلى أن "هناك قانون لحماية المبلغين لكن حتى الآن لا يوجد آليات رادعة، والقانون ضعيف تجاه عدم إفلات المعتدين من العقاب، ولازالت التحديات موجودة في القانون مما يجعل المفسدين يتمادون أكثر".

وأما عن مشروع "نِد" فأوضحت يارا الزيناتي أنه "تم إطلاق المشروع من قبل الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، بالشراكة مع مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي وبدعم من الاتحاد الأوروبي، ويركز المشروع بشكل أساسي على ثلاث خدمات رئيسية وهي خدمات الصحة، التعليم، التنمية الاجتماعية، ويهدف إلى تسليط الضوء على الفساد من النوع الاجتماعي والحالات التي تتعرض لها النساء خلال تلقيهن الخدمات، وما هي التدابير اللازمة لاتباعها داخل المؤسسات والوزارات التي تستهدفها".

وأشارت إلى أن "في السنة الأولى للمشروع عملنا مع وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة لرفع الوعي وإنتاج المعرفة، فقد أعددنا مجموعة من التقارير والدراسات التي تتحدث عن الفساد المبني على النوع الاجتماعي"، لافتةً إلى أنه "في نفس الوقت نعمل مع وحدة الشكاوى المتخصصة مع كافة الوزارات حتى ندرك آليات معالجة هذه الظاهرة، وعلى صعيداً آخر نعمل مع مؤسسات قاعدية كجمعية الدراسات النسوية في إطار تمكينهن على رفع مستوى الوعي نحو الفساد المبني على النوع الاجتماعي".

وأضافت "بإمكان الجميع الرصد والمشاركة وإرسال أي ملاحظات أو طلب استشارة أو مناصرة عبر تطبيق "أمان" من خلال رقم مجاني، كما يوفر التطبيق أخباراً متعلقة بمكافحة الفساد".

وأكدت يارا الزيناتي على أن "توفير حاضنة قابلة لحماية النساء اجتماعياً وثقافياً تقوي انخراطهن لبذل جهود أفضل وأكبر في مكافحة الفساد المبني على النوع الاجتماعي، كما يجب أن تدرك النساء أهمية دورهن في الإبلاغ وتقديم الشكاوى واشراكهن بشتى الجهود بهدف تعزيز الوصول لحقوقهن، والمساهمة في تحسين مستوى الخدمات التي تقدم لهن".

وتقول وفا راضي 26 عاماً "بعد تخرجي من الجامعة واكتسابي الخبرات تقدمت لوظيفة معلن عنها، وعند الذهاب للمقابلة الشخصية سألني أحد الموجودين في اللجنة هل لديك واسطة؟، تفاجأت بالرد وبعد اعتراضي على سؤاله، أجابني أنه ليس بمقدوري في بعض الأحيان الحصول على كأس مياه دون أن يكون بحوزتي واسطة أو رشوة".

بينما قالت سمية مسلم "عندما قدمت طلباً على منحة دراسية خارج البلد مستوفية كل الشروط والمعايير ظننت أنني سأحصل عليها، لكن مسؤول الأكاديمية كان له رأي آخر بأن ابن صديقه هو الذي حصل على المنحة رغم أنها خارجة عن الشروط والمعايير المطلوبة، وفي كلا الأحوال لا يمكنني الاعتراض على أصحاب القرار كوني فتاة تقطن في منطقة مهمشة".