وفاء خاطر... الفلسطينية الأولى في فيزياء الجسيمات الدقيقة

"تاريخياً وفي معظم المجتمعات سواء المتقدمة علمياً أو النامية، عدد الفتيات والنساء اللواتي يتخصصن في العلوم الطبيعية أقل من نظرائهن الذكور خصوصاً في المستويات العليا من التخصص"

تحرير بني صخر
رام الله ـ هكذا تقول أول فلسطينية في فيزياء الجسيمات الدقيقة وفاء خاطر.
وفاء خاطر من قرية عين سينيا في مدينة رام الله، أنهت المرحلة الثانوية (الفرع العِلمي) في عام 1993، ثم تخرجت بالدرجة الجامعية الأولى، بكالوريوس الفيزياء من جامعة بيرزيت في العام 1998، لاحقاً أنهت دراستها العُليا في الماجستير والدكتوراة في معهد الفيزياء والتكنولوجيا في جامعة بيرغن في مملكة النرويج في عام 2003. 
كما تعمل منذ عام 2004 كعضو هيئة اكاديمية في دائرة الفيزياء في جامعة بيرزيت، وشغلت منصب رئيسة دائرة الفيزياء ومديرة برنامج الماجستير فيها بين عامي (2013 ـ 2016). 
وحدثتنا الدكتورة والفلسطينية الأولى في فيزياء الجسيمات الدقيقة وفاء خاطر في حوار معها، عن مسيرتها التعلمية والصعوبات التي واجهتها.
 
كأول فلسطينية تخصصت في مجال فيزياء الجسيمات الدقيقة، هل لكم أن تعرفونا عن هذا المجال؟
تخصصي الدقيق في أبحاث مرحلة الدكتوراة وما بعدها هو فيزياء الجسيمات الدقيقة والمسارعات عالية الطاقة، كما أنني أول فيزيائية فلسطينية تتخصص في هذا المجال، حيث أن الدراسات التي عملتُ عليها، لها تطبيقاتها في التجارب التي تُجرى في مسارع الهادرونات الكبير(LHC) في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN). هذا العِلم يبحث في الجسيمات الدقيقة ما دون الذرّة، التي منها يُبنى الكون ومكوناته وكيف تترابط هذه الجسيمات فيما بينها بواسطة قوى طبيعية مختلفة لتشكل ما نراه من مواد وأجسام كبيرة. 
وتركزت أبحاثي النّظرية حول جسيم يعرف باسم "هيجز بوزون"، حيث أنه لم يكن مكتشفاً في ذلك الوقت، لكن النظريات تنبأت بوجوده في الكون وقد درستُ خصائص هذا الجسيم وعلاقته باختلال قانون حفظ الشحنة والانعكاس المكاني في التصادمات عالية الطاقة بين الجسيمات.
 
لماذا اخترتم الدخول في هذا المجال من العلوم؟
اهتماماتي في الأبحاث، ولدي نشاطات في مجال العلوم في المجتمعات النامية، وكذلك الرصد الفلكي. 
وقد ساهمت زياراتي العلمية للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN) منذ عام 2007 في توفير فرص تعاون تفيد الأجيال الجديدة من الخريجين والخريجات الفلسطينيين للالتحاق بهذا التخصص الدقيق، وحالياً هناك الكثير من قصص النجاح لعلماء وباحثين وباحثات شباب سواء في القسم التجريبي أو القسم النظري من هذا التخصص. 
ولدي منحة زمالة منتظمة للمركز العالمي للفيزياء النظرية (ICTP) في شمال إيطاليا، وأنا عضو في منظمة النساء في العلوم في المجتمعات النامية (OWSD) وعضو هيئة تنفيذية للذراع الفلسطيني لهذه المنظمة، كما أنني عضو مؤسس في مجموعة علماء من أجل فلسطين (Scientists for Palestine) وكذلك عضو في مؤسسة تشارك المعرفة (SKF).
 
 ما هي الصعوبات التي واجهتكم خلال مسيرتكم العلمية؟ 
خلال مراحل الدراسة، كان هناك بعض الصعوبات المادية، فأنا من عائلة ذات إمكانيات مادية متواضعة، ولكن حصلت على منح دراسية متعددة لاستكمال دراستي، وكان هناك بعض الصعوبات المجتمعية، خصوصاً في مسألة السفر خارج فلسطين بهدف استكمال الدراسات العليا والعيش في ثقافة غربية، ولكن الدعم من العائلة كان له أثراً إيجابياً، وكذلك صعوبات السفر بسبب الوضع السياسي في فلسطين والقيود على إجراءات الحصول على الفيزا وعدم وجود مطار فلسطيني.
خلال العمل، هناك تمييز "غير مكتوب"، لكنه ممارس في بعض الأحيان للأسف في أماكن العمل ضد النساء بشكل عام، خصوصاً وأنهن يشكلن أقلية في السلك الأكاديمي في التخصصات العِلمية، ومن الضروري العمل على بناء قدرات نسائية في هذه التخصصات وزيادة أعدادهن.
 
لماذا تعزف الكثير من النساء عن مواصلة التقدم بهذا التخصص العلمي؟ 
تاريخياً وفي معظم المجتمعات سواء المتقدمة علمياً أو النامية، عدد الفتيات والنساء اللواتي يتخصصن في العلوم الطبيعية أقل من نظرائهن الذكور خصوصاً في المستويات العليا من التخصص، تحتاج النساء إلى دعم عائلي أولاً وكذلك القدرات والشغف نحو العلوم والبحث العلمي، وكذلك من واجب المجتمع والمؤسسات توفير بيئة مناسبة وجاذبة لهن. وفي فلسطين بشكل خاص، من الضروري أن تبدأ الجامعات بإنشاء برامج دكتوراة متينة في العلوم الطبيعية للتخفيف من القيود المفروضة على سفر النساء إلى الخارج ولتمكين الراغبات منهن باستكمال دراساتهن العليا محليّاً، فمثلاً، نرى أن عدد الفتيات اللواتي يتجهن نحو العلوم الطبيعية في مراحل التعليم الأولى (المدرسة ومراحل الجامعة الأولى) هو عدد جيد مقارنة مع نظرائهن الذكور، لكن أعدادهن في المستويات العليا في مراحل الدكتوراة أو البحث العلمي أو كأستاذات جامعيات فهو قليل جداً. 
كما أن هناك الكثير من الاهتمام العالمي مؤخراً لتشجيع الفتيات والنساء لاقتحام التخصصات العلمية منها أن منظمة الأمم المتحدة قد خصصت يوماً عالميّاً للفتيات والنساء في العلوم ابتداءً من عام 2015 والذي يصادف 11شباط/فبراير من كل عام.
والفتيات في مجتمعنا بحاجة إلى نماذج ناجحة من تجارب من سبقهن من النساء في الحقول العلمية ليقتدين بها، "المرأة القدوة في التخصصات العِلمية" أو "Role model" وهذا لم يكن موجوداً تاريخياً، أو على الأقل لم يكن موجوداً بأعداد كافية. حالياً يتغير الوضع لمصلحة النساء والفتيات، حيث أن عدد النساء الناجحات في التخصصات العلمية بازدياد.