"وزيرة الإيجابية"... تحدت الإعاقة البصرية وقدمت برامج داعمة

سارة النجار تحدت إعاقتها البصرية واجتازت العراقيل المجتمعية من خلال رفضها أن تكون مكتوفة الأيدي بلا عمل تنتظر تعاطف الآخرين، لتبصر أحلامها وأهدافها النور وصولاً للعالمية.

نغم كراجة

غزة ـ سارة النجار "وزيرة الإيجابية" كما يلقبها البعض، تمردت على أن تكون ضمن دائرة ذوات الاجتياحات الخاصة اللواتي يرفض المجتمع تقبلهن كفتيات طبيعيات، وخرجت من قوقعة العجز والهزيمة منذ صغرها حتى وصلت لمراتب عليا سواء في دراستها أو مشاركتها الاجتماعية.

قالت سارة النجار البالغة من العمر 26 عاماً "لست ممن تقفن في أماكنهن تنتظرن تعاطف الآخرين، لقد قاومت الضعف ودرست في مدارس حكومية لمدة 11 عام، ولم يشعر أحد أنني من ذوات الإعاقة البصرية نظراً لتفوقي الدراسي إلى إن حصلت على معدل 96% الأمر الذي أدهش الجميع وزادني قوة على الاستمرارية"، موضحةً أن هذه الإعاقة هي وراثية رافقتها منذ ولدت.

وأضافت أنها كانت تقضي ما يقارب ١٢ ساعة دراسية يومياً؛ لصعوبة القراءة بواسطة العدسة المكبرة، حيث كانت تستغرق في قراءة وفهم الصفحة الواحدة مدة تتجاوز ١٥ دقيقة بجانب المواد المسموعة والصوتية، وبينت أن لعائلتها الدور الأكبر في اجتياز المراحل الصعبة من حياتها ودعمهم المستمر لتحقيق أهدافها وطموحها.

مشيرة إلى أنها خريجة بكالوريوس صحافة وإعلام، وتسعى للحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه في التوقيت الحالي، لافتةً إلى أنها نموذج داعم لنساء وفتيات وذوات الإعاقة "من شدة الانتهاكات الواقعة على ذوات الاحتياجات الخاصة شعرت بمسؤولية الوقوف بجانبهن لذلك كانت أول أعمالي الإذاعية برنامج يحمل اسم "جواهر مخفية" وكنت أستضيف كل حلقة فتاة أو امرأة من ذوات الاحتياجات الخاصة تحمل كل منهن هواية أو موهبة أو قصة نجاح من باب تشجيعهن على الاستمرار، وكذلك تغيير الصورة النمطية لدى بعض الأشخاص".

وأشارت إلى أنها اختصت في المجال الإذاعي كونه مسموعاً ويعتمده ذوي الاعاقة البصرية لمتابعة الأخبار والبرامج "عملت في أول إذاعة أنشئت للمكفوفين في قطاع غزة وهي إذاعة شمس، ومن خلالها تمكنت من إعداد البرامج التي تطالب بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمهم وبث الإيجابية في نفوسهم؛ لإدماجهم في المجتمع بشكل طبيعي خاصة أن غالبية الأشخاص يمتنعون عن الجلوس بالقرب من فتيات ذوات احتياجات الخاصة، مما زادهن عدم الرغبة في استمرارية دراستهن وأعمالهن".

وأضافت إن "من خلال مشاركتي في القضايا المجتمعية، وتسجيل فيديوهات وصوتيات تختص بذوي الإعاقة؛ لتحفيزهم ومساندتهم، كذلك سلطت الضوء على النساء اللواتي تعانين من الظروف الاقتصادية الصعبة والعادات الاجتماعية القاسية التي باتت تحد من وجودهن على الساحة العامة، ومن هنا أطلق عليّ لقب وزيرة الإيجابية خاصة بعد شهرتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وإقبال العديد لمراسلتي وأخذ المشورة والنصيحة".

وأوضحت أنها حققت إنجازات كبيرة لم يحققها الأشخاص الأصحاء، حيث تعينت مديرة الإنتاج الإذاعي في جمعية الثقافة والفكر الحر، ومنسقة الإعلام في جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، كذلك دربت الكثير من الشبان/ات مهارة الإلقاء الإذاعي، وإعداد البرامج المميزة.

وبينت أن من أكثر المواقف التي تراها انتهاكاً واضحاً بحق ذوي الاحتياجات الخاصة، عند ركوبهم في سيارة الأجرة حيث يتعمد السائق تلفظ الكلمات المهينة عند نزول المكفوفين من سيارته ويصفهم بالعميان، الذين يحتاجون إلى العطف والشفقة "من هذا الموقف قررت تنفيذ ورشات وندوات توعوية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والاعتناء بهم، كذلك نظمت العديد من حملات الضغط والمناصرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واخترت أن أروي قصة نجاحي كي يعلم الجميع أننا طاقة ولسنا إعاقة".

وأضافت "عملت على إنتاج فيديوهات مصورة تحمل في محتواها الإيجابية ودور ذوي الإعاقة في المجتمع وأهمية انخراطهم به، وكيفية التعامل أثناء الجلوس معهم، وتمكنت من استضافة العديد من الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة خلال التصوير بهدف إيصال الصورة الحقيقية، وتغيير المفاهيم الخاطئة التي أخلفتها العادات والموروثات الأبوية التي ترى أن الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة وصمة عار على العائلة والمجتمع، وتحرمهن حقوقهن وتقيد حريتهن".

وأشارت إلى أنها تطمح أن تصبح الفتاة المثالية على مستوى أكبر من المجتمع الفلسطيني، من أجل تعزيز صمود ذوات الاحتياجات الخاصة، وتنمية قدراتهن التي تلتزمن الصمت عنها جراء إعاقتهن، كذلك تسعى للوصول إلى مراتب عليا في عملها بعد تحصيل رسالة الماجستير التي لم يتبقى عليها سوى أشهر قليلة، ووجهت رسالة للفتيات عامة "أحببنّ أنفسكنّ وعززنّ وجودكن دون النظر للظروف والأوضاع وستثمر طاقاتكن في خلق مشاريع ذات قيمة، وأثر الفراشة لا يرى ولا يزول".

وجاءت المادة رقم (٦) من اتفاقية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة عام 2006 بإقرار الدول الأطراف بأن النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة تتعرضن لأشكال متعددة من التمييز، وأنها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتعهن تمتعاً كاملاً وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأن تتخذ جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها حقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في هذه الاتفاقية والتمتع بها.